فتح .. ثورة البقاء حتى الانتصار

بقلم: لؤي زهير المدهون

فتح ثورة العمالقة ثورة البقاء حتى الانتصار، في مثل هذا اليوم الخالد يوم الأول من يناير1965 استطاع شعبنا أن يحقق واحداً من أبرز الانتصارات التي يزخر بها تاريخه الكفاحي الطويل، والذي تحيي ذكراه جماهير شعبنا في الوطن والشتات يوما وحدوياً شامخاً، فكل التحية إلى جماهير شعبنا وإلى كل مناضلي ورواد الثورة الفلسطينية الخالدة ثورة الأول من يناير الذي توج بها شعبنا كفاحه المسلح بمحاربته الاحتلال من اجل انتزاع استقلاله الوطني وما زال يناضل باسم ثورته لتحرير الأرض والإنسان من نير الاحتلال، وتقرير المصير .

إن الذكرى التاسعة والأربعون لانطلاقة الثورة الفلسطينية، انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح )  التي يحتفي بها شعبنا تمثل سمة بارزة من سمات الوحدة الفلسطينية الوثيقة، وتعكس في نفس الوقت الترابط الجدلي بين ثوراته ونضالاته ضد الغزاة والمحتلين وحلفائهم، وضد كل أصناف الظلم والعدوان، كما شكل هذا اليوم بداية جديدة وجدية للمسيرة الوحدوية الظافرة، والتي مكنت شعبنا من تحقيق هدفه الاستراتيجي العظيم بإحياء وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية كمنظمة شاملة وواعدة متجاوزة كل أنواع الصعاب والمعوقات ومختلف المنعطفات والمخاطر التي واجهت قضيتنا الفلسطينية بأن أصبح الفلسطينيون أحرارا في ممارسة جميع الحقوق التي تمارسها الأمم المستقلة، وصار من حقوقها ومن واجبها أن يتولى أبناؤها بنفسهم شؤونهم السياسية والإدارية والمدنية، وأن يعملوا جاهدين على إنقاذ وطنهم وصيانة أبناؤهم .

لقد عزز شعبنا انتصاره التاريخي بتفجير ثورة الأول من يناير 1965 الظافرة ليواجه الاحتلال الإسرائيلي ويجبره على الرحيل من الأرض الفلسطينية برغم ما كان يمتلكه من قوة وما امتلأت به ترسانته الاحتلالية من أسلحة تدميرية وعتاد عسكري إلا أن إباء الثوار وإصرارهم واستبسالهم كان الأقوى من تلك الأسلحة والعتاد حيث صنع شعبنا تحولاً تاريخياً هاماً بتحول قضيته من  قضية لاجئ ومشرد إلى قضية وطنية باتت تحتل كل المحافل الدولية، ومن قضية حدود إلى قضية وجود في هذه المنطقة العربية الإستراتيجية التي عاد أمرها للإرادة المستقلة للشعب الفلسطيني واقترب كل أبناء الوطن أكثر من أي وقت مضى من وحدتهم المصيرية التي ظل الاحتلال عاملاً خطيراً يقف متآمراً مع الأنظمة الموالية له للحيلولة دون تحقيقها، وظل شعبنا يناضل في أجواء شائكة وفي ظل مؤامرات عدوانية شرسة أخذت تتواصل وتتداعى بدون كلل ضد شعبنا المكافح بهدف تمزيقه وإضعاف قدراته وإبقائه مشطراً يعاني من ويلات الانقسام والتشرذم ولكنه استطاع أن يتصدى بحزم وحسم لكل أشكال التآمر وأن يتجاوز كل المعوقات والصعاب والمحن .

إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية بأغلبية أممية قد أفقد المتآمرين صوابهم، فعادوا يمارسون أحقاد تآمرهم من جديد ضد الشعب الفلسطيني ووحدته الخالدة، وإننا لعلى ثقة كبيرة بأن شعبنا الأبي المتمرس في كل معارك النضال الوطني الصاعد والمدرك بأن وجوده الحضاري لم يتحقق كاملاً إلا بالوحدة لسوف يفشل تلك المؤامرات، وليس أمام أعدائه إلا أن يتلقوا المزيد من دروس الخزي، فقد فجر شعبنا ثورة الأول من يناير الخالدة وتآمر عليها الأعداء وأفشل شعبنا تآمرهم وحقق انتصار الثورة بتوحد شعبنا وفصائله في إطار منظمة التحرير؛  مؤكدا في كل أطوار ثورته بأن كل أعمال التآمر العدوانية الحاقدة لا تزيده إلا صلابة وعناداً ثورياً وتقوي قدرته في التعامل المقتدر والحكيم مع أعدائه من المتآمرين ومن يقف وراءهم .

إن إحياء ذكرى الثورة الفلسطينية هذا العام يأتي في ظل هجمة أمريكية إسرائيلية شرسة على القيادة الفلسطينية، والمنظومة العربية ردا على الانتصارات العظيمة التي حققها  شعبنا الفلسطيني بانتصاره بصموده ووحدته على الهجمات الصهيونية الشرسة المتكررة على قطاع غزة، وانتصار قيادته السياسية دبلوماسيا على حكومة الاحتلال باعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية ورفع مكانة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى دولة مراقب؛ وما كان لهذين الانتصارين أن يتحققا لولا صدق الإرادة وإخلاص العمل وترجمة إرادة الشعب، والوفاء لتضحيات الشهداء الأبرار الذين قدموا أرواحهم رخيصة من أجل أن تنتصر الثورة ويتحقق للوطن التحرر والوحدة.

