اغفر لك اختلافك معي في الرأي، وأغفر لك طعناتك السياسة في مواقفي التي تتعارض مع ممارساتك، ولكنني لن أغفر لك منتج الكراهية، هذه الثمرة الكريهة التي تقوم بتوزيعها على أطفال السياسة مع حليب الصباح. لن أغفر لك ما نثرته من أحقاد، أينع معها شوك الشك في النفس الفلسطينية؛ حين ترعرع حسن الظن بالطرف الآخر.
الشك مقصلة الحب، ودفيئة الكراهية في النفس البشرية، ولاسيما حين يتوه الخط الفاصل بين ابن أمي وأبي والطرف الآخر، الذي أملته علينا المفاوضات الثنائية، وهي تقدم لنا خطوط إنتاج الكراهية، مع قطع الغيار المتمثلة بعدم الثقة بالنفس، والعجز عن الفعل.
إن تصغير النفس إحساس يتوالد من المهانة السياسية، وهو الذي أوصل بعضنا للاقتناع بأننا عرب لا نمتلك شيئاً في سوق الأمم، في الوقت الذي يمتلك فيه عدونا كل شيء، تحقير الشأن فرخ صغير تربى في عش الكراهية، وهي نتاج اختلاف المواقف السياسية، التي قتلت الإبداع حين أوصلتنا للكراهية، فصار الإيمان بالتنظيم السياسي لدى البعض يسبق الولاء للوطن، وصار التنظيم من وجهة نظر البعض كاملاً للدرجة التي لا تخر منه المياه، فهو المنزه عن الخطايا، لأن رأي الزعيم هو الحق، بينما كل ما يطرحه التنظيم الآخر هو الباطل.
الكراهية دكتاتورية الموقف السياسية القائمة على نحن، نحن القرار ونحن المشوار ونحن الأخيار، ونحن البداية والنهاية والطريق والحريق، ومن يخالفنا الرأي يصير من الأغيار.
الكراهية بذرة ينثرها التفرد بالقرار الذي اوردنا الانقسام، الكراهية ثمرة طرحتها أشجار التعصب للتنظيمات بحكم العادة، والانتماء للتنظيم حسب الجو العائلي، ووفق الصدفة.
الكراهية ثقافة السياسيين الذين يتنفسون مفاوضات، فصاروا يسعلون عفن غاصب الوطن، ويتأففون من نسائم بني قومهم.
الكراهية مرض تفشى في أوساط الفلسطينيين بفعل الساسة، حتى صارت الخليل لا تشعر بما يجري في نابلس، وصارت جنين لا تدري بوجع أريحا، وصارت رام الله تشعل لمبة الكهرباء دون الإحساس بظلمة غزة؟
الكراهية مدرسة إسرائيلية تخرج منها كل من اعتقد أن العدو الغصب قد صار الجار، وأن الإسرائيلي قد أضحى المغوار، وأن سلاح المحتل يتفتح عطراً كالأزهار، ولا يطلق النار إلا ضد الفلسطينيين الإرهابيين الأشرار، ودفاعاً عن النفس اليهودية الشماء الأبية.