لم يكتمل اللقاء الذي عقده رئيس الوزراء إسماعيل هنية؛ مع نخبة من الكتاب والمفكرين والمثقفين والإعلاميين وأساتذة الجامعات في فندق الكمودور على شاطئ بحر غزة، فقد جاءه خبر وفاة حفيدته آمال أثناء اللقاء الذي انقطع، وترك أسئلة حائرة تحلق في سماء القاعة، ولما تزل بحاجة إلى نقاش أعمق، واستجلاء أدق.
لقد كشف اللقاء عن إلمام رئيس الوزراء الفلسطيني بدقائق الأحداث الدولية والعربية والمحلية، وأكد أبو العبد على متابعته لما يكتب من مقالات رأي في الصحف الفلسطينية، وناشد الحاضرين بألا يبخلوا على الحكومة بالمشورة والنقد البناء، وتميز اللقاء بالحديث الصادق والصريح، ولاسيما حين تحدث عن الوضع الفلسطيني الداخلي، وعن ترتيب البيت الفلسطيني، ليترك في الأجواء سؤالاً بلا جواب، حين قال: القضية الفلسطينية إلى أين؟ وأين نحن ذاهبون في ظل تواصل المفاوضات، دون الالتفات للإجماع الوطني.
انتقل رئيس الوزراء من الوضع الفلسطيني للحديث إلى الوضع العربي، فأكد بكل قوة على براءة حركة حماس من أحداث مصر، ووقوفها على نفس المسافة من طرفي الصراع السياسي على أرض مصر، وعدم تدخلها فيما يجري على الأرض رغم انتماء حركة حماس الفكري والسياسي لتنظيم الإخوان المسلمين، وأكد على أن الأمن القومي المصري شيء مقدس، وهذا الموقف من الصراع السياسي في مصر ينسحب على سوريا.
ثم تحدث رئيس الوزراء عن المناخ العام في المنطقة العربية والإسلامية، وعن التغيرات المتلاحقة والسريعة، وأثر كل ذلك على القضية الفلسطينية، وترك باب الاجتهاد في الرأي للمناقشة، ولاسيما بعد توقيع إيران على اتفاقية السلاح النووي مع مجموعة الدول الكبرى.
انتهى اللقاء قبل أن أتمكن من إيصال موقفي السياسي إلى رئيس الوزراء، فقد عقدت العزم على أن أقول له: لقد أسهبت في الحديث عن المصالحة الفلسطينية حتى أنني أشفقت عليك، فأنت تحرص على المصالحة حرص السيد محمود عباس على المفاوضات، وطالما أنك مقتنع بخط المقاومة قناعة عباس بخط المفاوضات، فعن أي مصالحة تتحدث؟
فهل ستتخلى حركة حماس عن المقاومة لتتحقق المصالحة؟ وجميعكم بات على يقين أن محمود عباس لن يتخلى عن خط المفاوضات حتى لو استمر الانقسام، وكانت آخر تعليماته للدكتور صائب عريقات: واصل المفاوضات مهما أحدث اليهود على الأرض من متغيرات؟.
المصالحة الفلسطينية سراب يجب التخلص منه حتى تتخلص حركة فتح من رئيسها الذي زج بها في أتون الضياع، ويتوجب أن يكون الحديث صريحاً عن عدم إمكانية تحقيق المصالحة دون تحقيق التوافق السياسي الذي يحفظ الأرض الفلسطينية من الضياع.
انتهى اللقاء دون أن أطرح السؤال التالي على رئيس الوزراء:
لماذا يطبق أصحاب خط المفاوضات قناعتهم السياسية على الأرض بالقوة، ويمنعون بالحديد والنار ممارسة أي عمل مقاوم؟
لماذا لا يطبق أصحاب خط المقاومة قناعتهم السياسية على الأرض بالقوة؟ لماذا لا تمنعون بالحديد والنار ممارسة أي عمل تفاوضي؟
هل أصحاب خط المفاوضات على حق، وأصحاب خط المقاومة على باطل؟