في زحمة الأحداث السياسية والأزمات الهامة والتركيز الاعلامي المحلي والدولي عليها ،، وفي ليل الهموم التي تأخذ الألباب من الجميع ،،، فجأة تَفَتَّق ذهن د. رامي الحمد الله وأقطاب حكومته، فاكتشفوا بأن قوماً من غزة، قد خرجوا عن القانون، يأخذون ما لا يستحقون، من "علاوة إشراف وبدل مواصلات" دون أن يمارسوا عملاً مع حكومة حماس الشرعية واجبة الطاعة والولاء، منذ تاريخ الانقلاب، حتى تاريخ الاكتشاف العظيم .
أزمة السلطة المالية المتدحرجة بعلم وفعل الممولين، لن تحلُّها بضعة شواقل مخصومة من شريحة هُدِرَت حقوقها من الموظفين الذين دفعوا ثمناً باهضاً جراء الانقسام !!!
بالأمس القريب كنَّا أمام تطبيق قانون التقاعد المبكر للموظفين المدنيين، ومن بعدها كان إجراء زيادة الخصم لصالح شركة الكهرباء وتبعها إجراء وقف رواتب أصحاب التوكيلات،، تلكم الأزمات المفتعلة الموجهة حصراً لحماة الشرعية الوطنية في غزة، انتهت جميعها بسواد الوجه لمن فكر فيها ومارسها وتراجع عنها مرغماً بقوة الحق وبالقانون، وليس بفعل أخلاق وحياء فئة عُهِدَ إليها تعزيز صمود الشعب وتلبية حاجاته وحماية القانون والمعاهدات والمواثيق مع الشعب أولاً ومن ثم مع الآخرين...
حجم الكارثة التي حلت بموظفي السلطة في غزة إبَّان الانقلاب المشؤوم لا يقوى على رؤيتها وإدراكها من كان في غيبوبة سياسية في حينها ويؤسفني إعادة التذكير لذوي الذاكرة المثقوبة من وزرائنا الميامين،،، بأن من عمل مع حكومة الانقلاب في حينه كان محل إدانة وطنية ترتقي لمستوى الخيانة وقطع الراتب،، وقد حمت الشرعية حقوق كل الذين رفضوا العمل تحت إمرة حماس،، ولم يتجرأ أحدٌ في الحكومة السابقة على النكوص والتنصل من قرارٍ اتُّخذ من أعلى الهرم السياسي، لأنه كان يعي الأمر من كل جوانبه السياسية والأخلاقية والقانونية...
لقد تنكَّرت الحكومة لالتزاماتها،، وارتكبت عملاً فيه من الغدر والخداع والنذالة والخسة ما يخجل منه كل ذي دم وحياء،، معتقدة بأنها ستنجو بفعلتها المشينة بحق الموظفين في زحمة الأزمات التي يمر بها الشارع الفلسطيني..
أنا أستغرب كيف لوزراء شاركوا في الحكومات السابقة، وكانوا الأشد بأساً في وقف رواتب المئات إن لم يكن الألوف ممن التزموا بحكومة حماس ولم يلتزموا بهم ،، كيف لهم أن يقولوا لنا اليوم لسنا على رأس أعمالنا، وبأن الذين التزموا بحماس هم فقط الذين على رأس أعمالهم، ويستحقون علاوة الاشراف وبدل المواصلات،،، وهل سيتم دفع العلاوة والبدل من رام الله وأصل الراتب المقطوع عنهم من غزة ؟؟؟
لقد تكرر الخصم للشهر الثاني على التوالي رغم نداءات ومناشدات الموظفين عبر كل الأطر النقابية والسياسية والتنظيمية والحقوقية والاعلامية،،، ماذا تبقى كي يفقه هؤلاء بأن ما أقدموا عليه من عمل لن يحل أزمتهم المالية، وبأنه مخالف للقانون وأخلاقيات الاتفاق؟؟؟
قد نتفهم نحن الموظفون خصم الأيام بل الأسابيع من كافة موظفي السلطة لصالح اخوتنا المتضررين في مخيم اليرموك ،، ولتغطية متضررين آخرين هم في حاجة للوقوف بجانبهم في محنتهم ،،، ولكن أن يكون الأمر تغييراً في القاعدة القانونية ومعادلة العلاقة بين موظفي غزة وحكومتهم في رام الله، فهذا الأمر لن نسمح بتمريره مهما طالت بنا سبل الدفاع عن حقوقنا...
لا أعتقد بأن رأس الشرعية الفلسطينية الرئيس "أبو مازن" يقبل الشراكة بالصمت على إجراءات الحكومة ضد موظفي غزة المدنيين،،، ولا أعتقد بأن ما عهدناه منه من أخلاق في احترام الاتفاقات والمواثيق تسمح له بالتنكر والتنصل من قرارات قد اتخذها في زمن الكارثة،، ولا نعتقد في قائد ناجح بأنه على استعداد لأن يخذل جنوده أو يميز بينهم..
لازال بالإمكان إصلاح ما انكسر،، وبالإمكان جبر الضر،، وكفاكم خلقاً للأزمات فما عدنا نحتمل...
ودمتم ودام الوطن
يونس الزريعي..