فى يوم 11/12/ 1967م انطلقت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ثاني أكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية , للالتحاق بشرارة الثورة الفلسطينية التي أطلقتها حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح عام 1965 ومساندة لها فى الكفاح المسلح ضد الاحتلال الاسرائيلى , وامتداد للفرع الفلسطيني من حركة القوميين العرب، التى أسسها مجموعة من قياديي القوميين العرب وبعض المنظمات الفلسطينية التي كانت منتشرة في حينه وعلى رأسهم مؤسسها وأمينها العام السابق المرحوم د. جورج حبش (( الحكيم )) والشهيد مصطفى الزبري المعروف بأبو علي مصطفى ووديع حداد وأحمد اليماني وحسين حمود(أبو أسعد) .
فمنذ انطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين شنت الجبهة العديد من العمليات العسكرية الناجحة، على العدوّ، في الأرض المحتلة , لذا لن تختلف فصائلنا لو أبصرت النوايا ...لن تختلف على وسيلة نضال واحدة ، فكل عمل مضاد لسياسة المحتل هو نضال ومقاومة , حيث أنها أول من فجر حزام ناسف في سينما حين في القدس لتقتل 62 إسرائيلي، وهي أول من استخدم سلاح خطف الطائرات ومبادلة الأسرى، بقيادة وديع حداد وليلى خالد، وأول من استخدم قذائف الهاون ضد مستوطنات إسرائيل من القطاع وأول من أطلق الصورايخ حيث تعتبر صواريخ صمود وجراد من أول الصواريخ التي أطلقت على مستعمرات إسرائيلية, وهي أول من قتل مسئول إسرائيلي من الصف الأول حينما اغتالت وزير السياحة المتشدد رحبعام زئيفي صاحب نظرية التهجير.
لم تكن مقاومة الجبهة ضد الاحتلال فى الداخل فقط بل استطاعت استقطاب مقاتلين ثوريين من مختلف أنحاء العالم على اعتبار أن القضية الفلسطينية قضية أممية، فنفذت مع الجيش الأحمر الياباني عملية مطار اللد، وكان الفنزويلي كارلوس والجواتيمالي أغويريو مثالا على الثوار الذين التحقوا بصفوف المقاومة من مختلف أنحاء الأرض. وكذلك دعم الجيش الجمهوري الايرلندي وغيرها من المنظمات التحررية في العالم .
أسلحة الجبهة الشعبية منذ انطلاقتها أسلحة خفيفة، حصلت عليها، قبْل حرب يونيه 1967، من مصدرَين رئيسيَّين، هما: مصر وجيش التحرير الفلسطيني، اللذان تربط العلاقات الطيبة، قيادتيهما بـ"حركة القوميين العرب" والى بقايا الأسلحة والذخائر، التي تركت في ساحات حرب 1967، أو تلك التي بقيت في المستودعات الجيش المصري وجيش التحرير الفلسطيني، في قطاع غزة.
الحديث عن الجبهة الشعبية لا ينتهي ولا يختصر بمقال , لان مثلها تعيش حلم العودة إلى فلسطين كل يوم وتحلم أن يكتمل حلمها بالخلاص من نير الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بالقدس عاصمة لها لتستحق التحدث عن الجبهة وكوادرها الرفاق , فحقبة السبعينات تشهد بعمليات خطف الطائرات ونسف المطارات واقتحام ونسف السفارات واغتيال القيادة الإسرائيلية والتشدد بالموقف.
الجبهة الشعبية من ابرز التنظيمات اليسارية، والتي تتبنى الكفاح المسلح لتحرير فلسطين، وقد اشتهرت برفضها للاتفاقيات التي تراها تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني منذ نشأتها وقد عارضت بشدة في فترة السبعينات اتفاقية كامب ديفيد التي أجراها الرئيس المصري الراحل أنور السادات مع إسرائيل، كما عارضت وبشدة الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل المتمثلة باتفاقية أوسلو وما تمخض عنها حتى أنها انسحبت وجمدت عضويتها من منظمة التحرير الفلسطينية ثلاث مرات أبرزها الحديثة عندما رفضت المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل برعاية واشنطن.
