غزة هذا الشريط الساحلي الضيق بالمساحة الفائض في السكان ، العزيز بأهله وثقافته ، المتجذر في التاريخ بنضاله وصلابته ، حامي الكينونة النضالية للشعب الفلسطيني ، فيه تشكلت أول حكومة فلسطينية ، ومنه إنطلقت شرارة الانتفاضة الأولى ، وهو أول السلطة وأول حلم للدولة ، خاضت الحروب وما ركعت ، وما ذلت جباه أبنائها لأنها لغير الله ما ركعت ، غزة كانت وما زالت ممراً للغزاة ومقبرة لهم .
سأحدثكم اليوم عن مدينتي غزة ..جرح الوطن الغائر ووجه الوطن الثائر ، عن غزة التي لم ولن تموت عن غزة التي ما فتئت تذود ، سأحدثكم عن غزة التي يراد لها أن تلقى مصير أصحاب الأخدود ، وبعد أن أُلقيت في بطن الحوت ، وساد الظلام والجبروت ، نادت وصاحت من حبسها رب السموات والملكوت ، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين .
لن أحدثكم عن حكومة الأنفاق والنفاق صانعة الفرقة والشقاق فلقد تساقطت الأوراق التي يتسترون بها تساقط أوراق الشجر في الخريف ، ولقد ظهر ذلك جلياً في حجم الفشل في التعاطي مع أزمات المنخفض الجوي برغم التحذيرات التي أطلقها الرصد الجوي ، ولن أتحدث عن ظلمهم فلهذا حديث آخر .
لكني اليوم سأحدثكم عن الحكومة الشرعية ، حكومة دولة فلسطين ، والتي لها نحن منتمين وعنها مدافعين وسأخبركم ببعض جوانب الظلم الذي وقع على كاهل الموظفين في غزة على حين غرة ، وبدون سابق إنذار أو تحذير ومن قبل حكومتهم الشرعية التي دفعوا ضريبة الدفاع عنها من دمائهم وأجسادهم ، وكان جزائهم طعنهم من الخلف وتركهم ينزفون فلقد منع أو توارى المسعفون ، والذين هم في أتفه الأسباب يتحدثون ، وعلى أي شاردة يعلقون ، ولكنهم أصيبوا بالطرش فهم لا يسمعون ، فذبحنا حلال في نظرهم هكذا أوعز لهم كما يقال المحاسبون ، حسبوها حسابات مادية ولعبوها بمناطقية في فضيحة عنصرية وأغفلوا العواقب السياسية والإجتماعية .
سأحدثكم اليوم عن مهرجانات الذبح من الوريد إلى الوريد ومن القريب إلى البعيد ، عن شعور آلاف الموظفين بجرحهم العميق ، وبخذلان الأخ والصديق ، هذا الجرح الذي يؤسس لثورة ، يؤسس لرفض ملتهب بالأحزان رفضاً لكل من يتاجرون بمعاناة أهل غزة .
وشيئاً فشيئاً تتكشف أبعاد المؤامرة ، فالحديث عن وحدة الوطن والتعامل معه على قدم وساق أصبح حديثاً مرناُ ومطاطياً جدا ً، أصبح حديثاُ ممجوجاً ، يمكن أن يكون في سياق التنظير والتأطير أو في سياسة المتاجرة بمعاناة أهلنا في القطاع الحبيب ، وفي سبيل تعزيز فعالية إدارة الإنقسام لا إنهاؤه ، كما يمكنها أن تكون َ ورق تواليت في حمام السيد المسؤول أو في حمام السيد الداعم .
سأحدثكم اليوم عن حال موظفي الشرعية في ظل سياسة التهميش التي يعيشونها ، وفي ظل سياسة الاهمال التي يواجهونها ، وفي ظل سياسة القهر والإذلال التي يرونها ، في ظل سياسة الخصومات التي تدبر وتنفذ بليل .
في ظل الضرب بعرض الحائط بكافة أخلاقيات الزمالة و بكافة الشرائع والمواثيق التي تربط رب العمل بموظفيه ، ترقيات متوقفة ، علاوات متوقفة ، معاملات بالقطارة ، وفقط لأصحاب الشطارة ، أمراض مزمنة فراغ قاتل ، آلاف بدون كيان ، فالعمل هو الميزان ، والشخص بدون عمل ليس له قيمة و لا وزن في المجتمع ، مياه تجري وأنت لا تدري ، ترقيات تحدث هناك ، وأنت مغضوب عليك هنا .
سأحدثكم اليوم عن حال كثير من القيادات التي من المفترض أن تدافع بكل قوة عن مصالح أبنائها فهم قادة يتحدثون وبهمهم كثيراً ما يتشدقون ، وإذا قيل لهم ماذا أنتم فاعلون ، ولماذا بالحق لا تصدحون ، وفي وجه الكذب والخداع لا تقفون كيف تقبلون بمن يسوفون ؟؟!!!!، وبمن بقوت الناس يتلاعبون .
يجيبونك وهم يتوارون ، نحن لسنا على بالهم ولا ما يحزنون نحن ملف يتبارى به المتحدثون يقولون ويقولون ... يتباكون .. يلومون .. ولكن لا يفعلون .
فأجابتهم العيون قبل أن يكملون ..
ما كانت الحسناء ترفع سترهـا ... لو أن في هذي الجموع رجـال .. وللحديث بقية .
تنويه : مبادرة النائب أبو هولي الخاصة بإستعداد الموظفين العموميين للعودة لأماكن أعمالهم ، مبادرة جديرة بالإحترام ونأمل أن تلتقطها النقابة وتعمل على تطوير آلياتها وطرحها كمبادرة هجومية بدلاً من الوقوف الدائم في خط تلقي الصدمات والضربات .