ما زال خبر مجزرة الرواتب يثير الصدمة والدهشة في النفوس ، فقد وضح للعيون ، ولكل من لا زالت تراوده الظنون ، حجم العنصرية المكنون ، وعما قليل سنكتشف المستور ويظهر المحظور فلا تندهش ولا ترتعش وقف قل لا للظلم لا للبطش .
ولقد ضقنا صبراً بعدما انتشر الظُلم جهراً ، ضقنا صبراً بعدما كدنا نموت قهراً ، فهل مكتوب علينا ان نخرج من أزمة لندخل في أخري ، أم أن هناك مخططاً مدروساً بعناية وينفذ بدقة بمواجهة الأزمة بأزمة جديدة ؟ ، يعني ننسي الأزمة التي نعيش مأساتها عندما نجد أنفسنا في أزمة جديدة أكثر قسوة ، باختصار علم إدارة الأزمات يطبق علينا بدقة في خلق أزمات جديدة بدلاً من مواجهة الأزمات وحلها.
و يؤسفني القول أنني أنتمي إلي معسكر الفكر التآمري الذي يرجع أي أزمة إلي فقه المؤامرة ، ليس إستسهالاً أو ركوناً إلي الراحة و الدعة ، لكن لإيماني الشديد بأن هناك مخططاً لإجهاض وإنهاك كل من يتمسك بالشرعية ، كل من بقيت فيه الحمية ، وما زالت فيه جذوة الوطنية ولم تتلوث يداه ولسانه وقلبه بالعنصرية وكل ذلك استكمالاً لمسلسل طويل يجري تنفيذ حلقاته بدقة وحرفية ، حتي يلعن الناس الشرعية ومن يمثلها ، وحتى ينفض الناس عنها لصالح مشاريع مشبوهة .
إن أكثر ما يثير دهشتك ويحرك فيك مشاعر متناقضة أن الحكومات المتعاقبة التي صدعت رؤوسنا بالحديث عن الشرعية على مدار السنوات الست الماضية وعلى ضرورة الإلتزام بكل ما يصدر عنها تحت طائلة المسؤولية لكل من يخالف ، تأتي اليوم لتعاقب الملتزمين بقرارها على إلتزامهم !!.
هذه الحكومة التي كانت تتغطى بورقة توت وحيدة وأخيرة كانت تستر عورتها ، ورقة توت وحيدة وأخيرة هي التي كانت تشفع لها سقطت ، ومعها سقطت كافة الأخلاق والقيم والمواثيق والأعراف ، سقطت لتظهر على حقيقتها ، سقطت لتظهر عنصريتها وتكشف عن وجهها القبيح ويظهر كذبها الصريح .
فهل حزاء الإحسان إلا الإحسان ، لقد أحسن الموظفون الظن في حكومتهم حين أمرتهم بالتوقف عن العمل مع حفظ كافة الحقوق ، أحسنوا الظن لأنهم يلتفون حول الشرعية ، لأن لديهم حس وطني بالمسؤولية ، فكان الجزاء مزيداً من الإقصاء مكافأة لمن حموا الشرعية بالدماء ، سنوات مضت وحقوق الموظفين وإستحقاقاتهم لا تجد آذاناً صاغية ولا قلوباً صافية ولا يد حانية ، إهمال ما بعده إهمال ، وتعامل عنصري على قاعدة الحرمان ، يسوقون الأعذار والأسباب وفي ظنهم أن هذا يصلح كمسكنات ، يتحدثون عن تطبيق القانون ، يتحدثون لذر الرماد في العيون ، يلوون عنق الحقيقة ويكذبون بالسليقة ويسيرون وفق مخططات دقيقة .
ولقد مضى من بؤسنا أيام ومن نعيمهم أيام ، والموعد غداً وعند الآله سنعرف من الظلوم وعند الله سيجتمع الخصوم وسيقتص منكم المظلوم ، لأن الظلم يخرب البلاد ويملئ بالحقد قلوب العباد ، قال عز من قائل " وتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا " .
إن هذه الحكومة لم نعد نجد من ورائها إلا وعوداً ، أقوال بلا أفعال ، لم تقولوا بأنكم حكومة لكل الوطن ؟! لم تقولوا أنكم ستكونون حكومة عمل وفعل ؟! فلا وجدنا منكم إلا قولاً لا فعل من خلف مقاعدكم وكأننا شعب خارج حساباتكم ، هل أصبحنا شعباً خارج حساباتكم ؟؟!!!! ، كفاكم تلاعباً بنا أكثر منذ ذلك .
منذ سنوات خلت ننتظر فرجة فى حياتنا ، لمحة فرح تمسح بعضاً من أحزاننا ، فابتلينا بكم لتكونوا عبئاً علينا ولسنا نحن عبئا عليكم ، بالله عليكم يا حكومة ألا تعلمون أبسط قواعد الحكم ؟!! ألا تعلمون أن أمان الشعب وطعامه من أولويات الحكم الرشيد ؟!!
يا حكومتنا نعلم تماماً أن العدالة التي ننشدها لن تكون موجودة إلا في السماء ، ولكننا لا "ننشد" أكثر من الحد الأدنى من العدالة ، فتراجعوا عن ظلمكم وأوقفوا قهركم كي يرحمنا ويرحمكم الله .
وأختم برسالة قصيرة لكل من يشاهد هذه الجريمة ، هذه المجزرة في صمت وأقول لهم لا تزينوا بصمتكم عجزنا ، لا تشاركوا بسلبيتكم في ظلمنا ، لا تحملوا بسكوتكم وزرنا ، ولله نفوض أمرنا وعليه دوماً اتكالنا ، إن غزة تئن تحت وطئة الظُلمة والظلمة تنتظر من يأخذ بيدها إلى المستقبل .. نحو غذٍ مشرق لا مكان فيه لظلم ذو القربى فهل هناك أمل ؟؟ و ...... للحديث بقية .