الارهابيون المتحضرون... والديمقراطية المزعومة...!!!

بقلم: طلعت الصفدي

1

مهما اختلف فقهاء القانون وعلماء الاجتماع والسياسة ،ورجال الاقتصاد والفكر ،ومراكز البحث وصناع السياسات الإقليمية والدولية ،حول تعريفهم للعنف والمقاومة ،فان الشعوب المحتلة أراضيها ،تدرك بوعيها وبحسها الوطني أن مقاومة المحتلين والغزاة بكل الوسائل وأدوات النضال المختلفة السياسية والدبلوماسية والانتفاضات الشعبية،بما فيها العنف والفعل المسلح هو اساس تحررها السياسي والاقتصادي والاجتماعي ،دون أن يمس كفاحها بحياة المدنيين وأملاكهم ،وضمن الحدود الجغرافية لبلدانهم المحتلة ،وهو حق كفله القانون والمجتمع الدوليين حيث منحت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 12/10/1970 الحق للشعوب باللجوء الى كل أشكال النضال بما فيها الكفاح المسلح من أجل نيل استقلالها ،ولن يسقط هذا الحق مهما حاولوا وصم نضال الشعوب ،وكفاحها من أجل حق تقرير مصيرها ،وانتزاع حقوقها المشروعة ،ونزوعها للحرية والاستقلال ،ولن تنجح كل محاولاتهم وصم هذا النضال المشروع بالإرهاب .
فالإرهابيون المتحضرون ،هم مجموعات الدول الغربية التي فقدت مصادر نهبها للشعوب المستعمرة بعد انسحابها ،ولا زالت تحلم بالعودة لنهبها ،وأنشأت حكوماتها التي تدعي التحضر وتفوق جنسها البشري ،وتعلن دفاعها عن قيم ألديمقراطية وحقوق الانسان ،وتنصب نفسها حامية لها ،مستخدمة كل وسائل القهر والعدوان بما فيها اسلحة الدمار الشامل ،ولا يرمش لها جفن جراء ضحايا عدوانها وإرهابها من القتلى والجرحى والمعاقين والمهجرين ،وما يخلفه من دمار وخراب على كل المستويات البشرية والمادية ....الخ ان مجموعة هذه الدول تنتمي الى تاريخ الاستعمار القديم تتقدمهم فرنسا صاحبة الثورة الفرنسية التي نادت بالحرية والمساواة ،وبريطانيا التي لم تغب عن مستعمراتها الشمس سابقا ،والولايات المتحدة الامريكية راعية الارهاب في العالم ،وإسرائيل التي يعتبرونها جزءا من قيمهم ،تولوا نسخ نموذجهم الارهابي ،ولصقه في فلسطين وفي وسط العالم العربي .
يدعون زيفا ايمانهم بالديمقراطية ،يحاولون فرض ديمقراطيتهم بالقوة على الآخرين ،انهم في الحقيقة لا يدافعون عن الديمقراطية ،بل يمثلون المصالح والطغم العسكرية والمالية ،يتناقضون مع دساتيرهم وقوانينهم ،يبحثون فقط عن مصالحهم فإذا تعرضت للخطر ،سرعان ما يظهر ارهابهم وتكشيرة اسنانهم ونزوعهم للعدوان ،يمارسون العنف تحت ذرائع كاذبة ،يلاحقون المناضلين والمعارضين ،وتشارك اجهزتهم البوليسية والأمنية واستخباراتهم العسكرية في اغتيال القادة والمعارضين لسياستهم في اسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ،وحتى الداعين للسلام الحقيقي في العالم. .
