وتبقى القدس موعدنا ...

بقلم: محمد فايز الإفرنجي

في ليل دامس وحالة من الترقب تسود أجواء غزة في يوم من أيام "حجارة السجيل" تلك الأيام التي كسر فيها عنق الاحتلال من عجرفة وقوة ردع يتشدق بها يخيف من خلالها أصحاب النفوس الضعيفة التي فضلت الاستسلام والقبول بان تكون تحت جناح هذا المحتل وتقبل بما يمليه عليها من أملاءات والتي عجز تطبيقها في غزة على شعبها ومقاومتها وحكومتها !!

ليلة ظلماء كانت فاصلة في منظومة الإعلام الحر الصادق المقاوم حيث عملت - قناة القدس الفضائية - بكل طاقتها وجندت نفسها وكوادرها للبقاء حاضرة في الميدان, لتقدم رسالتها الإعلامية الصادقة من خلال متابعة الحدث لحظة بلحظة دون غياب, رغم كل ما كان يشوب غزة من قصف وقتل وسفك للدماء وغربان الاحتلال التي ما كانت تغادر سماء غزة بكل أنواع طائراتها الحربية وطائرات الاستطلاع بأنواعها, ناهيك عن التقنية التي تمتلكها قوات الاحتلال البربرية.

تعاهدت - قناة القدس - وإدارتها وكوادرها لتبقى حواسهم نابضة بالحركة الدؤبة والحياة المشتعلة, لتكون العين الساهرة لترقب كل ما يأتي عليه الاحتلال من جرائم بشعة ضد شعب اعزل عانق الكرامة والعزة ورفض الذل والمهانة والخنوع فاستمرت عيون القدس وطاقمها متيقظة لا يغفل لها جفن ولا تغمض لها عين ولا تنام لها حاسة.

فكانت قناة القدس بالميدان حاضرة, تجدها دائما بكاميراتها التي ترقب جرائم الاحتلال لتنشر الصورة للعالم عبر الأقمار الصناعية لتنشر حقيقة طالما غابت عن عيون العالم عن عيون أصحاب الضمائر الذين غيبهم الإعلام المفبرك والخادع الذي لا ينقل سوى عكس الصورة ليوهم العالم بعكس ما يدور على ارض الواقع, وما يؤثر بذلك على قضيتنا وعدالتها وعلى شعبنا الفلسطيني الصامد والصابر في غزة بل في كل بقعة من الأرض الفلسطينية.

صور مرت عبر الفضاء تسير معها جنبا إلى جنب الكلمة الصادقة, لتصف ما يدور في ارض غزة من مشاهد وأحداث عرت الاحتلال وكشفت زيفه وأسقطت سلاحه الإعلامي الذي كان يخدع العالم به, فأصيب الاحتلال بقهر وخسارة إعلامية ما كان يحسب لها حساب كما بالسابق, فما كان من المحتل إلا أن يشعل نار حقده ليشحن به صواريخ القتل والدمار من طائراته التي تخفت عبر ستار ليل حالك السواد, في لحظات هدوء وسكينة كان حينها فرسان القدس يحاولون نيل قسط من الراحة لتبقى عيونهم الساهرة قادرة على الاستمرار والعمل بالميدان الملتهب, فما هي سوى لحظات حتى كسر صوت الصواريخ الغادرة سكون الليل لتضرب بكل قوة وجبروت مكتب "فضائية القدس" بغزة لتشتعل فيه نيران الحقد, جرائم تضاف إلى سجل الاحتلال الإجرامي بحق الإعلام والإعلاميين, وما هي سوى دقائق حتى تتالت الصواريخ تباعا لتصيب حممها مكتب القناة بشكل مباشر, وصرخات تهز البناية وتكبيرات تعلوا صيحاتها " الله اكبر..الله اكبر" وحالة من الفوضى أصابت المكان برمته نقل على أثرها العديد من فرسان القدس إلى سيارات الإسعاف بصعوبة بالغة, ولا تزال طائرات الاحتلال بالسماء تعربد فأصيب العديد من كوادر - فضائية القدس - بجراح مختلفة بترت قدم المصور والزميل " خضر الزهار" على أثرها!!

ماساه جديدة تضاف إلى الطواقم الإعلامية جراء جنون الاحتلال وجرائمه بحقهم بل بحق الإعلام بكل مكان, ذلك الإعلامي الذي تحفظه القوانين الدولية ليؤدي عمله على أفضل وجه في ميادين المعارك ليكون شاهدا حقيقيا نزيها على ما يدور في ارض الوغى, لينقل الصورة والكلمة... هو الاحتلال الغاشم الغادر الذي لا ينصاع لأي قوانين دولية أو أعراف أو أي أخلاق تصون الإعلاميين وتحفظ حقهم بالعمل, فما بالنا حينما تهاجم طائرات العدو الغاشم مكاتب الإعلاميين في لحظات سكونهم ونومهم وراحتهم لتحول المكان لحطام وظلام دامس وأشلاء متناثرة ودماء تسيل هنا وهناك !!

كل ما حدث, من دماء وبتر للأطراف, ما زاد- قناة القدس - وإدارتها وكوادرها إلا إصراراً على المضي قدما لأداء رسالتهم الصادقة لتبقى عيونهم شاهدة بكاميراتها على عربدة الاحتلال لتوثق جرائمه وبشاعتها, وتكشف زيفه أمام عيون وشاشات العالم أينما كان في هذه الكرة الأرضية, ما اهتزت " القدس " ولا فرسانها بكل ما حملته قلوبهم من أحزان وكل ما حملته العيون من دمعات ساخنة على زملائهم الذين أصيبوا خلال الغارة الإسرائيلية الغادرة لمكتبهم.

استمرت القدس وفرسانها بعزيمة اكبر وإصرار وعناد, لتبقى دائما حاضرة في الميدان لتستمر في أدائها المميز ولتبقي الصورة حاضرة لتوثقها بالكلمة لتكون مرجعا أمام العالم الحر, وأمام المؤسسات الحقوقية والإنسانية, لتكشف عورة المحتل وتقدمه يوما ما إلى محاكمات على كل ما ارتكبه من جرائم بحق الإنسان الفلسطيني بل بحق فلسطين كل فلسطين أرضا وحجرا وشجرا وبشرا!!

استمر فرسان القدس في أداء رسالتهم بكل عزيمة وتحدي, ما استطاع الاحتلال ولا طائراته المدججة بالصواريخ أن توقف مسيرتهم الإعلامية ففرسان القدس يعتنقون شعارا طالما كان شعاعه أمل وتحدي وصمود, حملته قناتهم لتبقى "القدس موعدنا" شعاراً يحلمون به وليكون بيوم قريب يؤدون نشرة أخبارهم بشكل مباشر من القدس من الأقصى من كل أرجاء فلسطين الحرة المستقلة, وسيبقى فرسان القدس صامدون في أداء رسالتهم إلى أن يكون هذا الحلم حقيقة لا غبار عليها فهذا إيمانهم لا يتزعزع وان قدموا أرواحهم رخيصة ثمنا لذلك لتبقى "القدس موعدنا" شعاراً وحقيقة ؟