تصر حكومة الاحتلال دوماً أن تدخل بقرتها المقدسة "الأمن" في متحف الخزف التفاوضي، والضمانات الأمريكية لها المتعددة الأشكال والألوان لم تفلح في ثنيها عن ذلك، ودوماً ما يعود "الوسيط" الأمريكي إلينا حاملاً معه وصاياها، لا يستمع إلينا بقدر ما يطالبنا بالاستماع إليه، وزير الخارجية الأمريكي في زياراته المتكررة للمنطقة يسعى لتسويق إطاره، رغم التاكيد الفلسطيني الواضح والجلي بأننا لا نبحث عن إطار جديد لصورة ما زالت مبهمة، وأننا بحاجة للاقرار بالصورة اولاً، التي تحاول حكومة الاحتلال اخفاء ملامحها بسياسة الأمر الواقع المبنية على التوسع الاستيطاني، إلا أن الواضح أن وزير الخارجية الأمريكي يعتمد على إذن من طين واخرى من عجين.
يكاد يتفق الجميع على ان المفاوضات لن تفضي إلى شيء، ومن الواضح ان القيادة تستشعر ذلك، ولعل اللغة التي تحدث بها أعضاء كثر من اللجنة المركزية لحركة فتح في ذكرى الانطلاقة تشير إلى ذلك، والأهم ما جاء في حديث السيد الرئيس أمام وفد القدس الشعبي، من الواضح أن الفترة الزمنية التي تم تحديدها للمفاوضات ستنتهي دون تحقيق اختراق جدي في المفاوضات، وهذا سيدفع الادارة الأمريكية لممارسة ضغوطها على القيادة الفلسطينية لتمديد زمن المفاوضات، وهو ما ترفضه القيادة الفلسطينية، والقيادة الفلسطينية تحدثت مراراً وتكراراً عن خطوتها القادمة في حال فشل المفاوضات، والتي تتمثل في الذهاب والانضمام للمنظمات الدولية، ليس لنيل عضوية فلسطين فيها وإنما لفتح جبهة مواجهة سياسية ودبلوماسية وقانونية مع حكومة الاحتلال، وإسرائيل ومن خلفها الادراة الأمريكية تدركان خطورة ذلك، خاصة إذا ما طرقت السلطة الفلسطينية أبواب محكمة الجنايات الدولية، مؤكد أن ذلك سيدفع حكومة الاحتلال إلى مزيد من العزلة الدولية، ويرتفع معها حدة الانتقادات لسياسة الادراة الأمريكية فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
من اجل ذلك ستلقي الإدارة الامريكية بكل ثقلها الضاغط على السلطة الفلسطينية لثنيها عن ذلك، وطبيعي أن تلجأ لورقتها الضاغطة المتعلقة بالدعم المقدم للسلطة، ليس فقط المتعلق بها بل ايضاً ستحاول أن تجبر الدول المانحة على تقنين مساعداتها وبخاصة المتعلق منها بدعم الخزينة الفلسطينية، وبجانب الحصار الاقتصادي ستعمل على فرض حصار سياسي تحمل من خلاله "ولو جزئياً" القيادة سبب فشل المفاوضات، بالمقابل نحن بحاجة إلى جملة من الخطوات الهامة:
أولاً: تقوية الجبهة الداخلية من خلال تحقيق المصالحة الفلسطينية وطي صفحة الانقسام وتشكيل حكومة فلسطينية يكون باستطاعتها مجابهة الضغوط الدولية، وإنهاء حالة التفتت التي اصابتنا والتي أضرت كثيراً بمشروعنا الوطني وشوهت من صورتنا أمام العالم القريب منه والبعيد، على قاعدة شحذ كل الطاقات الفلسطينية في الداخل والخارج.
ثانياً: تعزيز العلاقات الفلسطينية العربية، سواء كان ذلك على المستوى الرسمي أو الشعبي، فهنالك البعض منها بحاجة لعملية ترميم سريعة، ضمن ترجمة حقيقية واضحة لمفهومنا بان العرب هم العمق الاستراتيجي لنا.
ثالثاً: التوافق حول استراتيجية واضحة المعالم للمقاومة الشعبية يلتف حولها الجميع، ونعمل على تطوير ادواتها وتوفير مقومات نجاحها ضمن أولويات عملنا في المرحلة المقبلة.
رابعا: توسيع دائرة النشاط على المسرح الدولي رسمياً وشعبياً، ووضع خطة عملية تمكن الجاليات الفلسطينية والعربية المنتشرة في العالم لتكون أكثر حضوراً وتاثيراً.
وقبل كل ذلك مطلوب أن نؤمن بقدرتنا ليس فقط على الصمود وإنما على مجابهة التحديات والتقدم بإتجاة حريتنا وكرامتنا.
[email protected]