اعتبرت حركة "حماس" المقالة في غزة، أن تصاعد الأزمات الإنسانية في القطاع بفعل الحصار، يستهدف انتزاع مواقف سياسية منها، وأن حكومة حماس متمسكة بجميع مواقفها السياسية، وأن من ينتظر نتائج لهذه الضغوط سيفشل، حسب تصريحات المتحدث باسم حكومة "حماس" المقالة "إيهاب الغصين"، فالقطاع الذي تسيطر عليه حركة "حماس" منذ منتصف عام 2007، يمر بأزمات متواصلة أهمها نقص الخدمات الأساسية، وأزمات اقتصادية، وانقطاع الكهرباء، نقص في الوقود وغاز الطهي، توقف محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع بين الحين والآخر لتوقف تزويدها بالوقود، إلى غير ذلك من الإشكالات، هذا على الصعيد الحياتي، مما يتطلب من "حماس" مراجعة برامجها ومواقفها وترتيب أولوياتها، وعدم التهرب من واقعها، على أن تكون المصالحة وإعادة اللحمة الفلسطينية-الفلسطينية في أولوية جدول أعمالها، خاصة بعد خسارتها الكبرى من سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر، فهي بحاجة لبناء تحالفات جديدة، للمشاركة بالعمل الوطني الفلسطيني الشامل، ومع جميع القوى الفلسطينية، كي يساعدها على النهوض، ومواجهة معضلات مصيرية، فدعوة رئيس الحكومة المقالة "إسماعيل هنية" لإشراك جميع الفصائل الفلسطينية في إدارة القطاع، جاءت متأخرة، ونابعة من الأزمة التي تمر بها حماس، ويمر بها القطاع على حد سواء، وحسب أمين عام وزارة الاقتصاد "حاتم عويضة"، فإن الوزارة تخسر (230) مليون دولار شهرياً، على خلفية تدمير معظم الأنفاق التي تربط رفح الفلسطينية برفح المصرية، إضافة إلى جمود وتوقف التجارة مع مصر، إذ أن نصف اقتصاد القطاع يعتمد على الأنفاق- حسب أمين عام الوزارة.
لدى زيارته لبيروت "8-10-2013"، وعبر شاشات التلفزة، وجه رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" "خالد مشعل"، رسالة صريحة تتعلق بموقف حماس من الأزمة السورية، وقال مشعل في رسالته أن من حق الشعوب الانتفاض من أجل حقوقها، ولكن يجب أن يتم ذلك بوسائل سلمية، مؤكداً أنه ضد العنف أياً كان مصدره، وأن على هذه الجماعات التي تقاتل سورية توجيه بندقيتها إلى فلسطين، وقد فُسرت رسالته وأقواله بأنها تعكس تغييراً في موقف "حماس" من الأزمة السورية، فزيارة "خالد مشعل" المؤجلة لإيران، تبين مدى تردي العلاقات بين "حماس" و"إيران" أيضاً، فـ "مشعل" الذي كان بانتظار هذه الزيارة، اعتذرت "إيران" عن استقباله بحجة انشغالها الآن بالشأن السوري، وفي بناء علاقاتها الدولية، ولهذا يجدر تأجيل الزيارة إلى أجل لاحق، هذا كان الجواب الذي تلقاه وفد حماس إلى طهران، حينما عُرض على المسؤولين الإيرانيين طلب "مشعل" زيارة إيران لتسوية الخلافات بين الجانبين.
إن غضب "إيران" على "حماس" جاء بسبب انتقادها لـنظام "بشار الأسد"، فالعلاقات بين "إيران" و "حماس" شبه منقطعة، ويقول العارفون ببواطن الأمور أن "إيران" في عهد الرئيس "حسن روحاني" تفضل الدخول من الباب الرئيسي الدولي للشرق الأوسط، وليس عن طريق منظمات تعتبرها خاسرة كما هو الحال بالنسبة لـ "حماس"، فجريدة السفير اللبنانية نقلت عن لقاءات جمعت قيادات بارزة في "حزب الله" اللبناني وحركة "حماس" في محاولة لرأب الصدع الذي شاب العلاقات بينهما بسبب تباين رؤيا كل منهم حول الأزمة السورية، وحسب السفير فإن طهران استضافت مؤخراً لقاءات بين "حزب الله" و "حماس"، لإجراء مراجعة نقدية صريحة لكل ما حصل خلال العامين الماضيين تتعلق بتدخل "حزب الله" في الأزمة السورية لصالح نظام "الأسد"، وفي علاقة "حماس" مع إخوان مصر، إلى غير ذلك من القضايا الخلافية، وحتى تستطيع "إيران" العودة لدعم حركة"حماس" وقطاع غزة، في التصدي للتحديات الراهنة التي تعصف بالمنطقة.
