وهكذا إخواني الأعزاء في بلاد العُرب أوطاني علينا أن نتفكر ونقارن بين ما حدث من قصة انقطاع المطر زمن سيدنا موسى في بدء الأمر لوجود رجل عاص من بني إسرائيل ،ولكن اليوم ازداد العصاه جهارا عيانا فصاروا كقطع الليل المظلم .. لكن الفرق الواضح أن الله أنزل الغيث على بني إسرائيل لما تاب ذاك الرجل توبة نصوحا ،فتاب الله عليه ..لكننا هل تضرعنا إلى الله وتبنا ،هل نسينا أو تناسينا قول الحق سبحانه وتعالى وكقوله عز وجل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الروم: 41]،،وهل نسينا تلك القاعدة القرآنية المحكمة التي تكررت بلفظ قريب في عدد من المواضع، كما تكرر معناها في مواضع أخرى،والتي من
من نظائرها اللفظية المقاربة قول الله عز وجل: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 165]، وقال سبحانه: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79]، ولذلك علينا أن نقر ونعترف بأنه لم يعد يسقط المطر كغيث ٍ من السماء ولاسخاء ،أو رخاء بل عبر منخفضات جوية تحمل في ثناياها موجات البرد القارص والصقيع القاتل ،وفي هذا بلاء من الله عظيم ،..لم يعد يسقط المطر ليسقي الأرض الحبلى بحبيبات نباتية صغيرة صغر الذرة ،بل ليغرق الحرث والنسل والزرع فيطمس كل أولئك ،ويطمس معهم بيوت المساكين ،في أرجاء المعمورة الذين يلتحفون الفضاء بعدما تناثرت وتطايرت أسقف منازلهم القرميدية أو الطينية لتتحول إلى بقايا مراكب عائمة متكسرة فوق بحيرات من الماء ،لترسم بذلك جزر جديدة موحشة معالمها لم يكتشفها من قبل لا كريستوفر كولومبس مكتشف جزر الهند الغربية ولا جيمس كوك مكتشف جزر هاواي ..لا يكتشفها سوى الشرفاء والأطهار والأتقياء فقط الذين عرفوا الإنسانية الحقة ،وعرفوا الرحمة والشفقة ،وأحسوا بغيرهم من البؤساء ..لكن أين هم..؟!في الوقت الذي تتسع فيه هوة الابتلاءات بمآسيها ،تشتد الهجمة الشرسة فيما بيننا ..فبدلا من أن نلتف حول موقد واحد للتدفئة ،وبدلا من أن تجمعنا جزيرة واحدة بكل حب وانتماء مودعين الأحقاد والانقسامات والصراعات والمناكفات ، إلا أننا نأبى إلا أن نواصل ماراثون القطيعة، والانجراف كما السيول التي لا تدفع بنا إلى الأمام مخالفة فطرتها..بل تارة تدفعنا إلى صخور ٍصلدة كقلوبنا تتفتت عليها أجسادنا الهزيلة أو تدفعنا إلى مستنفعات موحلة تليق بأخلاقياتنا وسلوكياتنا اليوم ،وإلا ماذا نفسر الصمت الكئيب صوب ما يحدث بسوريا عندما يموت الأطفال الأبرياء غرقى في العراء حيث البرد الشديد ، نتيجة العاصفة الثلجية ،ونقص الغذاء ،والدواء ،ونقص التدفئة أولئك الذين لاذوا بالفرار مع أهليهم هربا من بطش الطاغية بشار ليلاقوا حتفهم على أطلال التخاذل العربي والإسلامي من البداية إلى النهاية ..ولو حدث ذلك في بلاد العم سام لقامت الدنيا ولم تقعد حيث المساعدات العاجلة والطارئة من طائرات تزودهم بكل سبل الأمان والنجاة ..لكننا اليوم قد اعتدنا على الصراخات ،والعويل ،دون أن نحرك ساكنا ..بل لو وصلنا إلى هذا الحد لكان إنجاز إنسانيا وأملا جديدا قد يحمل معه شموع تضيء لنا الطريق المظلم لكن بلا جدوى ..!!
عموما هي رسالة من الله مفادها.. أننا لما تجبرنا وقسونا على بعضنا البعض ،ولما ضاعت حقوق العباد بيننا ،ولما أعنا الظالم على ظلمه ،ولما وصل بنا الحد إلى التشبب بمقولة أنا ومن بعدي الطوفان..!! كان من الطبيعي أن نصل اليوم إلى ما نحن فيه فليصبح شعارنا إذا نحن وفوقنا الطوفان ..!! لن أصرخ يا أحبائي لأكرر ما رددناه طويلا لن أقول أين أهل الخير وأين أصحاب المال والجمعيات الخيرية وأين ... فلا مرد لنا ولا نجاة سوى بالرجوع إلى الله ،وحسبنا الله ونعم الوكيل على كل من تأمر على الإسلام والمسلمين .