قصة قصيرة بعنوان : ممنوع الاقتراب أو اللمس أو التصوير ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة

هرعت من البيت ليس حبا في المغادرة أن تترك صغارها ،ولكن ما أرغمها على ذلك تأخر رواتب الشئون الاجتماعية كالعادة بل ..بعد طول انتظار فاق العادة بكثير خاصة أن كل شيء متوقف على تلك المساعدات بداية من أكياس الطحين والخضار والدواء حتى دفاتر الصغار وأقلامهم ، وكل لوازم الحياة فلا دخل شهري ثابت يمكن أن تتقاضاه كالموظفين يمكن أن يسد الرمق أو الدين المتراكم كأكوام الملفات الورقية التي تعج بالمؤسسات .. أمثال أولئك المساكين أو الأرامل ليس لهم بعد الله سوى تلك الأموال القليلة التي تزورهم كضيف ِ عزيز ينتظرونه كل ثلاث أشهر مرة.. المهم أنها أي تلك المرأة لم تخرج لتستنشق عبق الزهور.. أو تتنسم الهواء الطلق فتشعر براحة البال .. لكنها تعرف تماما موعد مرور الباعة المتجولين الذين يطوفون المكان كل يوم بعربات الفاكهة من موز أو تفاح أو برتقال أو غيره ،فينادون عبر مكبرات الصوت التي لا تتوقف على بضاعتهم لجلب الزبائن ..هي تعرف تماما أن صغارها ما أن يسمعوا أولئك الباعة من بعيد وإلا ويخرجون ليلتفوا حول تلك العربات من كل جانب كما العروس ليلة زفافها.. هم فقط يكتفون بالمشاهدة فقط ،وليس للشراء لأنهم يعلمون أن البيت خاوي من كل شيء إلا من بقايا كيس طحين يصطف بكل صمود وثبات على مقربة من بعض حبات من البندورة، وحفنة من الملح .. لذلك تخرج كل يوم في نفس الموعد وتمكث بالمسجد القريب بعد صلاة العصر مع بعض النسوة بالحي ..لكنها تخفي مرارة أوجاعها ودموعها التي تنزف بالوجدان ،هي لا ترجع إلا عندما تشعر بالأمان قبل مغيب الشمس ،فهي تعرف ذاك الشعار عندما تتأخر تلك الأموال.. ففمنوع الاقتراب أو اللمس أو التصوير مصرح بالرؤية فقط من بعيد ..!!