وسامٌ آخر تستحقه هذه الجماعة يزيد مكانتها عند المسلمين في ربوع الارض، يتنافس بين الكثير من الأوسمة والشهادات التي تزيد من رصيدها في القلوب وتزيد ثقلها في الشارع، كيف لا وهو ياتي بعد شهور من صمودها على الحق، ووقوفها بكل تشكيلاتها رجالا ونساء وأطفالاً ضد الباطل، اورتقائها عن الدماء صوناً لفكرها الذي تحمله، ورحمة بالضعفاء الذين تعولهم، ورفعا لمكانة مصر وريادتها إذ استهدفها الانقلابيون والليبراليون والمتآمرون على الأمة.
لن أسرد لك عزيزي القارئ تاريخهم فهو حافل بالكثير من التكريم والعرفان من الحكام؛ بدأ بعد أن عاد أبناءها من الدفاع عن كرامة الأمة في فلسطين، ليضعوا أيديهم على الجرح قبل الضياع، فتوجت بأمر حل الجماعة ثم قتل المؤسس حسن البنا، ثم بإعدام سيد قطب وحسن الهضيبي وآخرين إثر اعتراضها على خيانة عبد الناصر وتوجهه للدول العظمى بدل أمته وشعبه في مشروع النهضة، ثم حظرت في عهد مبارك لسدها ما أخلت به الحكومة في حق شعبها من خدمات ودعوة وإرشاد.
أعلنت حكومة الانقلاب أن جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا لا رأي له ولا مكان على أرض مصر، وأنها ستعاقب إن خالفت هذا الإعلان وناصرت فكرة ما في الشارع، وفي هذه الحالة يُتَوقع ان ترضخ الجماعة وتعلن حل نفسها واعتذارها عن أفعالها الإجرامية وأن مكانها تحت ظل النظام الذي يمثل الشعب، ولا اري قائدا من قادتها خارج أسوار السجن يُصدر هذا القرار، بل لا أرى لها وجودا في الشارع يمثلها، إذ قتل الآلاف من أبنائها في رابعة والنهضة، كل ما أراه هو شعب كامل بكل مكوناته من مثقفين وحرفيين وطلاب ونشطاء يلبس زي الإخوان بكل فخر ليقف أمام الباطل وقفة رجل واحد.
لسنا بحاجة لاستكمال التحقيقات في القضية الأخيرة، فهي محسومة كقتل الجنود، واغتيال الضباط، وإيقاف نهضة البلد واستقلالها، كلها تحمل ختم الإخوان وتوقيع قادتها، ويكفينا تحريات القنوات الفضائية "غير الرسمية" ومصادرها أدلة على إجرامها، بل يكفينا أنها تقف على الجهة المقابلة للحاكم الفذ، محقق آمال الشعب وواضعه في عينيه، حافظ هيبة الدولة، ومخلصها الوحيد، وناصرها على أعدائها من الداخل، لكننا بحاجة إلى فقرة أو جملة نكتبها عن جماعة الإخوان المسلمين نقنع فيها الأجيال القادمة أن نشاطاتها الدعوية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية كانت تستهدف غير شعب مصر المسلم والمسيحي.
لم تحظ هذه الجماعة بأي تقدير من سلطة حاكمة منذ انطلاقتها، ولن يكون لها مكانة أو تقدير إلا إذا ملكت السلطة التشريعية والتنفيذية، وستفوز بها أقرب مما يتصور البعض مهما تآمر عليها المتآمرون، وليس ذلك تعصبا فلا أدعي الانتماء لها، بل لأنها تخرج من بين الشعب الكادح الفقير لتبني مجدها بتلبية احتياجاتهم وبناء نهضة الوطن والأمة، وهي مع ذلك تحمل فكر الإسلام وتسعى لتطبيقه وتؤمن بالشورى وحقوق الأقليات، بينما يأتي الآخرون بقوة المال والسلطة والعسكر ليسيطر على شعوبهم ويبني مجدا شخصيا، ويحمل فكرا منحلا ماجنا مستوردا من مجتمعات لا يمكن بأي حال أن تتفق أعرافها مع شعب عربي مسلم.
يجب على أبناء جماعة الإخوان إعلان اعتزازهم بالانتماء لهذه الجماعة، وعلى كل منصف أن يعبر معها عن احتجاجه على الظلم، فلم يعد ممكنا أن يتم السيطرة على حسابات مؤسساتها و تعتبر إرهابية تلبية لأطراف تسعى للسيطرة على بلداننا اقتصاديا وسياسيا، ويعترف بها العالم مثالا للحفاظ على الحريات واحترام القانون، ثم يصمت الجميع على قمعها، لقد آن الأوان لكل الشعب العربي المصري أن يعلن أنه لن يقبل الظلم، وفرض أحكام لا تستند إلى دليل، وأنه رغم كل شيء سيحيى كريما.