هنالك فرق بين التفويض وبين عدم القدرة، وهنالك فرق بين المساعي الجادة وبين المماطلة، وهنالك فرق بين تحمل المسئولية، والتهرب من الواجبات التي دأبت وكالة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين على القيام بها.
لقد تم تفويض وكالة هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا، لقد تم تفويضها من قبل المجتمع الدولي بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، فكيف يدعي السيد عدنان أبو حسنة، الناطق الرسمي باسم الأونروا، أن تزويد المخيمات بالكهرباء ليس من اختصاص الأونروا، ويضيف: نرجو من الجميع تفهم هذه القضية لأبعادها السياسية المعقدة، والتي تعتبر خارج تفويضنا.
فكيف نصدق نحن اللاجئين الفلسطينيين الذين عشنا سنوات اللجوء في المخيمات، وانتفعنا من خدمات الأونروا، بما في ذلك الوقود اللازم للإضاءة والطبخ الذي زودتنا به الأونروا على مدار سنوات طويلة من اللجوء؟ كيف نصدق أن إضاءة بيوت المخيم ليست من تفويض الأونروا؟ وما هي الأبعاد السياسية المقعدة في إضاءة بيوت المخيمات، والتي تعتبر خارج تفويض الأونروا كما يقول الناطق باسم الأونروا؟
مئات آلاف اللاجئين الفلسطينيين ما زالوا شهود أحياء على التفويض الذي مكن الأونروا من العمل داخل أوساط اللاجئين الفلسطينيين، منذ مطلع الخمسينات من القرن العشرين، حين قدمت الأونروا فرصة عمل للاجئين، وقدمت التغذية للعاجزين عن العمل، وقدمت العلاج للمرضى، وحرصت على صيانة المخيم، ونظافته، وحرصت على تعليم الطلاب اللاجئين، وقدمت لهم الحليب في المدارس، والطعام في مراكز التغذية.
فلماذا يصير اليوم تقليص الخدمات الضرورية المقدمة للاجئين؟ لماذا يصير قطع التموين عن ألاف الأسر المحتاجة؟ وهل اللاجئين في ظل الحصار بحاجة إلى تقليص الخدمات، أم هم بحاجة إلى برنامج طوارئ يمد يد العون لمن يحاول البقاء على قيد الحياة؟
لقد مثلت الأونروا بالنسبة للاجئين الفلسطينيين السلطة المحلية، والحكومة الشرعية، والسلطة الدولية التي ترعى كل شئون حياتهم، فكيف يدعي الناطق باسم الأونرا أن رعاية شئون اللاجئين خارج تفويض الأونورا، ليلقي بالمسئولية على الحكومة والبلديات، ويعتبر خدمة مخيمات اللاجئين ليس من ضمن اختصاص الأونروا، ويضيف في تصريح له لوكالة معا الإخبارية قبل فترة، ويقول: لا يمكن لنا ان نتجاوز التفويض الممنوح لنا للاعتداء على صلاحيات الاخرين، ولأنه ليس بمقدورنا ايضا ان نفعل ذلك.
إن إضاءة المخيم من صلاحيات الأونروا، وليست من صلاحية البلدية، وإن إيصال الماء للمخيم من صلاحية الأونروا، وعلى اللاجئين الفلسطينيين أن يتجاوزا بصرخاتهم جدران المخيم، وأن يخرجوا غاضبين في اتجاه مقرات الأونروا؛ مطالبة بحق اللاجئين بالإضاءة والوقود اللازم للطهي، ومن حقهم استعادة كل خدمات الأونروا التي جرى تقليصها على مدار سنوات.
لقد سمح التفويض الذي مارست الأونورا مهمتها على هدية بتقديم ضروريات بقاء اللاجئين على قيد الحياة مثل "سكر وطحين ومعلبات، وتمر، وسمنة، وكانت تقدم لنا الملابس والأحذية، وأعترف أمام القارئ بأنني وكل أبناء جيلي قد ذهبنا إلى المدارس حفاة، قبل أن تصلنا أحذية المتبرعين التي حمت أقدامنا من برد الشتاء ومن حر الصيف. وكانت الأونروا تقدم لنا مياه الشرب في المدارس وفي المخيم، ولم تكن تقبل الأونورا بأن تعتدي البلدية على صلاحياتها، ورفضت أن تقدم الحكومات المتعاقبة أي خدمة للاجئين الفلسطينيين خارج إطارها.
إنني أدعو اتحاد الموظفين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين إلى تطوير فعالياتهم، والتنسيق مع اللجان الشعبية في مخيمات اللاجئين، بحيث يصير التحرك المشترك الذي يحفظ للموظف مطالبه، ويعيد لفقراء اللاجئين حقوقهم الضائعة، كما أدعو إتحاد الموظفين إلى أن يتجاوزا في خطوتهم الاحتجاجية مخيمات قطاع غزة، ليستحثوا إخوانهم في مخيمات الضفة الغربية مشاركتهم مطالبهم، والوقوف صفاً واحداً مدافعاً عن حقوق اللاجئين الإنسانية الضائعة.