ونحن في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين ، قرن الطفرات العلمية ، وصيحات الانترنت ، وتصاعد عالم اقتصاد المعرفة ، سرح عقلي بين المتناقضات التي أراها واسمعها ، حين تركت المجال لقدامى المنهكتان مشيًا من قلة المواصلات ، لأتجول في أزقة مخيم لجوئي ..
في تلك المرة تركت لقدامى أن تنسجم مع فكري وقلمي ، وأرسل فكري إليها إشارة للذهاب إلى شيوخ لازالوا باقين في زنقات المخيم وحواريها ، ليحاروا الماضي والحاضر ونستنير بخبرتهم للمستقبل ..
واختارت قدماي أولئك اللاجئين من مدن فلسطين المنسية !
طرقت باب احدهم ونظرت إلى وجهة المحفور والمرسوم على شكل يشابه تضاريس فلسطين بجبالها وبحارها وأنهارها ، وتبسم حين رآني قائلا ( عشنا وشفنا) لعن الله الاحتلال وأذنابه ، وبات وهو يحمل فانوسه وما به من بقايا كيروسين كان قد خزنها يلعن الظلم والظلام ، و يتمتم بعبارات –بصراحة- استغرقت وقتا طويلا في ترجمتها لأنها كانت مصحوبة بزفرات وتأوهات عميقة ..
باشرني بالقول ، هل تصدق يا ولدى أننا كنا نعيش قبل احتلال فلسطين عام 1948 حياة أفضل ، وأكثر نعيما مما نحن عليه الآن ، تصور يا ولدى أن الكهرباء كانت تنير شوارع يافا ودورها ومسارحها وميناءها ..
استغربت حين بادرني بالقول ، وحملق عينه لدرجة أنى شعرت من حمرة عينيه أن 100 واط ، قد وصل إلى مجلسنا
وصرخنا معا وصرخ من لحقنا بالحوار ( أكثر من 6 عقود كتب علينا الظلم ثم لاحقنا الظلام ) جاء بعد صبرنا مولود مشوه مقسم بين ضفة وغزة ، وفرح عباد أصنامنا بعظمة رميت لهم وكراسي نخر السوس أعمدتها ، وبكى شيخنا ومن سمعه على سنين الضياء قبل الاحتلال ..
وواسينا أنفسنا في درب الحديث غير المزركش ، وهتفنا معا أغنية البقاء والصمود ولعنة الظلام وقسوة اللجوء ،ولازلنا نحلم حتى الساعة أننا حتما عائدون