يجلس الأطفال في صفوف منتظمة ينتظرون ظهور الشخصيات الخيالية من بين مسرح صغير وكل واحد منهم يفكر من سيزور مسرحهم اليوم وماذا سيتحدثون, ليندمجوا وتعلوا ضحكاتهم خلال العرض ومن ثم يلعبون ويغنون بمشاركة القائمين على عرض مسرح الدمى.
تلك مغامرة يقوم بها عدد من أطفال المشاركين ضمن مشروع على جناح السلام في المنطقة الوسطى بقطاع غزة لتخفيف عما حدث لهم من ضغوطات نفسية مختلفة وخاصة بعد الحرب الأخيرة على القطاع,وتشرف على هذه التجربة جمعية الهيئة الفلسطينية للتنمية بمشاركة المساعدات الشعبية النرويجية NPA.
ويبتسم الطفل سالم وهو ينظر إلى المسرح الخشبي الصغير ليقول " سعدت كثيرا بمشاهدة أحداث المسرحية ورؤية الدمى الصغيرة ترقص ويتحدث كما شاركناها الغناء واللعب , وننتظر المرة القادمة لما هو جديد في هذا المسرح ".
"نحاول أن نعيد الطفولة إلى أطفالنا الذين فقدوها لأسباب كثيرة وخاصة بعد الحرب الأخيرة على غزة ,عن طريق عروض مسرحية للدمى يمكن أن تكون بسيطة ولكن بنظرهم لا يمكن تخيل اتساعها " بهذه الكلمات بدأ مروان جودة مدير مشروع على جناح السلام حديثه ,مشيرا إلى أنهم يسعون ضمن المشروع بمساعدة الأخصائيين والمشرفين على رسم البسمة على وجوه الأطفال.
وكانت قد أعدت المؤسسة برنامجا متكاملا ضمن مشروع على جناح السلام للترفيه عن الأطفال ومساعدتهم في التفريغ النفسي وخاصة بعد تعرضهم لضغوطات بسبب الحرب الأخيرة على قطاع غزة , وتعويضهم عن الحرمان في نقص أماكن الترفيه والشعور بالأمان المجتمعي والعائلي فضلا عن تنمية القدرات لديهم.
وبين جودة أن من بين نشاطات المشروع , العروض المسرحية بدمى العرائس وهي من أصعب البرامج حيث يقوم عدد من الشباب بكتابة النصوص وأعداد المؤثرات الصوتية والحركية واللقطات التي يتم التفاعل ما بين الشخصيات "الدمى " والأطفال حتى نصل إلى أن يكون العرض هادفا ومسليا وفعالا بنفس الوقت .
ويضيف " هذا النشاط أعاد للأطفال الكثير مما كان يفقدونه خلال مرحلة حياتهم, حيث رأينا الابتسامة والمرح خلال العروض التي قدمت فأطفال قطاع غزة مثلهم مثل أي طفل بالعالم ولكن يحتاج فقط إلى الفرصة ليعيش ويتمتع بطفولته ويظهرها".
وتمنت من جانبها بلسم الأطرش منسقة المشروع أن تستطيع هي وطاقمها بالمشروع من رسم الابتسامة على وجوه الأطفال وتنمية مواهبهم وتفجير إبداعاتهم وطاقتهم المخزونة بسبب الأوضاع التي فرضت عليهم.
وذكرت أن مسرح الدمى للأطفال تسلب منه كل تفكير واقعي فيصبح في عالم الخيال المليء بالشخصيات التي يحبها فتخفف من وضعه النفسي السيئ ويخرج ما بداخله من خلال التخيل واللعب ,وكذلك يحاول الطفل تقليد تصرفات البطل مما يترك تأثير إيجابي على سلوكه من خلال التشبه فيه.
وتضيف " وبذلك تعتبر صيغة تربوية من خلال لعب الأدوار يمكن للأطفال اكتشاف ذاتهم و علاقاتهم بالآخرين و العمل على تطويرها في حياتهم اليومية الواقعية المستمدة من " البيت و المدرسة و تجاربهم الخاصة " ,حيث أن للمسرحيين دوراً رئيسياً بهذه العملية التي تأتي في سياق الإرشاد و التوجيه من خلال أحداث المسرح التي يريدون من خلالها تحقيق الأهداف التعليمية والنفسية و التربوية " .
ويذكر أن مشروع على جناح السلام منفذ من قبل جمعية الهيئة الفلسطينية للتنمية POD بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية NPA وهو مشروع لتخفيف ما يعانيه أطفال من تعرضهم للحرب الأخيرة على قطاع غزة وما تركته من خوف وأثار نفسية وجسمية عليهم .