على مر العصور سيقرن الناس اسم الطبيب الباكستاني شكيل افريدي بالخيانة، وسيتقزز البشر من سيرة هذا الطبيب الذي استعانت به المخابرات الأمريكية لاكتشاف مخبأ الشيخ أسامة بن لادن في إحدى المدن الباكستانية، ولاسيما بعد أن اعترف المسئولون الأمريكيون بأن برنامج التطعيم ضد مرض التهاب الكبد الوبائي الذي نفذته مؤسسة "أنقذوا الأطفال" كان محض خدعة، تهدف إلى الحصول على عينة دم من الأطفال، لمطابقتها مع الحامض النووي الخاص بأسامة بن لادن، للتأكد من وجوده في المدينة التي اختبأ فيها ست سنوات.
شكيل افريدي الذي خان أمته مقابل بعض المال، ما كان لينفذ جريمته إلا بعد أن غسلت له المخابرات الأمريكية عقله، وأوحت إليه بأن أمريكا هي كل البشر، وهي قادرة على أن تعز من تشاء وتذل من تشاء، بيدها الخير، وهي قادرة على كل شيء، هذه القناعة هي محرك الخيانة لشكيل افردي، الذي اعتبرته أمريكا بطلاً، وعملت على تكريمه.
المخابرات الأمريكية التي قامت بتكريم الطبيب شكيل أفريدي، قامت قبل أيام بتكريم مدير المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، فقد نسبت صحيفة الوطن الليبية إلى مصدر مطلع في واشنطن، أنه قال: إن التقدير الخاص الذي يحظى فيه اللواء فرج يتخطى حدود الملف الأمريكي الفلسطيني الإسرائيلي إلى قضايا إقليمية، وهنالك تقارير تفيد بأن ضابطين فلسطينيين يتبعان اللواء فرج، قد اسهما في توفير معلومات قيمة لوكالة المخابرات الأمريكية، ساعدت في تحديد تحركات "أبو أنس الليبي" واختطافه قبل شهر بعد خروجه من أحد مساجد العاصمة طرابلس.
وحتى لا نظلم اللواء ماجد فرج، فإننا ننتظر النفي بشكل رسمي، فإن لم يكن، فالشعب الفلسطيني يطالب بالتحقيق الكامل، للتأكد من ضلوع ماجد فرج أو عدمه في اعتقال أبو أنس الليبي، وبغض النظر عن موقع ماجد فرج القيادي والتنظيمي، فما يهم الشعب هو انجلاء الحقيقة، وهل يتعامل ماجد فرج مع المخابرات الأمريكية أم لا؟ وما دور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في تطوير صناعة شكيل افريدي فلسطيني؟
وإذا كانت الإدارة الأمريكية قد عجزت حتى اليوم في الإفراج عن عميلها، لأن الضغط الشعبي الباكستاني لما يزل يشكل عاملاً مهماً في بقاء الخائن في السجن، فهل الشعب الفلسطيني غير قادر على تشكيل ضغط شعبي يخرج المسئولين عن صمتهم، ويسمح بالتحقيق لمعرفة الدور الفلسطيني في اعتقال أبو أنس الليبي، ويكشف عن مدى تورط الاجهزة الأمنية الفلسطينية في التعامل مع المخابرات الأمريكية، بعد أن اعترف عباس بتعاون الأجهزة الأمنية الفلسطينية مع المخابرات الإسرائيلية من خلال التنسيق الأمني اليومي ؟.