ان منبع الارهاب في العالم ،واشنطن ولندن وباريس وبون وتل ابيب وعملاؤهم ،فالنازية والفاشية والصهيونية ،وأحزاب اليمين المتطرف والتمييز العنصري والتطهير العرقي منبعها تلك الدول ،تنفذها تلك الطواغيت مباشرة عبر طائراتها وأساطيلها المدججة بأسلحة الدمار بكل أنواعه وشراسته حتى المحرمة دوليا ،أو منظماتها الارهابية العسكرية وشبه العسكرية تتولى تنفيذ سياستها ،وتلعب الشركات الاحتكارية المتعددة الجنسيات ،وصندوق النقد الدولي ،ومنظمة التجارة العالمية دور كبير في تنفيذ سياسة تلك الدول ،فالإرهاب هو صناعة تلك الدول الغربية التي تدعي التحضر ،وهي المسئولة عن انتاج اسلحة الدمار الشامل بكل اشكاله ،وتصديره لحلفائها ،ومع تلك الوقاحة فإنهم يرفعون شعار الحرب على الارهاب ،ويعتبرون أنفسهم حماة العالم من التطرف .
لقد تدخلوا في كل البلدان في الشرق الأوسط ،ولم ينج بلد في اسيا او افريقيا وحتى امريكا الجنوبية إلا وكان تدخلهم وإرهابهم بلا حدود ،تدخلوا في العراق وسوريا وفلسطين ولبنان ومصر وليبيا وتونس واليمن والصومال وأفغانستان ومالي وساحل العاج وتشيلي وكوبا ونيكارجوا وفي كوسوفو والآن في اوكرانيا ... الخ انهم جميعا ارهابيون متحضرون ،يمارسون الارهاب المنظم بطرق متعددة ومتنوعة عسكريا واقتصاديا فالتهديد المبطن والمكشوف وصل حتى الجمعية العامة للأمم المتحدة ،ومجلس الأمن .
اسرائيل التي يطلقون عليها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط ،هي القاعدة الأمامية لإرهاب الدولة المنظم في المنطقة منذ قيامها غير الشرعي عام 1948 وما قبلها على ايدي عصاباتها الارهابية من الهاجاناه واسلي وشتيرن ،وهي في تزايد عبر متطرفيها العنصريين من غلاة المستوطنين ،والمدعومة من دول الارهاب الغربي ،فمصادرة الارض من الفلسطينيين ،وإقامة المستوطنات ،وتهويد القدس ومحاصرتها ،وبناء جدار الفصل العنصري ،وهدم البيوت ،والاعتداء على بيوت العبادة من المساجد والكنائس ونهب المياه ،وقطع الاشجار ،ومنع التواصل السكاني بين شعبنا في غزة والضفة الغربية ،وملاحقة الصيادين والعمال والحصار ،والقتل بدم بارد للمتضامنين الاجانب ،واحتجاز اكثر من 5000 اسير ومعتقل في سجونها ومعتقلاتها التي لا تتوفر فيها أدنى حقوقهم التي نصت عليها المواثيق الدولية وحقوق الاسرى والمعتقلين ،وسرقة التراث الفلسطيني والحضارة الفلسطينية ... الخ اليست كل هذه الممارسات والتعديات على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ارهابا ؟؟ .
ان سياسة الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ،وإصرارها على رفض الاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني ،ومنعه من اقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس ،خالية من المستوطنين والمستوطنات ،وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة لديارهم والتعويض طبقا للقرار 194 هو انتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ،وكل من يعيق هذه الحقوق في نظر شعبنا الفلسطيني وقوى السلام والتقدم في العالم هو ارهابي من الدرجة الاولى مهما تمسح بالديمقراطية وحقوق الانسان ،فالديمقراطية لا تتجزأ ،والحقوق الوطنية للشعب لا يجري المساومة عليها ،ولن تسقط بالتقادم مهما كانت موازين القوى لصالح المحتل ،ومهما كانت بشاعة ارهابه ومجازره ضد الشعب الفلسطيني ،وشعبنا الذي يمتلك تاريخا حضاريا ،ومخزونا كفاحيا ،يمتلك مقومات المقاومة والصمود .

طلعت الصفدي غزة فلسطين
الاثنين 23/12/2013
[email protected]