علاقة "حماس" مع مصر تأثرت جداً بعد ثورة 30-6-2013 والأردن لا يسمح بفتح مكتب لـ "حماس" في عمان، وقطر-التي كانت سخية جداً مالياً مع "حماس"-أصبحت تقدم لها القليل من المال، وشريان قطاع غزة-أي معبر رفح- لا يعمل بانتظام، الأمر الذي أدى إلى وجود صعوبات في نقل مواد البناء لصالح المشاريع القطرية في القطاع، وإسرائيل تُحجم عن تزويد القطاع بالمشتقات النفطية سواء للقطاع المدني، أو لتشغيل محطات الطاقة الكهربائية، والأنفاق التي كانت تزود القطاع بمعظم احتياجاته، وتدر على حماس الملايين من الدولارات من الضريبة التي تفرض على تجارة الأنفاق انعدمت، يضاف إلى ذلك الحملة الإعلامية المصرية ضد "حماس"، والتي تتهمها بالانخراط في الأحداث التي تجري في مصر ضد الثورة المصرية.
حركة "تمرد غزة" هي مجموعة من شباب القطاع ظهرت مع الأزمة التي يعيشها أهل القطاع، متخذة أسمها من اسم "تمرد" المصرية، بعد منع حكومة "حماس"، القيام بتظاهرات سلمية أسبوعية من غزة، تطالب بإنهاء الانقسام الفلسطيني، فـ "تمرد غزة" تسعى لإجراء تحول سياسي في القطاع، كما حدث في مصر، دون وجود علاقة بين التمردين-كما يقول القائمون على "تمرد غزة"- وهي تخاطب مواطني غزة عبر الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي، فقد دعت المواطنين للتزود بالطعام لسبعة أيام، لإعلانها التظاهر في ذكرى وفاة الراحل "ياسر عرفات"، في الحادي عشر من تشرين الثاني الماضي، تُفضي إلى إسقاط سلطة "حماس" في القطاع، وفي التاريخ المعلن للمظاهرة، وعقب تهديدات واستعدادات سلطة حماس للتصدي لهذه المظاهرة بالقوة، أصدرت حركة "تمرد" بياناً في الساعات الأخيرة قبل المظاهرة، بإلغائها تفادياً لوقوع اشتباكات ولحقن الدماء، بينما امتلأت شوارع غزة وجدرانها بالشعارات التي تدعو إلى إسقاط حكم "حماس"، الأمر الذي أدى إلى ارتباك وفقدان الأمن الشخصي في القطاع.
من الملاحظ .... أن حركة "حماس" تعمل وتبذل جهوداً مضنية، لإعادة علاقاتها مع "إيران" و"حزب الله" و"مصر"، ومع دمشق، في وقت اهتزت فيه أوضاع الإخوان في السودان وليبيا وسوريا والعراق وتونس، يتطلب منها قراءة هذا الواقع إذ أن الربيع العربي كان له تأثير سلبي على تنظيم الإخوان، وهذا من حقها الطبيعي لكننا لم نسمع أي تحرك نحو المصالحة الفلسطينية، وعودة اللحمة الفلسطينية إلى ما كانت عليه، والتي يجب أن تحتل المكان الأول، والمدخل للمصالحات آنفة الذكر، ولإخراج قطاع غزة من أزماته، هو المصالحة ، حتى أن حركة حماس تحاول التصالح مع الجماعات السلفية في القطاع، وتجري اتصالات بهذا الصدد-حسب ما كشف عنه "أبو عبد الله المقدسي"- لإنهاء الخلافات مع السلفيين، بعد سنوات من الصدام الدامي، في أعقاب تردي العلاقات بينهما، وشن حماس حرباً ضروساً ضد الجماعات السلفية، قتلت بعض قادتها، وكان أبرزهم قائد الجماعة ومنظرها "أبو النور" المقدسي عام 2009 داخل مسجد "أبن تيمية" في القطاع، وإتهام "حماس" للجماعات السلفية بأنها جماعات تكفيرية، ومع أهمية هذه المصالحة لكنها ليست البديل للمصالحة الفلسطينية-الفلسطينية الشاملة.