تقوم البنوك في الدول الغربية بدور مهم ومؤثر في المجتمع حيث تتبنى إنشاء الجامعات والكليات والمعاهد ، وغيرها من المشروعات التنموية ، كما أنها تلتزم فعلياً وأخلاقياً وبدون أية تلاعب وفي غياب الوازع الديني بالوازع الأخلاقي ، بيد أن هذا الأمر في حالتنا الفلسطينية مختلف تماماً ، حيث أن دور البنوك فيه يقتصر على تمويل مشروعات صغيرة ومحدودة، وتتوسع بقدر كبير في الإقراض الإستهلاكي والذي يكبل صاحبه والذي يكون في الغالب موظفاً مغلوباً على أمره بالديون والفوائد ، مما يجعله يلعن اليوم الذي فكر فيه بهذا القرض .
إن ما يغيب عن هذه البنوك أمراً في غاية الأهمية و هو ما يعرف بالمسؤولية الاجتماعية فهو و إن وجد فهو دعائي أكثر منه حقيقي ونسبته لا تتجاوز 1 % من الأرباح الحقيقية لهذه البنوك .
وبالرغم من ذلك فإنها تلجأ إلى تضخيم وإظهار هذه المساهمات على أنها ستحدث نقلة كمية ونوعية في تحسين الحياة المعيشية من خلال إعداد حملات دعائية وإعلانية في وسائل إعلامية مختلفة لذلك فإن على مجالس إدارات البنوك إعادة النظر في نوعية وكمية المشروعات الخيرية والاجتماعية التي يدعمونها، وقد يكون من المناسب توجيهها إلى مشروعات كبيرة للصيانة والتطوير التي تحتاجه بعض الجهات الخدمية أو يمكن توجيهها في مشاريع وطنية عملاقة تساهم في رفع المدخولات وتقليل أعداد المعوزين .
إن ما يثير الاستغراب حقا، بأن أرباح البنوك تزيد يوما بعد يوم وعاما بعد عام، بل أن البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية لم تتأثر و لا تتأثر بأي أزمة من الأزمات التي مر العالم بها في يوم من الأيام في ما عرف بأزمة الرهن العقاري ، والسبب بسيط وإذا عرف السبب بطل العجب .
فالبنوك لم يتبقى عليها سوى أخذ الموظفين والمواطنين رهائن لديها من كثرة الضمانات والفوائد التي تجبيها والتي لا تدع مجالا للشك بأنها ستربح في جميع الأحوال وفي هذا المعيار تتشابه البنوك المندرجة تحت مسمى إسلامية مع غيرها وربما تتفوق عليها في إرتفاع الفوائد .
إن الناس تتساءل ومن حقها أن تسأل ، إذا كانت أرباح البنوك تصل في ظل هذه الأوضاع الإقتصادية والسياسية الصعبة إلى أكثر من 150 مليون دولار ؟!!
أين مساهمة هذه البنوك في المجتمع ؟!! ، أين مسؤولياتها الإجتماعية في ظل هذه الأوضاع الصعبة التي يعيشها أبناء شعبنا في الداخل وفي الشتات بعيداً عن الدعائية ؟!!! ، الإجابة تكاد تكون معروفة لدى الجميع فالوطن هو البقرة الحلوب لهذه البنوك والشركات والمؤسسات وجيوب الموظفين والمواطنين هي بمثابة آبار نفط لا تفكر هذه البنوك والمؤسسات إلا بنهبها والاستيلاء عليها بشتى الطرق والوسائل .
إن ما يريده الناس من القائمين على سلطة النقد هو تخفيض الفوائد الكبيرة المفروضة على القروض ، فلم يعد الشعب غبيا فهو يرى من حوله بأن فوائد معظم الدول حتى الأفقر منا لا تتجاوز الاثنين أو الثلاثة في المائة، فلماذا يا ترى لا تحرك الحكومة ساكنا وهي تعرف بأن البنوك تربح بصورة خيالية.، وتعرف كذلك بأن المواطن والموظف بشكل خاص يعاني بسبب هذه الفوائد معاناة شديدة.. هل الحكومة شريك في وجع المواطن، هل هي تتخلى عنه الآن وهي المفترض منها أن تدير مختلف شئون الحياة ، وألا تستطيع الحكومة أن تصدر قانوناً يلزم هذه البنوك والشركات الكبيرة بصرف نسبة محترمة من أرباحها ولتكن مثلاً 10 % على مشاريع تحددها مسبقاً الحكومة ولا تتذاكي المؤسسات ولا البنوك في عمليات صرفها بأوجه خداعة .
ألا يمكن تغيير الأدوات المستخدمة لإحراز تقدم ملموس في تحفيز النمو الاقتصادي ، وإحداث تغير غير عادي، وألا يتطلب ذلك اتخاذ إجراءات غير تقليدية، أم إن وقوة الضغط التي تمتلكها البنوك مكنتها حتى اليوم من التصدي لأية أفكار قد تسهم بتبديل الحال، والتغيير المطلوب بحاجة لقوة تتفوق على تلك التي تتوفر للقطاع.
أهل اليرموك ينتظرون منكم يا أهل البنوك جزءاً من أرباحكم ، تريحون بها ضمائركم فهل أنتم فاعلون ..؟؟!!!!