نظرت في المرآة ،بعدما هجرتها فترة من الزمن ..فانفجعت من هول التغيرات السريعة التي قد أ لحقت بملامح وجهها ،خافت من غول التجاعيد بخطوطها المتعرجة المتراصة بكثرة ،والتي ارتسمت على جبينها ،بل أحست أنها تكاد تلتهم وجنتاها المتدليتان بصورة بشعة من شدة التزاحم..كما تلتهم المغتصبات الصهيونية الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية ، والقدس الشريف ..أمسكت بخصلات شعرها التي غزاها الشيب كغزو التتار لبلاد المسلمين تلك الخصلات المتفرقة كأحوالنا اليوم في بلاد العُرب أوطاني ..،حاولت أن تلملم بقاياها لكنها تأبى إلا أن تتناثر عنوة لتسقط على الأرض، كم عشقت ذاكرة الصبا ،وجاذبيتها ،وكم كرهت الجاذبية الأرضية ،وكل قوانين نيوتن ..المهم أنها تمنت حينها أن تعيد إلصاقها من جديد لكن بلا جدوى ..!! ،فجأة أمسكت بقطعة حديدية ورشقت بها المرآة ..انتقاما لصورة الماضي الجميل الذي تحول إلى شبح ٍ مزعج ،وماهي إلا لحظات ، وإلا وتحولت المرآة إلى فتات صغيرة ،مدغدغة ..صارت في لمح البصر مجرد بقايا ،كأكوام الملح الصغيرة على ساحل البحر الميت ،صرخت بصوت مرتجف و عال ٍ قائلة : أيتها المرآة الزائفة ..لن تخدعيني بعد اليوم ..!!
مسكينة هي.. ألا تعلم أن الجمال الظاهري يفنى بمرور الزمن كما يفنى العُمر ،ماذا ستفعل لو علمت أن الجسد الرشيق الجميل.. تذوب بقاياه بكل بشاعة في القبور كما تنصهر بقايا الحديد في الأفران اللافحة .. فلا مرايا ولا مفر ..وتلك هي الحقيقة المرة مرارة حبات القهوة المسحوقة ..!!