تتمثل اهداف الفلسطينيين في العيش بسلام واقامة الدولة الديمقراطية والحياة الكريمة ورفاه اقتصادي والعيش على ارضهم, هذه اهداف أي شعب محتل على مر التاريخ, ولتحقيق هذه الاهداف يخوض هذا الشعب الحروب مع المحتل حتى يحققها, واذا استطاع ان يحقق بعضها بدون حروب فيكون ذلك خيار استراتيجي يجنب الشعب ويلات الحروب, وفي أي خطه لتحقيق أي هدف يتجنب صاحب هذه الخطة الخسائر, ورغم ان الشعب الفلسطيني منذ احتلاله كان يراهن على الدول العربية لتحريره, الا انه بعد فشل الدول العربية في ذلك قام بثورته منذ 1965 عندما بدأت الكفاح المسلح حركة فتح, ومن بعدها الفصائل الاخرى, والمؤسف ايضا ان الكفاح المسلح لم يحقق اهداف الشعب الفلسطيني, ولكن قامت انتفاضة الحجارة وحققت لنا بعض الانجازات, وبعد اتفاق اوسلوا الظاهر ان الاسرائيليين بدأوا يتهربون من الاستحقاقات الفلسطينية, ولذلك قامت وبكل قوة الانتفاضة الثانية.
تقيم الانتفاضة الثانية هو هدف المقال, قامت الانتفاضة من اجل الضغط على الاسرائيليين لإعطائنا حقوقنا, وسرعان ما تحولت الى مواجهات دامية, اشتركت فيها كافة الفصائل, بلغ عدد الشهداء نهاية العام 2009 قد بلغ 7,235 شهيداً, لقد عاش الفلسطينيين في هذه الفترة حياة قاسية جدا ولمدة 13 عام, فكانت حياتهم جحيم لا يطاق, واصبحنا متسولين نعيش على اموال زكاة امراء الخليج ومساعدات من دول اجنبية, في فترة الـ 13 عام زادت نسبة البطالة والفقر, وفي هذه الفترة عاش الشعب الفلسطيني الحصار والعنف والاقتتال الداخلي, تراجع كبير في الاقتصاد بعد تدمير المصانع وتجريف الاراضي الزراعية التي يعيش منها مئات الالاف من الشعب الفلسطيني, لا يوجد احد الا ويتفق بأن الشعب الفلسطيني في هذه الفترة عانى كثيرا.
في المقابل على الجانب الاسرائيلي بعض مئات من القتلى, حالة ديمقراطية جيدة, تماسك مجتمعي عالي جدا, اقتصاد وصف بالاقتصاد المعجزة لدرجة التقدم الذي وصل الية, لم يتنازلوا عن أي شيء للفلسطينيين, لم يعترفوا بدولة للفلسطينيين, الاف الاسرى من المقاومين حصلت عليهم وتسجنهم, جدار عازل ابتلع اراضي الفلسطينيين ويحقق لهم الامن, خاضت حربين على غزة لم يخسروا سوى بعض القتلى وتدمير طفيف لبعض المنشئات ولم يتنازلوا عن أي شيء.
المفارقة كبيرة بين الحالة التي يعيشها الفلسطينيين في فترة الـ 13 عام والحالة التي يعيشها الاسرائيليين, يجب ان نعترف ان المقاومة المسلحة خلال هذه الفترة لم تحقق أي شيء من اهداف الفلسطينيين, لم تبني لنا الدولة المنشودة ولم تحقق لنا الرخاء الاقتصادي ولم تحقق لنا العيش بأمان وسلام, وحتى على اثرها نعيش حياة مأساوية, ويجب ان نعترف باننا نعيش حالة حرب غير متكافئة ويجب ان نعرف حجمنا, ففي السياسة يجب عليك عندما تضع اهدافك ان تقيس ذلك بقدراتك, فإذا كانت اهدافك اعلى من قدراتك فأنك ستفشل بالتأكيد, فالمقاومة تضع اهدافا لم تحقق أي شيء منها طوال هذه الفترة, فإذا كنا نخسر الشهداء والاراضي الزراعية ونخسر كرامتنا ونعيش متسولين ولم تحقق مقابل ذلك لنا المقاومة أي من اهدافنا, اذا لماذا متمسكين بها, اليس من الاجدر بنا ان نبحث عن طرق لا تكلفنا كل ذلك وتحقق لنا اهدافنا.
لذلك ان ارى ان السلام العادل كما قال الرئيس ابو مازن هو خيار استراتيجي ويجب ان نعمل على تحقيقه من خلال الوسائل السلمية التي لا تكلف شعبنا الكثير, فأننا نعرف ان السلام العادل هدف صعب ولكن نستطيع ان نحصل على القليل منه من خلال عدة وسائل, مثل الكفاح في المنظمات والمؤسسات الدولية, والضغط على اسرائيل من خلال التعاطف الدولي, والضغط على اسرائيل من خلال المظاهرات السلمية والاحتجاجية, ويجب ان نبحث عن وسائل جديدة لا تقتلنا وتحقق لنا اهدافنا, يجب ان نتعامل بعقلانية في هذا الصراع, فنحن على مدار الـ 13 عام الاخيرة ونحن نخسر وندفع الثمن والاسرائيليين يكسبون ويحققون اهدافهم, الا يجب ان نغير هذه المعادلة, تتغير في حالة واحدة وهي الطريق السلمي, فإذا اردت ان تحصل من اسرائيل على شيء بالقوة فانك لم تستطيع انت والعرب جميعا الحصول على شيء من اسرائيل بالقوة منذ عام 1948, والتوقعات اننا لن نحصل على شيء بالقوة فنحن جربناها طوال الانتفاضة الثانية ولم نحصل على شيء.
لذلك ندعم وبكل قوة المفاوضات الجارية الان بين الفلسطينيين والاسرائيليين, للحصول على حقوقنا, وخاصة ان هناك بعض العوامل لإنجاح هذه المفاوضات وللحصول على بعض من حقوقنا, وهذه العوامل هي:
• حصول فلسطين على دولة في الامم المتحدة وانفتاحها على المجتمع الدولي.
• الدعم والرعاية الامريكية بقوة كبيرة للمفاوضات وانهاء الصراع, وهناك بعض التاييد الامريكي لحقوقنا وخاصة انهم يعتبرون الاستيطان غير شرعي ويعترفون بدولة على حدود عام 1967, فلا يجب ان نفوت هذه الفرصة.
• الموقف الفرنسي الاخير بعد زيارة الرئيس الفرنسي لفلسطين واسرائيل, الذي يدعم بكل قوة انهاء الصراع, ويعتبر الاستيطان باطل ويجب إزالته, ويعترف لنا بدولة على حدود 1967.
• الموقف الاوروبي الداعم للقضية الفلسطينية وخاصة بعد ان اعلن مقاطعة البضاعة الاسرائيلية من المستوطنات.
• ازدياد عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين على حدود 1967.
• عقد هدنه مع حماس وهذا يعني ان حماس لن تعيق المفاوضات, ببعض العمليات ضد اسرائيل, مما يشجع السلطة على انجاز المفاوضات بهدوء.
• موقف نتنياهوا الاخير الذي طلب من ابو مازن كسر الجمود وزيارة الكنيست الاسرائيلي, وقال انه سيعترف بدولة فلسطين وسيزور رام الله, هذا يعني ان هناك بعض المواقف الجيدة من اسرائيل يمكن استغلالها والبناء عليها.