مظاهرات مصرية على الطريقة الفلسطينية

بقلم: فايز أبو شمالة

دققت في بعض المشاهد التي عرضتها الفضائيات للمتظاهرين في شوارع مصر، ولاحظت أن حشود المصريين في بعض المظاهرات لا تشبه ما ألفينا عليه مصر في ثورة يناير، ولم تكن الحشود بالعدد ذاته الذي ميز الحراك الجماهيري في بداية الانقلاب، وقد يكون لانتشار الجيش دور في تقليص عدد المتظاهرين، وقد تكون للقبضة الحديدية دور في ترهيب الناس، ولكن الملفت هو توالي سقوط الشهداء في شوارع مصر دون توقف، رغم ضعف الحشد الجماهيري، والملفت أيضاً أن معظم الشهداء هم من الشباب.
لقد دققت في مشاهد المظاهرات فلاحظت وجود الكوفية الفلسطينية تلف أعناق بعض المتظاهرين، وهذه رسالة خطيرة تؤكد أن الشباب المصري بدأ يحاكي الشباب الفلسطيني في انتفاضته، والذي يعزز هذا المنطق هو انتشار ظاهرة اللثام وسط المتظاهرين، واللثام يهدف إلى إخفاء معالم الوجه، وهذا ما ميز انتفاضة الحجارة التي قادها شباب فلسطين ضد الصهاينة.
إن من يدقق في مشاهد المظاهرات المصرية يلاحظ وجود المقلاع في يد المتظاهرين المصريين، وهذا تطور جديد استوجبته المواجهة الميدانية للدفاع عن النفس، وللعلم، فإن هذا المقلاع ينسب تاريخياً إلى أرض فلسطين، وقد واجه من خلاله شباب الانتفاضة الفلسطينية جنود الصهاينة المدججين بالسلاح.
ربما تكون تلك المشاهد الفلسطينية التي ظهرت في المظاهرات المصرية هي المحرض للإعلام المصري على اتهام حركة حماس بأنها تتدخل في الشأن المصري، ربما، ولو صح ذلك، فكان يجب على الإعلام المصري أن يتهم حركة فتح أيضاً بتدخلها في الشأن المصري، لأن حركة فتح لما تزل جزءاً مهماً من انتفاضة الحجارة الفلسطينية التي واجهت الغطرسة الصهيونية المسلحة، وعليه فلا يصير اتهام جزء من الشعب الفلسطيني والتغافل عن جزء آخر.
إن محاكاة الشباب المصري للشباب الفلسطيني في انتفاضته لا يبشر بالهدوء، ولا يطمئن قادة الانقلاب في مصر على المستقبل الآمن الذي يسعون إليه، وذلك لأن هتافات المتظاهرين الفلسطينيين ضد الاحتلال قد تطورت مع القمع فصارت حجارة، ومع تواصل القتل وإطلاق الرصاص تطورت الحجارة فصارت عبوات ناسفة، وصارت مع الزمن قذائف صاروخية، وهذا ما نخشاه على مستقبل مصر إذا استمر قادة الانقلاب في غض الطرف عن مطالب المتظاهرين السلمية، وإذا اوغلوا في استخدام القمع والعنق والرصاص ضد المتظاهرين.
إن الانتفاضة الفلسطينية التي يحاكي فيها شباب مصر شباب فلسطين لتفرض على قادة الانقلاب في مصر ان يتفادوا تطور الأحداث، وأن يجنبوا مصر نتائج تدفق الدم في الشوارع، وأن يسارعوا للبحث عن حلول توافقية تجمع عليها كافة القوى السياسية في مصر.