لمصلحة من يُقتل الجنود المصريون

بقلم: أحمد إبراهيم الحاج

أسئلة عديدة تتبادر الى ذهن كل مواطن عربي من شرقه الى غربه ومن شماله الى جنوبه:

1. لمصلحة من يُقتل الجنود المصريون، ومن المستفيد الحقيقي من قتلهم؟

2. بأي ذنب قُتل هؤلاء الجنود الغلابا؟

3. ما دورهم في صناعة السياسة لكي يتم الإنتقام منهم؟

4. ما ذنب أمهاتهم وآبائهم وأطفالهم ونسائهم الذين يتجرعون فجيعة غيابهم؟

5. ما طبيعة الحالة الفكرية والنفسية والعقلية التي وصل اليها القاتلون الأحياء منهم والمنتحرون؟

6. من المستفيد من زعزعة الجيش المصري وإثارة البلبلة فيه على حدود اسرائيل؟

7. من المستفيد من زعزعة استقرار مصر الدولة والوطن والشعب والعمود الفقري للأمة العربية؟

للإجابة على السؤال الأول:

هنالك إستكمال لخيوط مؤامرة واضحة المعالم تستهدف آخر جيش عربي بقي متماسكاً وقوياً على حدود الكيان الصهيوني، فبعد تحطيم الجيش العراقي وتفتيت الدولة العراقية وهدمها، وبعد إشغال الجيش السوري واستنزاف قواه المادية والبشرية في حرب أهلية ودولية لا أفق لنهايتها، ولإكمال الدائرة لا بد من دفع الجيش المصري الى نفس المصير وبالتالي استهداف الدولة المصرية وتدميرها وتفتيتها. فالمستفيد الحقيقي من هذه المهزلة الدائرة رحاها على المسرح العربي بأبطالها من العرب، ومنتجها ومخرجها من الأعداء والطامعين، هو إطالة عمر الكيان الصهيوني، وذلك بإبقائه الأقوى في المنطقة.

أما السؤال الثاني والثالث والرابع:

لا ذنب لهؤلاء المجندين إلاَ أنهم لبوا نداء الوطن، لينالوا شرف الدفاع عنه، وهم غلابا وبسطاء وفقراء الحال، وربما هم المعيلون لأسر من الشيوخ والنساء والأطفال، ولا يملكون حولاً ولا قوة في الإدارة السياسية للبلاد، مهمتهم الدفاع عن الوطن الذي يأويهم ويأوي ذويهم، وذلك من أنبل الأهداف الإنسانية. وتم قتلهم بدم بارد وهم في غفلة من أمرهم، وفجع بقتلهم آباؤهم وأمهاتهم ونساؤهم وأطفالهم وذويهم في معركة داخلية. ولو قتلوا على يد الأعداء في الدفاع عن الوطن لكان الأمر هيناً على ذويهم، والمأساة أنهم قتلوا من بني جلدتهم، وصدق الشاعر عندما قال:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند

فكان الله في عون ذويهم وألهمهم الصبر والسلوان، ومما لا شك فيه أنهم شهداء، ولعل ذلك يخفف على ذويهم عظم المصاب.

أما السؤال الخامس وهو الأهم والمُستهدف في هذه المقالة:

وصف الله قريش في إعراضها وتكذيبها لما جاء به سيدنا محمد وما دعاهم اليه قائلاً في سورة فصّلت:

"وقالوا قلوبنا في أكنةٍ مما تدعونا إليه، وفي آذاننا وقر، ومن بيننا وبينك حجاب" الأكنة هي الأغطية المحيطة من كل الإتجاهات بدون تهوية أو منافذ فلا يدخل اليها ولا يخرج منها، وهذه الأغطية عبارة عن فكر متحجر ومتصلب غير قابل للحوار والإقناع، وغير قابل للإختراق لا بالمنطق ولا بالعلم والتطور، ولا يستمع للنصيحة، وهنالك حائط صد بيننا وبينك، فلا نسمعك ولا نتبعك.

