غرق محمود عباس في مأساة المفاوضات، فانجوا أنتم بوطنكم، ولوذوا بالتغيير، وحرروا أنفسكم يا رجال فتح، واحفظوا ما تبقى من أرض، تحركوا، وارحموا محمود عباس من موته السريري على طاولة المفاوضات، وارحموا ماضيكم من التشويه، وارحموا مستقبل أبنائكم من دنس الصهاينة، فقد انتهت ملهاة عباس المأساوية، وجفت أفكاره التي حطت على رأس القرار السياسي الفلسطيني، فحطمت أغصان المقاومة، وتركتها جرداء في لفح الصحراء.
فأين أنتم يا كوادر حركة فتح؟ أين صوتكم وضميركم ونخوتكم ووطنيتكم التي غردت كرامة خلف أسوار السجون؟ أين عقولكم التي أبدعت أروع عمليات المقاومة؟ أين رشدكم من مهازل محمود عباس التفاوضية، ومن قراراته التي عصفت بالقضية الفلسطينية، والتي كان آخرها طلبه من الوفد المفاوض بأن يستمر في المفاوضات مهما فعل اليهود، ومهما توسعوا في الاستيطان، ومهما قتلوا، ومهما اعتدوا؟
إن استقالة كبير المفاوضين، وابتعاده العلني عن الطاولة التي أدمن الجلوس حولها لتؤكد أن المهزلة التفاوضية قد وصلت إلى منتهاها، ولاسيما أن الدكتور صائب عريقات هو صاحب مقولة: إن الحياة مفاوضات. فلماذا يحتقر العاشق عريقات عشيقته المفاوضات؟ ولماذا يطلقها ثلاثاً، ويتركها حانقاً؟ ألا يعني ذلك أن عريقات قد أدرك ـ ولو متأخراً ـ أن اسمه قد اقترن بزانية، وأن المفاوضات لا تعني إلا تواصل بناء المستوطنات، وأن المفاوضات في ظل اختلال موازين القوى ليست إلا إهانات وتراجعات وتفاهمات تغطي على عورة الاحتلال.
استقالة الوفد المفاوض لا تندرج ضمن الضغط على المفاوض الإسرائيلي، لأن التسعة الأشهر التي وافق عليها عباس لما تزل في بدابتها، الاستقالة جاءت لتعطي الدليل على فشل السياسة الفلسطينية برمتها. ولكوادر حركة فتح الأرقام التالية؛ التي تؤكد أن هنالك تفريطاً متعمداً بالأرض، حيث ذكرت المصادر الرسمية الفلسطينية أن سنة 2005 ـ السنة التي صار فيها محمود عباس رئيساً ـ لم يكن عدد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة يتجاوز 180 ألف مستوطن يهودي فقط. ليرتفع عدد فترة رئاسة عباس، ليصير عددهم 650 ألف مستوطن يسيطرون على مساحة 62% من أراضي الضفة الغربية.
اليوم يومكم يا كوادر حركة فتح، ارحموا وطنكم، وناصروا شعبكم، واحجروا على محمود عباس، فقد أوردكم ووطنكم التهلكة، ومسّكم بمرضه الذي لا شفاء منه، تحركوا يا أعضاء المجلس الثوري، وتسلموا القيادة، فأنتم الجهة الوحيدة القادرة على خلع عباس وتثبيت الوطن، ولا خيار لكم، فإما الوطن فلسطين وإما عباس؟ إنها مسئوليتكم التاريخية في ظل انكسار اللجنة المركزية، وفي ظل الشلل الرعاش الذي تعيشه اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
إنها فرصة كوادر حركة فتح ليضعوا يدهم في يد القوى الوطنية والإسلامية بعيداً عن خط المفاوضات العبثي، إنه الفرصة المواتية للنهوض بالواقع الفلسطيني بشراكة فعلية جديدة، وما عدا ذلك، سيظل كل الشعب الفلسطيني يلعق مرارة المرحلة، ويتهرب من المواجهة، وهو يلقي على ظهر الانقسام المسئولية في الوقت الذي يبرئ اتفاقية أوسلو! فكيف يتحمل الطفل الصغير ابن 7 سنوات المسئولية عن سوء الأوضاع، بينما تبرأ أمه التي ما زالت تعيث فساداً في النفوس منذ 22 عاماً، فأين أنتم يا كوادر حركة فتح ؟.