كنعان في عيادة الطب النفسي / الجزء السادس

بقلم: أحمد إبراهيم الحاج

 

الأصدقاء أفاعي، الأقارب عقارب، العدو فك مفترس
الجزء السادس من كنعان في عيادة الطب النفسي
الجلسة الثالثة

.................................................
دوامت على تناول الدواء بانتظام.
تحسن نومي، وتفتحت شهيتي،
لكن إزداد خمولي وكسلي، وما زالت قواي خائرة.
...
جاء موعد الجلسة الثالثة.
كعادتي جلست بصالة الإنتظار،
غطيت وجهي بالكوفية متخفياً.
وما زال خرق النظام في العيادة مستمراً.
دفعت رسوم الجلسة ودخلت.
....
أصغيت للطبيب بكل جوارحي.
إسمعني جيداً يا كنعان:
الأمراض كالناس ثلاثة أنواع:
عدوٌّ وصديقٌ وقريب.
هنالك أمراضٌ قاتلةٌ كالعدو،
عليك أن تحذر منه في كل زمان ومكان،
فإن تمكن منك إبتلعك وهضمك كالفك المفترس.
...
وهنالك أمراضٌ كالصديق،
الصديق السلبي يمكن اتقاء شره،
على الرغم من بعض ايجابياته،
"درءُ المفاسد أولى من جلب المنافع"
بعض الأمراض كالأصدقاء،
يمكن إتقاء شرها بالعلاج.
تختفي من حياتك وإن عادت إليك،
تعرف طريق الخلاص منها،
بوصفةً من أمك أو بزيارة الى الطبيب.

الأقارب يا كنعان كالقدر، يصعب الإنفكاك منهم.
إن فهمناهم جيداً، سوف نحسن التعامل معهم،
نتقبَّل سلبياتهم بتسامح،ونبني على إيجابياتهم.
"إدفع السيئة بالحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن".
بعض الأمراض مزمنة كالقريب.
لم يُكتشف لها علاجٌ حاسمٌ بعد.
أسبابها وراثية أو عرضية،
وقد ترافقنا بحياتنا ما حيينا،
في حالتك العرضية يزول المرض بزوال السبب.
هذه الأمراض تماماً كقريب أو نسيبٍ ثقيل الظل،
إن فهمناها جيداً وأحسنا التعامل معها.
سنعيش حياتنا طبيعية كالأصحاء.
وإن عاندناها فإننا نعاند أنفسنا،
وبذذلك نكون نحن وحدنا الخاسرين.
…..
سأقربها اليك أكثر:
الأصدقاء يا كنعان كالأفاعي،
متحركون باتجاه مصالحهم،
يروحون ويجيئون،
لا يستقرون زماناً ولا مكاناً.
إن تعاملت معهم بذكاء تتقي شرهم،
فإن تركت الأفعى تسعى دون اعتراضها،
وأنت غير قادر على مقارعتها،
ستمضي في طريقها دون أن تؤذيك أو تلدغك.
على أقل تقدير:
إن لم تستطع كسب الأصدقاء لجانبك،
تُحيِّدهم كي لا يصطفوا مع أعدائك،
تبادلهم المصالح بالمصالح، تعطيهم وتأخذ منهم.
وإياك أن تعطيهم بدون ثمن.
سيستوطون قامتك،ويقفزون عنك كيفما وكلما شاؤوا.
...
الأقارب كالعقارب لا يتحركون،
يسكنون معك ويعيشون بين ظهرانيك،
ألم تسمع بمثل أجدادنا الذي يقول:
"مطرح العقرب لا تقرب، مطرح الحية أفرش ونام"
وقول الشاعر:وظلم ذوي القربى أشد مضاضة.
مصيبتنا في بلادنا يا كنعان أننا لا نحسن التعامل،
لا مع الأعداء ولا مع الأصدقاء،
ولا حتى مع الأقارب والجيران،
لذلك نُلدغ من الأفاعي والعقارب على السواء.
قصدي من الأصدقاء والأقارب والجيران،
تتبعثر قوانا وتتهاوى مقاومتنا،
فيفترسنا الأعداء بسهولة.
ونخسر معهم المعركة تلو المعركة.
...
لا بد من التعرف على المرض،
تماماً كالتعرف على العدو حتى تتقي شره.
مسبباته، أعراضه، طرق الوقاية والعلاج.
أولاً تعريف المرض: ما هو الفصام العقلي؟:
نظر الطبيب الى الساعة وقال:
لسوء الحظ، وقتك انتهى،
هل لديك نقوداً نكمل بها الجلسة،
تبقى لديّ عشرون دينار اًثمن تنكة الزيتون،
"إذن إحجز موعداً قريباً،
قلت لك سابقاً وأكررها اليوم
من المستحسن يا كنعان، وحتى تتعافى بسرعة،
أن تحضر معك نقوداً كافيةً".
إلى اللقاء في الجلسة الرابعة


بقلم أحمد ابراهيم الحاج
5/1/2014 م