وفي ضربه للأمثال لسيدنا محمد وأتباعه، روى الله عن بني اسرائيل في صدهم وتكذيبهم لدعوات الأنبياء والرسل في مقارنة بينهم وبين الكفار في مكة بقوله تعالى:

"وقالوا قلوبنا غلف، بل لعنهم الله بكفرهم"

كما أورد في سورة البقرة وصفاً لبني اسرائيل حين خاطبهم على لسان نبيهم بعد أن بعث فيهم الأنبياء والرسل وبعد كفرهم وعنادهم واضطهادهم لهم قائلاً في كتابه العزيز:

"ثم قست قلوبكم من بعد ذلك، فهي كالحجارة أو أشد قسوة، وإن من الحجارة لما يتفجر منها الأنهار، وإن منها لما يشّقق فيخرج منها الماء، وإن منها لما يهبط من خشية الله، وما الله بغافلٍ عما يعملون"

شبه الله سبحانه وتعالى قلوب أصحاب الفكر المتصلب المنغلق الملفوف بالأكنة والأغلفة المحكمة بالحجارة الصلبة، فالحجر لا يسمع ولا يرى، وإن صُوِّب ناحية هدف فلا يفرق بين الحرام والحلال، وهكذا حال هؤلاء الفئة من الناس ذوي الفكر المتصلب المتحجر الذين لا يتقبلون الحوار، وإن اقتنعوا بدواخلهم به فلا تنصاع عقولهم له، فيتم تحييد العقل، ويتصرف الإنسان بهذا القلب القاسي المتحجر، تماماً كالحجر الذي لا يسمع ولا يرى، فيخرج عن إنسانيته، ويتحول الى وثن من الحجارة الصلبة. وتعدى الوصف الى تجاوز قسوة قلوبهم قسوة الحجارة، إذ أن من الحجارة ما يلين بفعل عوامل التعرية المناخية، فتجري من خلاله الأنهار، ويتشقق فيخرج منه الماء ومنها ما تنبت فيه النباتات، ومنها من يسبح لله فيهبط من خشيتة مصداقاً لقوله تعالى " يُسبِّح له السموات السبع والأرض ومن فيهن". هؤلاء هم أصحاب القلوب الغلف، التي لا تعرف الرحمة ولا الشفقة، والقلب في الإنسان يمثل الجانب الإنساني فيه، فمن طبع على قلبه يخرج عن إنسانيته. فيحلل الحرام ويحرم الحلال، وبالتالي فهو مريض بأخطر الأمراض التي تواجهها البشرية.

وما هو تصنيف هذه الفئة من أصحاب القلوب الغلف عند الله؟

وصفهم الله بالكفر، والكفر في اللغة هو الغطاء، وهو الذي يحجب عن الإنسان الإيمان والحق والرحمة وينحي صفاته الإنسانية فيعيث بالأرض فساداً وفتنة وقتلاً دون رادع من عقل أو ضمير.

وصفهم الله بالغافلين بقوله تعالى" أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون" والغافل هو الشخص المغيب عقله عن الحقائق والجاهل بما حوله، وفاقد الوعي.

كما وصفهم الله بالفاسقين في قوله تعالى" ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثيرٌ منهم فاسقون" والفسق هو الخروج عن المألوف وعن الفطرة الخلقية وعن الإنسانية وعن القانون وبالتالي الخروج عن الهدي الذي أتت به الرسالات السماوية.

هذه الفئة تشكل التهديد الأخطر على المجتمعات، وهي ظاهرة مرضية تستوجب العلاج لاجتثاثها من المجتمع بكل الوسائل الممكنة، وذلك بعقاقير المناصحة من قبل إخصائيين نفسيين واجتماعيين، وإن لم تفد العقاقير والأدوية فبالكي، وإن لم يجد الكي نفعا فبعملية جراحية. كما تستوجب من المجتمع وضع خطة للوقاية من هذا المرض الخطير، وإعطاء التطعيمات الوقائية منه ، بدءاً من التربية الأسرية، ومروراً بمناهج التعليم والتربية المدرسية والجامعية.

وما دام الجوع والفقر والفساد متفشياً بالمجتمع ستستمر هذه الظواهر، حيث ينعكس ذلك سلباً على التربية الأسرية للأبناء، فتتسم بالقسوة وانعدام الرحمة وبالحرمان والحقد والحسد والإنتقام، فتنبت في قلب الطفل هذه النبتة القاسية من منشئه، وتستمر معه في مراحل حياته لشعوره بالنقص واختلال الموازين بين فئات الناس واتساع الفجوات بينهم وشعوره بالظلم دون ذنب الا أنه وجد في هذه الحياة فقيراً محروماً.

وللجواب على السؤالين السادس والسابع فإن المستفيد من زعزعة استقرار مصر دولة وجيشاً هو اسرائيل ومن يتسبب في ذلك هو يعمل لصالح اسرائيل ضد بلده وشعبه ووطنه فلا يستحق الرحمة في عقابه.