في ظل موازين القوى الدولية والعربية المختلة لصالح التحالف الإمبريالي الصهيوني وموقفه النقيض من ثوابت وأهداف شعبنا الوطنية، فقد بات واضحاً،نحن أمام خطة سياسية إستراتيجية إسرائيلية، بل صهيونية، تقترحها بمسمى أمني الإدارة الأمريكية لإبرام اتفاق إطار انتقالي يعيد إنتاج اتفاق أوسلو بمسمى دولة ممسوخة اي تجميل "الحكم الإداري الذاتي" القائم اسم دولة منزوعة السيادة والاستقلال والعاصمة ،هناك من يريد ان يبيع شعبنا اوهاماً ،وهو يعرف جيداً بأن ذلك مجرد خداع وتضليل،فالمفاوضات العبثية الجارية حالياً دخلت مرحلة تقديم تنازلات في ظل الحديث الذي يجري عن حل إنتقالي لمدة سنوات طويلة،حل يضمن لإسرائيل إستمرار السيطرة على الحدود البرية والمعابر والأجواء الفلسطينية،بما في ذلك استئجار سلة الغذاء الفلسطيني منطقة الأغوار لمدة طويلة،وزيادة على ذلك الكنيست الإسرائيلي صادقت على قانون يقيد اي حكومة اسرائيلية ويمنعها من تقديم تنازلات في القدس،دون الحصول على موافقة 80 عضو كنيست،وبمعنى آخر رفض الإنسحاب من القدس،وبالتالي ما يجري الحديث عنه لا دولة فلسطينية ولا العودة لحدود الخامس من حزيران/1967 بل "كنتونات "وجيتوهات " فلسطينية مغلقة مقطعة الأوصال جغرافياً وغير موحده على مستوى السوق والإقتصاد،وما هو مطروح الان في المفاوضات العبثية،هو شرعنة وتأبيد للإحتلال فوق الأرض الفلسطينية
ان ما يسمى باجتماع لجنة المتابعة العربية او الجامعة العربية ، وموافقتهم على اعطاء فترة للمفاوضات هو في الغالب من ضمن أجندة وزير الخارجية الأميركية جون كيري ، وهذا يشير وبضوح إلى الرغبة في تحقيق أي إنجاز على حساب القضية الفلسطينية، ومن هنا نرى الخطورة التي تكمن في استمرار اللهاث الفلسطيني والعربي وراء التوصل إلى حل من دون أن يملك العرب أوراق القوة التي تفرضه، مما يجعلهم مستمرين في مسلسل لا ينتهي من التنازلات، لهذا تبرزالخشية الحقيقيّة من تصفية للقضيّة الفلسطينيّة تحمل اسم حل انتقالي.
كيري وجولاته المكوكية ستبقى قائمة ومستمرة،وسيعتمد فيها على شراء الوقت والمزيد من تقديم العروض تستوي طبخة ، لتلبية شروطه كاملة، والسكوت على هذه الكارثة اكبر، ولذلك لا بد من حراك فلسطيني لاجهاض هذه المؤامرة ، حتى يرى كيري وغيره ان الشعب الفلسطيني ليس قطيعا من الغنم يمكن ان يفرط بحقوقه المشروعة بهذه السهولة، مقابل دويلة منقوصة، فذرة من تراب فلسطين اغلى من كل مليارات العالم.
إن المرحلة الراهنة بكل محدداتها ومتغيراتها العربية والإقليمية والدولية تشير بوضوح ان هنالك شيئ يطبخ على مستوى حل قضية فلسطين، بعد أن بات واضحاً بأن الفلسطينيون لن يحصلوا على دولة مستقلة،مما يستدعي من السلطة الفلسطينية أن لا توقع على أية اتفاقيات تؤدي إلى وضع الأجيال القادمة في متاهات السياسة الإسرائيلية , وهي سياسة غاشمة . كما لا يحق لهذه السلطة البث أو التوقيع على أي تنازل من ثوابت الشعب الفلسطيني وحقوقه ، واعادة النظر بما يجري من خلال رسم الإستراتيجية الوطنية، انطلاقاً من إعادة إحياء وتجدد الوعي بطبيعة "الدولة الصهيونية" ودورها ووظيفتها كمشروع إمبريالي لا يستهدف فلسطين فحسب، بل يستهدف ـ بنفس الدرجة ـ ضمان السيطرة الإمبريالية على مقدرات الوطن العربي واحتجاز تطوره.
أن إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية محليا وإقليميا ودوليا، يتطلب انهاء الانقسام الجغرافي والمجتمعي وتنفيذ آليات المصالحة, وتشكيل حكومة التوافق الوطني واصدار مرسوما بإجراء الانتخابات التشريعية ، وتحديد موعد إعادة تشكيل المجلس الوطني بالانتخابات وفقا لمبدأ التمثيل النسبي حيثما أمكن ذلك, وبأعلى توافق وطني ديمقراطي، وهذا يشكل انتصار سياسي فلسطيني يضمن المشهد الشعبي الفلسطيني القادر على صنع المفاجآت من خلال التمسك بكافة اشكال النضال ردا على سياسة الاحتلال الصهيوني في التهام ومصادرة المزيد من الأراضي، فالسياسة الصهيونية التي قامت على التوسع والاستيطان والاحتلال، لن تتوقف حتى بوجود ما يسمى اتفاقيات بل أثبتت التجربة أن حجم الأراضي المصادرة في ظل اتفاقيات اوسلو أكثر بكثير مما سبق.
ان الشعب الفلسطيني بارادته الحية سينتصر وينال الحرية، مهما كانت التحديات والصعوبات ، وهو يرى وقفة مناضلي الحرية القابضين على الجمر في سجون الاحتلال ومعهم الشرفاء والاحرار في العالم ليثبتوا ان ارادة الصمود والتضحية اقوى من جبروت الاحتلال واعلى من اسوار سجونه وبأن النصر آت لا محاله.
وامام كل ذلك نؤكد على التمسك بالثوابت الوطنية ووضع خطة للبدء في عملية تطوير وتعزيز دور منظمة التحرير الفلسطينية، والمراهنة على إرادة الجماهير وليس على مشاريع واتفاقيات من شأنها أن تختزل صورة النضال الفلسطيني في الحرية والاستقلال، وحق العودة الذي يعتب جوهر القضية الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس كاملة السيادة غير المنقوصة.
ختاما : لا بد من العمل على توافق فلسطيني لمواجهة خطة كيري، بالعمل الجدي من اجل قيام حراك شعبي واسع في الضفة وغزة وفي الشتات بمواجهة هذه المؤامرة ، والعمل استعادة القضية الفلسطينية بحضورها الشعبي عربيا وإسلاميا وعالميا.