الظمأ الشعبي للوحدة
صيغة الجمع تدل على مجموع الشعب الفلسطيني الذي بات يأكله الظمأ لفقدان حياة الوحدة بين شطري الوطن بوحدة القضية والهدف، فكم من مرة ارتفع فيها الحديث الإعلامي عن قرب تحقق المصالحة بين الفصيلين الأكبر ( فتح، و حماس ) ليصبح العليل المصاب منذ زمن طويل معافى الحال والبدن فيحرك الحياة من جديد في المجتمع الفلسطيني ويعيد للجسد روحه ويحيي القيم الوطنية التي ضاع منها الكثير منذ الإنقسام البغيض .
بات العمر الزمني للإنقسام الفلسطيني ما يقارب الثمانية سنوات تخللها كثير من الإتفاقات التي لم يكتب لها النجاح لتحقيق الوحدة الفلسطينية ، سنة تلحقها أخرى و من أقلبت لا تكون خير ممن أدبرت بل يزداد فيها الهم الفلسطيني والتشرذم وإختلاف الحال وسوء الأوضاع على كافة الصعد في المجتمع الفلسطيني ، كما زادت من توغل الإحتلال الإسرائيلي وسيطرته على الأرض الفلسطينية داخل أراضي الضفة الغربية والقدس و ارتفع عدوان المستوطنين ليطال الإنسان والنبات والحجر .
والآن عودة مارتونية جديدة للحديث عن إمكانية تحقق المصالحة الفلسطينية وقرب تشكل حكومة وحدة وطنية أو كفاءات ، لكن كيف يقع هذا الخبر على وقع المواطن الفلسطيني ؟
لقد فقدت القيادات الحزبية والسياسية مصداقية قولها أمام الكثيرين من أبناء المجتمع الفلسطيني حيث الوعود الكثيرة السابقة حول التصالح النهائي ثم يخرج من التصرف ما يزيد من ضياع الحقوق وتشتت الأوصال واستمرار المعاناة وتضخهما بين جانبي الوطن .
ماذا يريد المواطن الفلسطيني ؟
المواطن الفلسطيني ما عاد يلقي بالاً لمن يصل لصناعة القرار أو يصل لسدة الحكم فكل ما يهمه في هذه اللحظات الحاسمة من حياة قضيته أينما تواجد في منفى المخيمات أم في داخل الوطن إنما يتطلع لرؤية قيادة قوية موحدة قادرة على حمايته وحماية حقوقه والدفاع عنه في ميادين العالم وتوفير حاجاته الأساسية ليعيش حياة الكرامة مدافعا عن حق وجوده وهويته .
المواطن الفلسطيني يريد مصالحة حقيقية تخرج من نوايا صادقة تحمل هم الوطن والمواطن لا تميز بين فصيل او آخر فالكل سواء أمام الحقوق والواجبات ويريد عودة روح الأخوة والوطنية والكفاح المشترك والعمل المقاوم المتنوع الذي يتضامن به الجميع أينما وجدوا في ميادينهم العلمية والعملية .
المواطن الفلسطيني يريد مؤسسات قوية فاعلة تقدم الخدمات للمواطنين بفاعلية وحضارة وسرعة دون أن يتكبد التعب الجسدي الطويل أو المبالغ المالية المهلكة ويريد تحسين الإقتصاد من خلال تفعيل المنتجات المحلية والصادرات وإنشاء الكثير من المنشآت التي تقضي وتخفف من البطالة بين صفوف الشباب، يريد أن يرى مستقبلاً مشرقاً لأبنائه الصغار ليحلموا كما يشاؤون ولا تغدرهم الايام القادمة ، يريد أن يرى أماكن عمل له ولأبنائه الخريجين الذي دفع عليهم مال تعبه وعرقه الطويل ، يريد أن يرى أرضه الزراعية تدعم وتحمي لأجل الثبات عليها دون أن يهجر منها قصراً .
المواطن الفلسطيني يحلم بالكثير لكنه يتمنى أن يحصل بعضاً منه من حكومته وقيادته السياسية ، فهل تنظر الأحزاب المتخاصمة أن الشعب لا يهمه السلطة في يد من تكون فالمهم أن يصدق نية العمل لأجل الوطن والمواطن وأجل مستقبل الأجيال الواعدة .
فلا تجعلوا العطش يطول أكثر مما طال من السنين فالجفاف يقضي على الحياة ويفتت الأبدان، فاصنعوا المصالحة الحقيقية التي تشفي ظمأ المواطن الغلبان .
آمال أبو خديجة