يسقط يسقط حكم العسكر

بقلم: فايز أبو شمالة

قد صارت مرعبة، وصارت رهيبة، ترتجف منها الرتب العسكرية، إنها جملة "يسقط يسقط حكم العسكر" التي تدوي في سماء مصر فينتفض لها نهر النيل، وتجري كرامة وحرية في شوارع مصر، وتعلن سقوط الخيار العسكري لحسم الخلافات السياسية.
يسقط حكم العسكر، إنها الجملة التي احتمى فيها التحالف الوطني لدعم الشرعية، فبادر إلى إدانة للتفجير الإرهابي في الدقهلية، بعد دقائق معدودة من حدوثه، وأكد على براءته التامة من هذا العمل الشائن، بينما ألصق حازم الببلاوي التهمة بالإخوان المسلمين فوراً.
إن سرعة إدانة تحالف دعم الشرعية للتفجير لتؤكد أن القرار المسبق الذي أجمع عليه قادة تحالف دعم الشرعية هو عدم اللجوء إلى السلاح إطلاقاً، واليقظة التامة من أي محاولة لزج اسم التحالف الوطني لدعم الشرعية في أي عمل إرهابي، مع التركيز على أهمية الاعتماد على وعي المصريين وثقافتهم وتراثهم الحضاري في إسقاط الانقلاب، والصبر على وجع الاعتقال والضرب والسحل في الشوارع، مع الحرص على ترميم العلاقة الصادقة مع قوى ثورة 25 يناير، بهدف تصفية الانقلاب، والعودة يمصر إلى طريق الديمقراطية.
إن سرعة الاتهام، وسرعة توجيه بعض عناصر الأمن للاعتداء على ممتلكات الجماعة لتؤكد فشل الانقلابيين في تمرير انقلابهم، وأنهم بعد ستة أشهر يتخبطون، وأن امتلاك مصادر القوة والعنف وحدها لا تكفي لحسم الصراع الدائر على مستقبل مصر، فالمصري الذي أدلى بصوته قبل عام ونصف، وانتخب بشكل ديمقراطي الرئيس محمد مرسي، لم يغير رأيه، والمصري الذي صوت بنعم على الدستور قبل أقل من عام، لم يكن غبياً، وكان يعرف أنه يقف مع مصر كلها، حين صوت بنعم لدستور 2012، هذه الحقائق التي يحاول أعداء الديمقراطية أن يقفزوا عنها، كشف عنها استطلاع للرأي أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة"، ـ وهو مركز لا يؤيد الإخوان المسلمين ـ لذلك فقد ذكر أن 30% من المصريين يحملون الإخوان المسلمين مسئولية تفجير الدقهلية. إن هذا الرقم يجعلني استنتج أن نسبة 70% من المصريين لا يتهمون حركة الإخوان المسلمين بالتفجير، وهذا أمر منطقي، لأن نسبة 70% من المصرين تقريباً قد أعطوا صوتهم لتحالف الإخوان المسلمين قبل ذلك خمس مرات.
ما لفت نظري في استطلاع الرأي ذاته؛ أن 3% فقط من الشعب المصري يحمل حركة حماس المسئولية عن تفجير الدقهلية، وهذا أمر طبيعي ومنطقي، وقد تجد هذه النسبة الحاقدة على المقاومة والإسلام؛ قد تجدها في مصر وفي فلسطين وفي العراق وفي اليمن والمغرب.
إن الانقلاب الذي اعتمد السلاح طريقاً للإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطياً ليمثل قمة الإرهاب الدولي، ومن مارس الإرهاب ضد رئيسه المنتخب لا يصعب عليه ترتيب التفجيرات في مقرات الأمن كي يبعد عن نفسه تهمة الإرهاب، وكي يبرر مستحدث إرهابه داخل الجامعات، وضد المتظاهرين في المدن المصرية، وللانقلابيين في هذا المجال السبق في صناعة "بلاك بوك" ولهم السبق في صناعة الطرف الثالث.
الانقلاب هو الطرف الثالث الذي يستهدف مصر، ويضرب بدكتاتورية الفرد جموع الشعب المصري، الانقلاب هو الخيانة العظمي لإرادة الشعب المصري، الذي يدرك أن مكانة مصر الكبيرة قد أوجدت تحالف المتآمرين العريض، الذين أرعبهم حضور مصر الديمقراطي القوي الثوري الفاعل في المشرق العربي، الحضور الذي لا بعني اختفاء قادة العرب الأقزام فقط، وإنما يعني تصفية حقبة سياسية عربية أفرزت قيادات العفن، التي أسس وجودها لاغتصاب أرض فلسطين، وقيام دولة إسرائيل.
قدر مصر أن تبقى في عين العاصفة، وقدر مصر أن تصعد إلى قمة الحرية بمشقة بالغة، وقدر مصر أن تظل ناراً متقدة، وهي تؤسس واقعاً عربياً جديداً لا يلتقي مع القديم الذائب، ولا يبنى على أصوله الجافة، قدر مصر أن تنتصر داخلياً لتملي إرادة الأمة خارجياً.