دعوة آل سعود لاتحاد الخليج.. فاقد الشيء لا يعطيه

انفضت القمة الخليجية الرابعة والثلاثون في دولة الكويت وحطت رحالها في محطة رئيسية عند دعوة جديدة قديمة تمثلت هذه المرة باقتراح النظام السعودي الانتقال من مجلس التعاون إلى حال من «الاتحاد».

منذ نعومة أظفارنا ونحن نقرأ ونسمع أن الوحدة العربية هي قدر العرب، وهذا ما يجب أن نعمل له جميعاً ولو كره الأعداء وأدواتهم وخاصة أننا نمتلك أسساً تحدد قوميتنا بشكل علمي جلي، وهي اللغة والتاريخ المشترك ووحدة الأرض الجغرافية والشعور الانتمائي للمواطنين العرب في جميع الدول العربية ووحدة الآمال والآلام التي تجمع أبناء الأمة العربية ووحدة المصالح السياسية والاقتصادية والتكامل الثرواتي والاقتصادي الهائل للوطن العربي، يضاف إلى ذلك موقع إستراتيجي يتوسط العالم ينتفع منه الجميع.

لا نأتي بجديد عندما نشير إلى أن العصر المقبل سيكون عصر التكتلات الدولية الكبرى وسيطرة القوى الاتحادية العظمى، التي ستمسك زمام السياسة العالمية وتفرض شروطها على بقية دول العالم، وهي ظواهر عاشها العالم في فترات سابقة بأشكال مختلفة.

من المهم أن نسأل اليوم عن موقع العرب في عالم الغد وكيف يحضرون أنفسهم للمستقبل الآتي في ظل تحديات جسام يواجهونها راهناً في ظل «الربيع العربي»؟. مشروع الاتحاد الخليجي مثال آني أثير مجدداً اليوم بمبادرة من نظام آل سعود. فما حظوظ نجاح هذا المشروع؟

الجواب يأتينا مباشرة من أهل الدار على لسان المحامي والنائب السابق في مجلس الأمة الكويتي عبد الحميد دشتي عقب انتهاء القمة الخليجية العتيدة مؤكداً «أن فكرة الاتحاد الخليجي الذي طرحته السعودية ليس له أي مقومات تشريعية وبنيوية لازمة وخاصة وجود أنظمة دستورية تحظى بالشرعية الشعبية وهذا الأمر غير متاح في السعودية ودول أخرى» وأضاف: «إن الشعوب الخليجية تنتظر من مجلس التعاون مشاريع اقتصادية ذات طابع تكاملي لم تتحقق حتى الآن رغم مضي ثلاثة عقود على إنشائه وبالتالي لا يمكن لها القفز في المجهول والموافقة على الفكرة السعودية بالاتحاد».

وهذه شهادة أخرى على لسان دبلوماسي خليجي قال فيها: «إن السعودية تتعامل مع «شقيقاتها» في الخليج بلغة الإملاءات وليس بلغة الحوار والنقاش، وإن السياسة السعودية الحالية ستقود الرياض نحو الهاوية، مضيفاً إن قرارات القيادة السعودية في الفترة الأخيرة تتصف بعدم الاتزان» مؤكداً «أن دولاً خليجية أخذت بنصائح دول إقليمية ودولية بضرورة الحفاظ على مسافة آمنة من سياسة الاندفاع السعودي التي ستقود المملكة نحو المجهول».

يبدو أن مقترح آل سعود سيثير مزيداً من الجدل بين الخليجيين وأن مآسي الانقسام الخليجي لن تتوقف كما هو حال الانقسام العربي وليس لهما مدى له قاع، وهنا يبرز موقف سلطنة عمان المشرف الرافض للمشروع، لأن حسابات هذا المشروع سعودية بحت لناحية مواجهة محور المقاومة والممانعة في المنطقة والعالم ( سورية - إيران - حزب اللـه ورفاقه في لبنان - بعض الفصائل الفلسطينية- روسيا - الصين - دول بريكس - دول أميركا اللاتينية - مجموعة شنغهاي- وغيرهم)، والارتماء أكثر في أحضان مشروع التطبيع مع العدو الصهيوني والاستمرار تحت العباءة الأميركية الغربية.

كان من المأمول أن تؤكد القمة الخليجية على مشروع المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني الأميركي في المنطقة، وأن تكون حسابات آل سعود على الاتحاد ثم الوحدة الشاملة بدل التهويل المستمر بالاتحاد متى اقتضت الحاجة ولحسابات مشبوهة تدعم الإرهاب وتدمر الدول وحاضر ومستقبل العرب تحت مسمى الربيع العربي في إطار «الفوضى الخلاقة» ومشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير.

وبعد

ولأن فاقد الشيء لا يعطيه فإن آل سعود وحلفاءهم من عرب وعجم لا يمكن أن يعطوا حرية وديمقراطية وتقدماً للعرب، بل على العكس من ذلك راح الحقد يعتمل أكثر في صدور هؤلاء الحكام الطغاة الذين لا بد أن ينالوا القصاص العادل عاجلاً من شعبهم التواق إلى استقلاله الوطني والقومي.