أليكسا الفلسطيني أشد بردًا

بقلم: سامي الأخرس

تفاعلت جماهير شعبنا في شطري الوطن الممزق، الضفة الغربية وقطاع غزة، مع المنخفض الروسي" أليكسا" الذي ضرب الوطن هذه الأيام، حيث أبدع شبابنا وشاباتنا في وصف المنخفض وآثاره على واقعنا الفلسطيني خاصة، إن لم يكن على واقعنا العربي عامة الذي يخضع منذ ثلاثة أعوام لمنخفض أشد صقيعًا من منخفض أليكسا، حيث تجمدت أطراف الاستقرار، وتَجمدت افكار الأمن والأمان، وكذلك الحالة السياسية للكيان السياسي المجزأ جغرافيًا منذ أن أطلق الاستعمار منخفضه المستمر منذ قرن ونيف" سايكس بيكو" وحوّل الحالة العربية إلى حالة متجمدة لا تؤثر بها براكين ملتهبة، أو ارتفاع حرارة مشتعل، تآكلت وفقها معاني ومفاهيم وملامح التطور والتقدم، والعدالة، والديمقراطية، وحقوق المواطن.

جَمد منخفض" أليكسا" الحياة في وطننا على مجار يومين أو ثلاث أيام نظير برودته غير المعهودة، ونظير افتضاح الفساد غير المنظور في البنى التحتية وخاصة في قطاع غزة المنكوب منذ سبعة أعوام بالظلم والحصار...إلخ، فأغرق البرد والمطر غزة، وأخرجها عن طور الآدمية، وحولها لمنطقة منكوبة لكنها" صامتة" فكان الرد المسؤول على هذه النكبة من رئيس بلدية غزة لسكان مخيم الشاطئ" بلطوا البحر" على ذمة الراوي، وانقطاع في الكهرباء تعدى اليومين متواصلين وأكثر عن بعض المناطق، في واقع لم تفعل فيح حكومة غزة أكثر من التصريحات التلفازية والصحفية فقط، معتقدة أن الحل في الشكوى فقط، في حين أنّها لم تفعل على الأرض شيئًا ينقذ غزة وأهل غزة، في حين يتوجب أن يقف العاجز عن الفعل ويعتذر ويسلم لمن يقوى على الفعل، وليس من خلال الإمساك بشعبِ يموت رويدًا رويدًا تحت وطأة ضنك الحياة. فأيّ شعب هذا الذي سيتحدى الاحتلال وممارساته واعتداءاته اليومية، والفقر وتجلياته، والقهر وآثاره؟ لم يعد هناك مقومات للصمود في ظلَّ واقع كلّ ما يحيط به الموت فقط، لا غير.

غزة هي الجزء الذي علينا أن نراه بعقولنا وقلوبنا، لأنّها غزة الّتي تدفع ضريبة وثمن جشع وطمع السلطة والمنصب بين قوتين حزبيتين غادرهما الإحساس بقيمة الوطن والمواطن، ولم يعد في أجندتهما سوى التضحية بالإنسان والقضية من أجل السلطة ، والتسول على شعب مُنهك يموت عاجزًا عن الحركة والفعل، ليس بفعل الاحتلال، ولكن بفعلِ الأدوات الّتي لا ترى بالوطن سوى وديعة تدر أرباحها اللّحظية واليومية، وتدر تكرشًا لبعض الفئات.

نَعم؛ غزة هي غزة الّتي ومنذ سبع سنوات يتآمر عليها الجميع بلا استثناء، هم من جعلوها معزولة عن الحياة الآدمية بفعل صراع الديوك على عش كل فراخه مصابة بداء الظلم والقهر، والألم، وهي الّتي تدفع فاتورة كبيرة جدًا من حريتها، وحقها في الحياة، لأنّها غزة الصامدة في وجه كل المؤامرات. وهي الّتي لم ترَ النور وتغرق في ظلام منذ سبع سنوات من أجل مناكفات سياسية بين الديوك المريضة بداء السلطة، وهي غزة الّتي يقطع ويحسم رواتب موظفيها بشكل دائم ومستمر في أكبر انتهاك لحق الإنسان بلقمة عيشه، وهي المحرومة من كل مظاهر التطور والمشاريع التطور، وهي المحرومة من حرية الحركة لطلابها ومرضاها وأبنائها لأنّها محكومة بمعبر لا يفتح إلَّا وفق مزاج المسؤولين في مصر، ورضاهم وشهواتهم بالرضا عن الذات.

غزة المضروبة بمنخفض " أليكسا" فزاد أوجاعها ليست معزولة بالوجع عن الجزء الآخر من الوطن" الضفة الغربية" المنهكة من التقسيم بالحواجز من قبل الاحتلال، والمتواصل بالاعتداء عليها ليلًا نهار، وعجز حكومتها عن حماية المواطن من الاحتلال، وغلاء الأسعار، والاستيطان الذي لم ينجح منخفض "أليكسا" بتجميده رغم أنه جمد كلّ مظاهر الحياة، هي الضفة نفسها الّتي يلهث شعبنا فيها خلف غلاء الأسعار، وحالات الفساد، والانفلات الوطني الذي أصاب نسيجها الوطني والاجتماعي، هي مظاهر الألم والتحديات في وطن لم يعد منه قابل للحياة سوى" سلطة تقوم بالمقاطعة برام الله، وسلطة تتسيد الملكية في غزة، وأحزاب مبعثرة أكثر ما تفعله جعجعة، وشعب يموت مع كل المنخفضات".