اطمئنوا، لا حرب إسرائيلية على غزة

بقلم: فايز أبو شمالة

رغم إغلاق المدارس غير المحصنة في كل من مدينة عسقلان وأسدود، ورغم التشويش الجزئي على حياة الصهاينة، ورغم الرغبة الجامحة التي تدغدغ وجدان اليهود بإغراق غزة في البحر، ورغم. القدرة العسكرية الصهيونية وإمكانياتها النووية القادرة على تدمير قطاع غزة تدميراً كلياً، ومسح معالم المدن عن الخارطة، ورغم ازدياد عدد الإعلاميين والعسكريين المطبلين والمزمرين للحرب على غزة، ورغم وجود الخطط العسكرية الجاهزة للتنفيذ ضد سكان غزة، إلا أن الجيش الصهيوني لا يفكر في شن حرب على غزة في هذه المرحلة، وذلك للأسباب التالية:
1- إسرائيل تدرك أن الحرب على غزة لم تعد نزهة، والمفاجأة التي تعدها غزة للغزاة قد تكون أكبر من قدرة الصهاينة على التخيل والاحتمال، لذلك ستحرص إسرائيل على الاحتفاظ ببعض هيبة الجيش الصهيوني.
2- إسرائيل تدرك أن الحرب على غزة ستحرك الضفة الغربية في ثورة عارمة، ستحرج الأنظمة الحليفة لها، وستؤثر على مسار المفاوضات، وستحرك العرب في الأردن ومصر، وستحرج النظام الحاكم في مصر، ولاسيما بعد حصاره المطبق على قطاع غزة بشكل عجز عنه الجيش الإسرائيلي في ذروة احتلاله لقطاع غزة.
3- إسرائيل تدرك أن الحرب على غزة سيؤثر على حالة التمزق التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية، ولاسيما بعد أن نجح الصهاينة في إشعال حرب السنة ضد الشيعة، وحرب السنة ضد السنة، وحرب الشيعة ضد الشيعة، في أكثر من بلد عربي.
4- إسرائيل تدرك أن الحرب على غزة لن تسفر عن تدمير المقاومة، ولن يتوقف سقوط القذائف على البلدات الصهيونية، وقد تتطور الحرب إلى احتلال الصهاينة أجزاء من غزة، وهذا ما لا تتمناه أعتى أحزاب اليمين المتطرف.
5- إسرائيل تدرك أن لا أهداف واضحة لضربها في قطاع غزة، فلا يوجد جيش، ولا قواعد عسكرية، ولا يوجد مطارات، ولا موانئ، ولا يوجد دبابة ولا كلية عسكرية، ولا تبصر في غزة هدفاً للمقاومة يستوجب تحليق الطيران، ويساوي قيمة الصواريخ الحديثة، فلا يوجد في غزة غير محطة للصرف الصحي، ومحطة لتوليد الكهرباء، وآلاف المدارس ورياض اللأطفال والمستشفيات.
6- إسرائيل تدرك أن الحرب على غزة قد توقع عشرات ألاف القتلى من الفلسطينيين الأبرياء، ولاسيما أن شوارع غزة تعج بالأطفال والشيوخ والنساء الذين لا مأوى لهم من الطائرات الإسرائيلية إلا دقة التصويب، والحذر الصهيوني الشديد من اقتراف مجزرة تنبش ألاف القبور التي تحاول الصهيونية دفنها. كل ما تقدر عليه إسرائيل هو أن تقصف، وتغتال، وترد بحذر على كل صاروخ يتساقط فوق مدنها.
7- إسرائيل تنظر إلى ما هو أبعد من قطاع غزة في المرحلة الراهنة، فمجريات الأحداث في سوريا ولبنان والعراق ومصر وليبيا وتونس لها انعكاسها المباشر على مستقبل الشعوب في المنطقة، ويمس عصب الوجود الصهيوني على هذه الأرض المقدسة.
8- إسرائيل تدرك أن لديها حلفاء في المنطقة تلتقي معهم على حرب غزة، وقد تعودت إسرائيل أن لا تمسك الجمر بيديها طالما تواجد الملقط.
قد تكون الحرب على غزة في صالح رجال المقاومة، وفي صالح سكان غزة الذين لا يأبهون لتهديد رئيس الوزراء الصهيوني، ويمارسون حياتهم بشكل هادئ مطمئن، وكأن نتانياهو يقصد في تهديده جنوب أفريقيا أو النرويج، بل يرى سكان قطاع غزة أن الحرب هي فرصتهم للمطالبة بفك الحصار نهائياً قبل أي وقف لإطلاق النار.
فكفوا أيها الإعلاميون الفلسطينيون عن ترويج حديث الحرب على غزة، وتحدثوا عن ضرورة فك الحصار عن غزة، ولو كان ثمن ذلك توالي إطلاق القذائف الصاروخية على البلدات الإسرائيلية.