منخفض أﻟﯿﻜﺴﺎ ومحدودية الامكانيات !!!

كثر السؤال هنا من يحاسب من؟ ومن يدفع ثمن الخسائر وإرباك حياة المواطنين الفلسطينيين وتعطلها بعد المنخفض الجوي الذى كشف محدودية الإمكانيات وضعف التحضير والإعداد للموسم الشتوى؟.
كانت تقارير وتنبؤات الارصاد الجوية من مسار المنخفض "أﻟﯿﻜﺴﺎ" صادقة وعند وعدها ، امطارا غزيرة ، ثم ثلوج فى الاراضى الفلسطينية لم نشهد مثلها منذ سنوات خلت حيث أن الفوضى التي دبت في الضفة الغربية وغزة خلال الأيام القليلة الماضية تثير أسئلة كبيرة؛ أين ذهبت المليارات التي أنفقت على البنية التحتية منذ قيام السلطة الفلسطينية على مدى سنوات طويلة؟ ولماذا نمت مديونية السلطة الفلسطينية لمستويات غير مسبوقة طالما كانت البنية التحتية فى البلد غير قادرة على استقبال منخفض جوي؟.
التنبؤات الجوية المبكرة عن المنخفض، منحت الوزارات المختصة والبلديات ﻓﺮﺻﺔ للاستعداد ، ووﺿﻊ الخطط اللازمة. وفى الميدان ، بدا اﻟﺘﻨﺴﯿﻖ أﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ، واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻠﺤﺎﻻت الطارئة فى مستوى جيد .ولعل لهذا الامر بعدا إﯾﺠﺎﺑﯿﺎ يتعدى حدود "أﻟﯿﻜﺴﺎ"؛ ﻓﻸول ﻣﺮة منذ فترة ليست بقليلة ، ﺗﻨﺠﺢ ﻋﺎﺻﻔﺔ ﻓﻲ توحيد جهود الاجهزة الحكومية ، والأهلية والفصائلية خلافا لأوقات خلت حيث تحقق ما لم تحققه عواصف ﻛﺜﯿﺮة ضربت اﻟﺒﻼد والعباد والمنطقة. للأسف في بلدنا تغيب تقاليد العمل العام واحترام الموقع الرسمى ، ومن هنا فإن ما حدث يعيد فتح الباب للحديث حول دور الوزارات الخدماتية والبلديات.
وقفت بعض البلديات عاجزة ﻋﻦ اﻟﻘﯿﺎم بواجباتها ،لعدم توفر الامكانات اللازمة ، ونقص اﻵﻟﯿﺎت اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺢ اﻟﻄﺮق، وﺗﻮﻓﯿﺮ الخدمات للمتضررين واﻟﻤﺤﺘﺎﺟﯿﻦ ، وﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﺮض أﻧﻨﺎ ﺗﻌﻠﻤﻨﺎ الدروس ﻣﻦ الاعتداءات الاسرائلية على غزة ومن عواصف مشابهة ضربت اﻟﺒﻼد ﻗﺒﻞ سنوات بالاضافة الى تكرار فيضان بعض الاودية والسيول.
ترى لو كانت التحضيرات على مايرام وأخذت الاحتياطات اللازمة هل كنا سنشهد النتيجة ذاتها في التعامل مع مصالح الناس وحياتهم بعد الفشل الذريع في التعامل مع الأزمة الجوية التي جلبت معها فيضانات محلية وخارجية من طرف اسرائيل تسببت فى إغلاقات طرق، وفضحت لنا البنية التحتية المتهالكة لمعظم مدن وبلدات القطاع.
ان ما حدث يدق جدران الخزان من جديد ويثير تساؤل قديم جديد هل أبناء غزة غير مؤهلين لاختيار رؤساء البلديات فى محافظات غزة المختلفة ، رغم أن القطاع زاخر بالكفاءات والخبرات، كثيرون منهم من أهل العلم والدراية، وهل من المنطق والمعقول أن يبقى إشغال هذا الموقع الذي يمسّ حياتهم بكل تفاصيلها يتم بالتعيين أو بالانتماء الحزبي؟!.
ثم، هل سيتعامل رئيس البلدية المنتخب لمدة أربع سنوات مع الأزمات على هذا النحو المتردي؟ وهل ستبقى إدارة المجلس البلدى محاصصة فصائلية ، خصوصا أن الانتخابات البلدية التى جرت فى السابق اظهرت الصراع الفصائلى والحزبى المقيت ؟!