لقد قدم شعبنا تضحيات جسيمة لا تقدر بثمن وليس لها مثال في التاريخ في معارك مواجهة الاحتلال وعبر مسيرته النضالية التي تتسم بخصائص متميزة عن كافة الحركات الوطنية في خضم المد القومي العربي، فواجهت قيادته أشرس ما يمكن أن تواجهه إرادة الحرية والكرامة، فكان الاعتراف بالدولة الفلسطينية ورفع مكانة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى دولة مراقب بمثابة انطلاقة جديدة للثورة الفلسطينية؛ مقدماً صورة وطنية نضالية مشرقة في الانتصار لإرادته في الحياة الحرة الكريمة وفي تحقيق السيادة الوطنية المستقلة وامتلاك خيار البناء الحضاري اعتماداً على الذات وعلى أسس من الممارسات الديمقراطية السليمة.

إن الثورة الفلسطينية أصبحت اليوم أقوى ما تكون صلابة في الواقع وأفضل ما تكون عطاءً في حياة الشعب حاضراً ومستقبلاً في ممارسة الشعب لدوره القومي والإسلامي والدولي في حالة تاريخية تعتبر تطوراً عظيماً في حياة شعبنا وأمتنا العربية تتجلى عبرها إرادة الاستقلال والانتصار على كل أشكال التبعية .

عبر الزمن واجه شعبنا الفلسطيني أصنافاً من العداوات والمؤامرات التي لم تزده إلا إصراراً وعناداً على طريق تحقيق كل أهداف الثورة في الحرية والوحدة مقدماً التضحيات الجسيمة في سبيل القضاء على شبح الانقسام والتشرذم الرهيب وتجسيد الدولة الفلسطينية وهذا يجعلنا نشدد على عدة مسائل لتصليب وتصويب مسار العملية النضالية الفلسطينية ومنها :

1- ضرورة الإسراع في استعادة وحدة الموقف الفلسطيني وإنهاء حالة الانقسام، الذي أضعف الموقف الفلسطيني، وعزز الصلف والغطرسة والعنجهية الإسرائيلية، والشروع الفوري بتنفيذ اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة، وقرارات اجتماع لجنة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية الذي عقد في القاهرة في شباط/2013؛ وتشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة الأخ الرئيس محمود عباس أبو مازن التي يقع على كاهلها إجراء الانتخابات الرئاسية والمجلس التشريعي والمجلس الوطني الفلسطيني .

2- وقف المفاوضات فورا مع حكومة الاحتلال ما دامت لم توقف الاستيطان، ولم تعترف بحدود الرابع من حزيران 1967م حدودا فاصلة بين دولة إسرائيل ودولة فلسطين والقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية .

3- رفض الخطط والمبادرات والرؤى الدولية أيا كانت الجهة أو الدولة الصادرة عنها ما دامت تتجاهل حقوق شعبنا الفلسطيني في التحرير وتجسيد دولته الفلسطينية على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967م .

4- انضمام دولة فلسطين للمواثيق والمعاهدات والمنظمات والوكالات التخصصية الدولية والتوجه إلى مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة ولكل المؤسسات الدولية الأخرى لمساءلة إسرائيل ومحاسبتها على الجرائم التي ترتكبها بحق الإنسان والأرض الفلسطينية، ولاتخاذ قرارات دولية جديدة تلزم إسرائيل بالانسحاب الكامل من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في العودة وتقرير المصير وتجسيد دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وبعاصمتها القدس.

5- رفض الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل، وتعديل مبادرة السلام العربية، ودعوة الدول العربية الشقيقة لعدم الاستجابة للدعوات الأمريكية والإسرائيلية التي تطالب بتعديل مبادرة السلام العربية، والاعتراف بيهودية دولة إسرائيل .

6- رفض إجراء أي تبادل للأراضي بين دولتي فلسطين وإسرائيل يمكن سلطات الاحتلال من الاحتفاظ بأية مستعمرة أو أي مستوطن في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما في ذلك القدس، والخليل، والأغوار .

7- إعادة الاعتبار للحركة الشعبية الفلسطينية، وإشراك الجماهير في صياغة وتنفيذ كل أشكال المقاومة الشعبية التي تستهدف التصدي لإجراءات الاحتلال ومخططاته بكل أشكالها، والابتعاد عن كل أشكال الفئوية والاسترجال في العمل، وعن لغة التخوين، وعن المماحكات التي تجري على وسائل الإعلام .

وفي الختام لكل شهداء الثورة الفلسطينية تحية إجلال وإكبار، ولهم نجدد العهد بالمضي على درب النضال من أجل فلسطين العدل والحب والسلام، مؤكدين أن الوفاء للشهداء والعرفان لتضحياتهم الجسيمة يتجسد فيما يصنعه كل أبناء شعبنا من انتصارات متتالية على طريق بناء المجتمع الجديد الذي به تتعزز قدرته في الدفاع عن سيادته وحماية كل المكاسب والإنجازات والحفاظ على دولتنا الفلسطينية ومؤسساتها ومقدراتها من كل الأخطار المحدقة، والمحاولات العدوانية التي تستهدفها ومنظمة التحرير وثورتنا  الفلسطينية .