شكلت الجبهة الشعبية جناحا عسكريا بعد اغتيال أمينها العام أبو على مصطفى عام 2001 كتائب الشهيد أبو على مصطفى ليكون ذراعا عسكريا ضاربا فى مواجهة الاحتلال ومساندة الانتفاضة الفلسطينية , وعونا لمقاومة الاحتلال من كافة الفصائل .
الجبهة الشعبية ركزت عملياتها العسكرية منذ عام 1967 في داخل الأرض المحتلة وفقا لشعارها "الداخل هو الأساس والخارج هو الرديف" وبغض النظر عن وجود أي أسباب أخرى فإن انتقال قيادة الجبهة إلى داخل فلسطين يسير وفق هذا الشعار، وترجمته بالمشاركة في فعاليات الانتفاضة إلى جانب بقية الفصائل.
ورغم أن الجبهة الشعبية عضو في منظمة التحرير فإن الثمن الباهظ الذي دفعته من قيادتها جعلها أقرب إلى الفصائل المستقلة عن فتح، وينشط الجناح العسكري "كتائب أبو علي مصطفى" في العمل المسلح ضد قوات الاحتلال الإسرائيلية.
فالجبهة لها هدفها الإستراتيجي هو تحرير فلسطين وإقامة دولة ديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس تكفل الحقوق المشروعة لجميع مواطنيها على أساس المساواة وتكافؤ الفرص دون تمييز بسبب الدين أو الجنس أو العقيدة أو اللون، وتكون معادية للصهيونية والإمبريالية، وذات أفق وحدوي ديمقراطي مع سائر الأقطار العربية , أما هدفها المرحلي فهو "انتزاع حق العودة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابها الوطني وعاصمتها القدس".
إذن بهذه الأهداف انطلقت الجبهة الشعبية لتحيى ذكرتها السنوية 46 فى هذا اليوم التى نتمنى أن تكون دائما صمام أمان شعبنا الفلسطيني بالرغم من تحفظنا على بعض المواقف من الرفاق فى الجبهة وندعوهم لأن يحكموا لغة العقل والمنطق فى المصالحة والمصارحة الفلسطينية الفلسطينية .
نتمنى من رفاقنا فى الجبهة أن يكونوا ذات موقف حازم فى مواجهة العواصف والوقوف جنبا بجنب , ونحن نتذكر النداء المفتوح الذي أطلقتموه إلى كافة القوى والفئات الفلسطينية للالتقاء الوطني الثوري العريض من أجل الوصول إلى وحدة وطنية راسخة بين سائر فصائل العمل الفلسطيني المسلح .
فالوحدة الوطنية هي وحدة كل المناضلين هي المطلب الحقيقي لجماهيرنا ، فالمعركة طويلة وقاسية ولا تحتمل تمزقاً في صفوف الحركة الوطنية ، ولذا فنتمنى من الجبهة الشعبية الحريصة كلياً على هذا المطلب لأنها قد قامت على أساسه ، أن تقف اليوم وهي تدق بعنف أبواب المقاومة المسلحة ، ومؤمنة بأن التفاف الجماهير حول العمل المسلح وقواه الموحدة لضمان صمود هذا الكفاح وتصاعده حتى يصل إلى مستوى الثورة الفلسطينية بكل أبعادها ومضامينها .
فمرة أخرى نبارك انطلاقة الجبهة الشعبية ونتذكر شهدائنا وأسرانا من كافة القوى الفلسطينية لنتذكر دوما قادة الكفاح المسلح والشجعان الشهيد القائد الرمز ياسر عرفات , والشهيد جورج حبش الذى لقبه الرئيس أبو عمار بالحكيم , والشهيد أبو على مصطفى والشهيد فتحى الشقاقى والشهيد عمر القاسم مانديلا فلسطين , والشهيد أحمد ياسين والشهيد عبد العزيز الرنتيسى وكل شهدائنا صانعى الثورة الفلسطينية.
وتحية نبرقها لقادة شعبنا فى السجون الأسير البطل مروان البرغوثى والأسير القائد الرفيق أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية والأسير القائد إبراهيم أبو حجلة والأسير المجاهد حسن يوسف وكافة أسرانا الأبطال قيادة وعناصر وأفراد فكل مناضل على هذه الأرض هو صمام أمان فلسطين والدفاع عنها حتى ننال حلمنا بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .