من أراد أن يعرف الكرم العربي الذي سمعنا عنه في كتب التاريخ، ومن أراد أن يتعرف على سجايا الحاكم العربي الذي أخفتها عن عمد الصهيونية، ومن أراد أن يعرف خير خلف يأبى الوهن لخير سلف لم يفتتن، فليدقق في أفعال سمو الأمير تميم بن حمد أل جاسم تجاه سكان قطاع غزة، لقد هب الأمير مساعداً، وتحرك فاعلاً، وتقدم داعماً، وفتح خزائن المال القطري للجهات المؤتمنة عليه، وبأمره انطلقت المساعدات القطرية للجهات التي تحتاجها، وجاء الإسناد المعنوي للشعب الفلسطيني الذي يحفظ العهد، ويقدر للرجل هذه المواقف النبيلة.
ولمن يوسوس له شيطان السياسية بالاستخفاف بالمعونة، ويتشكك بنوايا الأمير، أقول: لقد أدخل سمو الأمير الدفء في قلوب آلاف الفلسطينيين الذين أرعبهم البرد، وأسكن بمساعداته مهجاً أقلقلها المنخفض الجوي، وبات سكان غزة ينتظرون وصول التيار الكهربائي المقطوع، بعد أن سدد أمير قطر عن سكان قطاع غزة قيمة الضريبة التي عجزوا عن سدادها للسلطة الفلسطينية، الضريبة التي كانت السبب في توقف تدفق الوقود إلى قطاع غزة، وفق تصريحات المسئولين عن شركة الكهرباء في غزة، فكانت السبب في انقطاع التيار الكهربائي، لقد سدد أمير قطر مبلغ عشرة مليون دولار مباشرة لرئيس السلطة.
ولمن تهمس في أذنيه الولاءات التنظيمية بالتشكك وسوء الظن مما سبق، سأسجل حرفياً كلام الدكتور إيهاب بسيسو، الناطق باسم الحكومة الفلسطينية في رام الله، حين قال: إن وزير الخارجية القطري اجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس محمود عباس اليوم، وطلب منه شراء وقود صناعي بقيمة 10 مليون دولار، لتحويلها الى محطة كهرباء قطاع غزة للتخفيف من معاناة المواطنينخ نتيجة استمرار انقطاع التيار الكهربائي عن القطاع.
وسواء أخذنا بالرواية الأولى التي تربط المساعدة بسداد الضرائب عن سكان قطاع غزة، أو أخذنا بالرواية الثانية التي تقصر المساعدة المالية على شراء الوقود مباشرة، ففي كلا الحالتين فإن تأخر وصول الوقود الذي تسبب في انقطاع التيار الكهربائي كان مرتبطاً بجوانب مالية تخص السلطة الفلسطينية.
لقد استنجد السيد إسماعيل هنية برئيس السلطة، وكسر نفسه بلغتنا العربية، واتصل به هاتفياً، وتحدث معه بشأن غزة وأطفالها، وطلابها، وبناتها، ونسائها، ومن المؤكد أن إسماعيل هنية قد قال لمحمود عباس: الناس في غزة لا يمتلكون المال، ولا عمل لهم، وهم غير قادرين على دفع فاتورة الكهرباء، فارحم ضعفهم يا رئيسهم، وقدر حالهم، وأعفهم من قيمة الضريبة. فكانت النتيجة هي الصد، وتواصل انقطاع التيار الكهربائي، وتواصل الحصار.
ولكن حين استنجد رئيس الوزراء إسماعيل هنية بالعربي بأمير قطر تميم بن حمد، هب واقفاً، وقبل أن يغلق خط الهاتف، كانت التعليمات تسبقه، والمال يتدفق بين يدي محمود عباس، الذي اتصل برئيس وزرائه، رامي الحمد لله، وطلب منه شراء الوقود الصناعي من اسرائيل، وتحويله الى قطاع غزة.
فكيف لا يعتب الفلسطينيون على السيد إسماعيل هنية الذي اتصل بالسيد محمود عباس قبل أن يتصل بأمير قطر؟ وكيف لا يذكر الفلسطينيون بالخير أمير قطر؟ كيف لا يسجل سكان قطاع غزة اسم الأمير تميم على جبين أطفالهم؟ وكيف لا تحفظ الأجيال العربية تعاليم الدرس الأول في النخوة العربية، حين ترتقي دولة قطر العربية بقيادتها الرشيدة إلى مستوى الدول المتحضرة الكبري، لتصير ذا شأن سياسي يتجاوز حدودها الجغرافية.