شن هجوم لاذع عليه، ووصفه بأنه مسيحي متسلط، و يعاني من هوس غير مفهوم بالنزاع في الشرق الأوسط، وأنه لن يهدأ له بال إلا بعد حصوله على جائزة نوبل للسلام، هكذا وصف الليكودي الوزير الإسرائيلي موشيه يعلون، وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.
وقد اعتبرت الإدارة الأمريكية أن هذه التصريحات مهينة وجارحة، وقد قدم يعالون اعتذاره رسميا لكيري، فما توقعت الإدارة الأمريكية أن يقوم نتنياهو بالاعتذار الرسمي باسم الحكومة الإسرائيلية عن هذه التصريحات.
كيري الذي قام حتى الآن بعشر زيارات للمنطقة منذ شهر مارس العام الماضي، لم يستطيع أن يحرك العملية السلمية أو أن يشكل تقدما نحو الهدف الذي يحمل ملفه، ويمكن القول أن قد أخفق في تسويق خطة الإدارة الأمريكية للسلام.
هكذا اعتذر موشيه وهكذا أخفق كيري، ولكن على الصعيد الفلسطيني، فإن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومعظم وزراء حكومته يقومون بالتهديد العلني للأخ الرئيس محمود عباس، وللقيادة الفلسطينية، ويدعمون الإرهاب والتخريب لقطعان المستوطنين لكي تمارس القتل والحرق وقطع الطرق أمام الفلسطينيون سواء كانوا على مستوى رسمي أو مواطنين عاديين.
وقد وصل التهديد بالقتل لشخص الأخ الرئيس أبو مازن حيث قال : "تعرضنا لضغوط قوية حين قررنا الذهاب للأم المتحدة وتلقيت شخصيا تهديدات بتصفيتي، ولكننا قررنا أن نمضي في طريق الحصول على وضع الدولة."
هنا نتساءل: من يقدم اعتذار للشعب الفلسطيني وللرئيس الفلسطيني، من يقدم اعتذار على كل النكبات والدمار والشهداء والجرحى والأسرى وتعطل الحياة على مدار ما يزيد ستون عاما، وماذا يتوقع العالم أن يتقبل الفلسطيني، وهل تكفي كلمات الإنشاء والشجب والاستنكار والجولات والجهود لكي تترجم الاعتذار إلى حقيقة، إن الاعتذار الحقيقي يكمن في أن ينسحب الاحتلال وتقام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين وحرية الأسرى وان يتم تعويض الفلسطينيون عن كل ما أصابهم جرّاء هذا الاحتلال وتبعاته وتداعياته، وكذلك أن تعترف الدول التي ساندت (إسرائيل) بمسؤوليتها تجاه ما وصل له الوضع الفلسطيني وكل المأساة التي حلت بالشعب وبالهوية الفلسطينية.
إن التهديدات الإسرائيلية للقيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس أبو مازن، تصاحبها عادة لائحة اتهام، فإسرائيل الجلاد تلقي الاتهامات في وجه الضحية الفلسطيني، والظالم المحتل يهدد المظلوم، والسجان العنجهي المتغطرس يوجه الاتهام للأسير والسجين الفلسطيني، إنها إدعاءات احتلالي باطلة، وتزوير للحقائق، واستخدام الآلة الإعلامية والدعائية الضخمة لتسويق صورة الاحتلال وإدعاءاته إلى الرأي العام العالمي، وتصمت أمريكا ولا تطالب الكيان المحتل بأن يقدم أدنى ما يمكن تجاه الحق الفلسطيني، ويستمر ماراثون الالتفاف وتضييع الوقت، وفي نفس الوقت تستمر (إسرائيل) في سرقة الأرض وتمدد الاستيطان، والاستيلاء على الموارد الطبيعية للدولة الفلسطينية، وزج الفلسطينيون في المعتقلات ومعاملتهم بصورة يدنى لها جبين الإنسانية.
لا نريد اعتذارات إسرائيلية أو تبريرات أمريكية، ليعتذروا لبعضهم وليقموا موائم الصلح في عواصم ترفض الحق الفلسطيني وتضع الفيتو على أي خطوات تجبر المحتل للانصياع للقانون الدولي الذي وقف متجمدا منذ قيام دولة الاحتلال وحتى اليوم.
واليوم نقول للأخ الرئيس أبو مازن ولكل فلسطيني ولكل من يشعر بمأساتنا وحقنا في الحياة والدولة : " على القدس رايحين أبطال بالملايين".
وأخيرا نقول أن كيري الذي تعرض للانتقادات الجارحة والمهينة يطرح أفكار قد تكون متقدمة بالنسبة للسياسة الأمريكية، ولكنه تظل أقل من الحد الأدنى الذي يقبل به الفلسطينيون، وتكتمل دورة الأفكار ونجاحها حين تقف أمريكا عند مسؤولياتها ولا تقف حجر عثرة أو تمارس سياسة الانحياز السافر مع المحتل ضد الضحية صاحب الحق، والحق هنا يكمن في إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وبحدودها التي أعلنتها القيادة الفلسطينية ، وكذلك عودة اللاجئين وان يكون للدولة السيادة وأن تكون الدولة الـ194 في الأمم المتحدة، هكذا نقول نجح كيري، الذي يتوجب أن يشترط قبول الاعتذار بإنجاح (إسرائيل) لمهمته التي تراوح مكانها بل تتراجع مع كل جولة إلى المنطقة.