بعد أن اقتنع كل المتآمرين على غزة أن شعبها يؤثر الكبرياء على الكهرباء، راحوا يفتشون عن حل؛ يجنب سكان غزة الكارثة البيئية، ويجنب المنطقة الكارثة السياسية، بحيث لم يبق في الفترة الأخيرة أي سياسي فلسطيني لم يشبك خطوطه بكهرباء غزة، حتى ذهب الأمر برامي الحمد الله حد السفر إلى قطر التي أضاءت لمبة الخطر.
كل التصريحات الصادرة في الأيام الأخيرة تؤكد أن حل مشكلة الكهرباء في قطاع غزة باتت قريبة، حتى أن تصريحات رام الله تناولت مشكلة نقص غاز الطهي التي ستحل من خلال تمويل السلطة لخط جديد لتوريد الغاز لقطاع غزة، سيدخل للعمل في غضون أيام؟
فماذا يشاع في غزة من أخبار عن الأسباب الكامنة وراء النشاط الزائد لأكثر من طرف لحل مشكل الكهرباء التي ازداد سوءاً في الفترة الأخيرة ؟
1ـ يقولون: إن خلافاً بين الفريق السيسي وبين رئيس السلطة محمود عباس حول المصالحة مع محمد دحلان، وهذا الخلاف دفع عباس لسرعة التحرك نحو غزة، والتدخل لحل معضلة الكهرباء في خطوة التفافية على دعم السيسي لمحمد دحلان.
2ـ يقولون: إن هنالك قراراً تركياً قطرياً بألا يسمح بأن تظل غزة غارقة في الظلام، وتجري الاتصالات لتسدد قطر المبالغ المالية المختلف عليها بين غزة ورام الله، وتقدم الوقود الصناعي لغزة من خلال الموانئ الإسرائيلية، وستقوم تركيا بدفع ثمن الوقود الذي سيصل من إسرائيل إلى مؤسسات قطاع غزة مباشرة، عبر الأونروا، دون المرور من بوابة السلطة الفلسطينية التي تطالب بضريبة أكثر من شيكل عن كل لتر وقود يدخل قطاع غزة.
3ـ ويقولون: لقد وافقت إسرائيل على توصيل خط كهرباء جديد إلى قطاع غزة، هذا الخط سيغطي نسبة كبيرة من العجز الحاصل بالكهرباء، وسيغني سكان قطاع غزة عن محطة التوليد التي صارت عبئاً على حياة الناس في قطاع غزة، والتي لا مثيل في الضفة الغربية.
4ـ ويقولون: إن لدى حركة حماس قراراً سيادياً بفك الحصار عن قطاع غزة بالقوة، ولو أدى ذلك لدخول حرب شاملة مع الصهاينة، تحرج كل الأطراف المشاركة في حصار سكان قطاع غزة، حرب واسعة تهدد أنظمة عربية بالحراك الشعبي، وتفضح أنظمة متآمرة على حصار غزة، وتحرك الضفة الغربية غضباً في وجه المفاوضات التي تغطي على التمدد الاستيطاني.
إن الأهم من كل ما يقال هو صمود سكان قطاع غزة، وإدراكهم بأنهم عنوان المقاومة، وأنهم بصمودهم وتحملهم ساعات القطع الطويلة للتيار الكهربائي يحبطون المؤامرة التي تستهدف قضيتهم السياسية، لذلك فالناس في قطاع غزة مستعدون لتدبير أمورهم الحياتية مع كمية الكهرباء المقننة، وإذا توجب عليهم الانفجار ففي وجه الاحتلال وأعوانه.
لقد أضحى سكان قطاع غزة يدركون أن من أهم أسباب انقطاع التيار الكهربائي هم تلك المجموعة التي أسست شركة ربحية سنة 1999 تحت اسم محطة غزة لتوليد الكهرباء، تلك المجموعة التي يتوجب تقديمها للمحاكمة، وتحميلها الجرم، لأنهم عقدوا قرانهم الكاثوليكي على كهرباء غزة، ووقعوا مع السلطة عقداً مجحفاً بحقوق الناس، ولكنه منصف لأصحاب الشركة من عرب وأجانب، حققوا أرباحاً خيالية، ففي سنة 2012 على سبيل المثال، نشرت الشركة الفلسطينية للكهرباء مبلغ إيراداتها الذي وصل إلى 30,167,928 في الوقت الذي لم تتجاوز مصروفاتها 15,415,270 كما جاء في أرقامهم الرسمية.
أظن أن الفرق الإيرادات والمصروفات يغطي حاجة فقراء قطاع غزة للكهرباء.