منذ اللحظة الاولى لتولي جون كيري وزير الخارجية الامريكي مهمته مبعوثاً للشرق الاوسط في أواخر فبراير 2013 ، وهو متفاءل الى الحد الذي جعل البعض يعتقد أنه يملك العصا السحرية ليلقيها على طرفي المفاوضات فتتحول الخلافات العميقة بين الطرفين بأمره الى حلولاً فورية ، وتُنثر الورود على طرفي التفاوض ، ويعم السلام في المنطقة ويعيش الجميع في أمان وصحبة .
وبعد استخدام كيري جُل طاقته في الضغط على القيادة الفلسطينية وبنصيحة عربية قبلت القيادة العودة الى طاولة المفاوضات من جديد- بعد توقفها لاكثر من عامين إثر توسع الحكومة الاسرائيلية في الاستيطان الذي لم يبق شيئاً من الارض تقام عليها دولة فلسطينية -أعلن كيري عن نجاح مهمته بالتوصل الى اتفاق لاستئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين قبل بدءها بأسبوع .
وبعد أن بدأت المفاوضات في الثلاثين من يوليو من العام الجاري توقفت مرة أخرى حين أعلن طاقم المفاوضات الفلسطيني تقديم استقالته للرئيس عباس إثر فشل المفاوضات بينهم وبين الطرف الاسرائيلي المتشدد في مواقفه المتطرفه والتي لم يُبد أي رغبة في التنازل عن أي مما كان قد اغتصبه من فلسطين.
ثم عاد جون كيري ليؤكد من جديد في ختام جولته للمنطقة في السادس من ديسمبر، عن وجود تقدم لم يحدث منذ سنوات على صعيد عملية التفاوض بين الفلسطينيين والاسرائيليين ، وبعد ذلك طرح مبادرته ، والتي بموجبها سيكون هناك وجود للقوات الاسرائيلية في غور الاردن لمدة تصل الى عشر سنوات ، وعلى الحدود الفلسطينية وعلى المعابر ايضا .
هذا الاصرار والتأكيد المستمر من وزير الخارجية الامريكي على نجاح المفاوضات وتقدمها الذي لم يحدث قبل ذلك ، إنما ينم عن شئ يُحاك ضد القضية الفلسطينية في تلك الاوقات ،خاصة في ظل غياب الفاعل العربي في معادلة " الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي" بعدما تم تقزيمه وسلخه عن الصراع العربي –الاسرائيلي ، حيث أن وزير خارجية أكبر دولة فاعلة في المنطقة لا يمكن أن ينطق عن الهوى، بل لديه من الدلائل ما يؤكد نبوءته عن التوصل لحل يكون مفصلا على المقاس الاسرائيلي ، ولا نعلم ماذا ستخبئ لنا اللحظات الاخيرة قبل الاعلان عن المفاجأة التي لا نتمناها .
حازم محمد زعرب