في ظل غياب معايير المساءلة والمحاسبة يبدو أن ما حدث فى المحافظات الشمالية والجنوبية قد يحدث تكرارا ، وليس من أحد قادر على الاعتراف بالتقصير وتحمّل المسؤولية أخلاقيا على الأقل للتكفير عن الأخطاء التي ارتكبت.
الأولى أن يسعى أهل غزة لا غيرهم للمطالبة بانتخاب المجالس البلدية ، بحيث يتسنى لهم محاسبتها من خلال صندوق الانتخاب.
الانتخاب لا يعطي الحق للناس بالاختيار فحسب، بل يجعل المسؤول خاضعا لمساءلة دائمة تحين عند موعد الاقتراع، بحيث يظل العمل والإنتاج وتحسين الأداء هو قاعدة وأساس العمل.
لسبب أو لآخر ظل مطلب اجراء الانتخابات مرفوضا بحجج وذرائع الانقسام البغيض، لكن النتائج التي تجنيها البلد والأوضاع المالية التي آلت إليها موازنة البلديات تتطلب إعادة النظر بالتوجه، خصوصا أن الوعي العام والحاجة لتنمية فكرة المساءلة والمحاسبة تفرض ذلك بقوة.
سكان قطاع غزة هم دافعو الضرائب وهم المصدر الرئيس لموارد المالية من رسوم وضرائب وغيره، ومن أقل حقوقهم اختيار المجالس والهيئات التى تشرف على مدن وبلدات القطاع .
اجراء الانتخابات البلدية تأخر كثيرا، ولدينا امل فى طى صفحة الانقسام ، لعل وعسى أن تأتي الانتخابات البلدية المقبلة ويتمكن المواطنون فى غزة من الانتخاب. يجب الإسراع في الاتفاق عليها وأن يتم إجراء الانتخابات وفقاً لمبدأ التمثيل النسبي الكامل.
وكم اكدنا اكثر من مرة الدعوة لإجراء الانتخابات باعتبارها طريقاً للإصلاح الديمقراطي ومعالجة التوترات الداخلية وفتح الطريق لإنهاء الانقسام المدمر.
وحسبى هنا أن أحيى وأثمن دور الهلال الاحمر الفلسطينى ورجال الدفاع المدني وطواقم البلديات والإسعاف والمتطوعين من خلال تقديم الاغاثة العاجلة لأبناء الشعب الفلسطيني. وكذلك لابد من الاشادة بدور وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم المحلية والعربية ، ﺑﻜﻞ أشكالها ، التى لعبت دورا ﺑﻨّﺎًء ﻓﻲ الاسبوع المنصرم ؛ فقد زودت المواطنين بالمعلومات ﻋﻦ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﺠﻮﯾﺔ أوﻻ ﺑﺄول، وكذلك ﺑﺸﺄن الحالة المرورية فى الطرق . وتجنب معظمها التهويل أو اﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ. ﻛﻤﺎ لعبت دورا إﯾﺠﺎﺑﯿﺎ ﻓﻲ لفت نظر اﻷجهزة اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻗﻊ واﻟﺤﺎﻻت اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ تستدعى تدخلا عاجلا .وﻣﺜﻠﻤﺎ هى اﻟﺤﺎل ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت، اعتمد المواطن الفلسطينى بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعى لتبادل المعلومات واﻟﺼﻮر عن تطورات الظروف الجوية ، وﺗﺴﺠﯿﻞ الملاحظات النقدية واﻟﺴﺎﺧﺮة لمن توفرت لديه بعض الكميات من البنزين أو السولار المفقود.. لكن هذا التواصل ﻛﺎن مفيدا ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷﺣﻮال للتخفيف ﻣﻦ وطﺄة "اﻟﺤﺸﺮة" ﻓﻲ اﻟﺒﯿﻮت لعدة ايام ﻣﺘﺘﺎﻟﯿﺔ.
لكن ما يثير الاهتمام ﻓﻲ ما يمكن أن نسميه "إﻋﻼم "أﻟﯿﻜﺴﺎ"، ھﻮ أﺳﻠﻮب بعض المسؤولين فى ﻋﺮض "إﻧﺠﺎزات" مؤسساتهم ؛ وعرض أنفسهم اعلامياً ﻓﯿﺨﺎل للسامع أن آﻟﯿﺎتهم ﻓتحت بيت المقدس، وليس مجرد شوارع فاضت بها برك المجارى وتصريف الامطار كنتاج لمنخفض"أﻟﯿﻜﺴا.
ليس بالضرورة أن لا يتكرر ما حدث لكن سيكون بالإمكان محاسبة كل المقصرين، فالمواطن الفلسطينى يستحق فرصة للتعبير عن مواقفه عبر مجالس منتخبة.