شهدت البلدة القديمة على امتداد العقود الماضية، تغيرات جذرية وعميقة في البنية الاجتماعية والاقتصادية كما شهدت تغيرا وتبدلا في مكانة وعلاقة الطبقات الاجتماعية القائمة بالإضافة الى علاقات وأشكال الملكية المختلفة، ومع ذلك لم تتأثر العلاقات المجتمعية ما بين المسيحي والمسلم المقدسي.
تعتبر مدينة القدس (الشرقية والغربية) حسب التقسيم الاداري الاسرائيلي الى ثماني مناطق تسمى بالأحياء ((Quarters والأحياء الثمانية مقسمة الى أحياء فرعية (Sub Quarters)، عددها 84 حياً فرعياً.
وتعتبر البلدة القديمة أحد هذه الأحياء الثمانية وتضم أربعة أحياء فرعية وهذه الأحياء هي : الحي الاسلامي والحي المسيحي والحي الأرمني والحي اليهودي . وينقسم الحي الاسلامي الى: الحي الاسلامي الشرقي والجنوبي والوسط، وكل حي من هذه الاحياء يتشكل من مجموعة من الحارات، وهنا لا بد من ان نشير الى ملاحظة هامة وهي أنه بالرغم من وجود اغلبية مسيحية في الحي المسيحي أو الأرمني وأغلبية مسلمة في الحي الاسلامي، الأ ان هناك تداخلات سكانية وإثنية ومعمارية وحضارية بين تلك الأحياء، حيث توجد عائلات مسيحية تسكن في الحي الاسلامي وهناك عائلات مسلمة تسكن في الحي المسيحي أو الأرمني . كما أن هناك اماكن مسيحية مقدسة (كنائس وأديرة) تقع في الحي الاسلامي والعكس صحيح حيث يوجد العديد من الجوامع في الأحياء المسيحية وبالتالي لا يوجد على الأرض فواصل تفصل الأحياء عن بعضها البعض فالتداخلات كبيرة وتاريخية.
تفعيل العلاقة الاسلامية المسيحية في القدس:
أولا: تنظيم أيام معينة من خلال الأوقاف الاسلامية في القدس لزيارة المقدسات الاسلامية و المسيحية من قبل رجال الدين مسيحيين واسلاميين، وذلك بهدف دحر الاجراءات الاحتلالية بالتفرقة فيما بينهم.
ثانيا: تفعيل العلاقات ما بين المدارس المقدسية واقامة ورشات عمل و ندوات لهم من قبل مختصين لتوطيد العلاقات فيما بين الجيل الجديد اولا و من أجل اعلامهم بالعلاقة المسيحية الاسلامية التي نشأت في القدس منذ العهدة العمرية.
ثالثا: تطوير فلسفة التربية والتعليم وتعزيز دور وسائل الاعلام بما يكفل تعزيز وترسيخ العلاقات الاسلامية المسيحية.
رابعا: تعزيز الحوار بين الأديان.
خامسا: التأكيد على أن نيل الحرية في فلسطين هي مطلب لكافة الفلسطينين مسيحيين ومسلمين، وإن الاحتلال لا يفرق بهدم بيت او مخالفة مسيحي أو مسلم.
إن القدس مدينة عربية فلسطينية إسلامية مسيحية، وإنها قلب فلسطين النابض بأرضها وشعبها ومقدساتها، وهي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وأن سيادة الشعب الفلسطيني عليها حق وطني تكفله المواثيق والقوانين الدولية، وهو غير قابل للنزاع أو الانتقاص أو المشاركة، ولا تنازل عنه، وبدونه لا يقوم سلام.
كما أن الشعب العربي الفلسطيني، والأمتين العربية والإسلامية والمسيحيين في العالم، يرفضون الاحتلال الإسرائيلي للقدس وكافة إجراءاتها المخالفة للقانون الدولي والشرعية الدولية؛ باعتبارها إجراءات لاغية وباطلة، لا تمنح شرعية ولا تؤسس حقاً .مع العلم أن المقدسين لا يرفضون الديانه اليهودية فمثلها مثل باقي الديانات السماوية الثلاث واللتي اشتهرت القدس بحضانتها لتلك الديانات وانما ترفض كما اسلفنا الذكر تهويد مدينة القدس وفرض التطهير العرقي عليها واجلاء سكانها مسيحيين ومسلمين الى خارج حدودها المزعومة وتشويه مقدساتها الاسلامية والمسيحية بحثا عن هيكلهم المزعوم.
لذلك يجب تعزيز الوجود العربي الفلسطيني(مسيحيين ومسلمين) في المدينة المقدسة، وضرورة توظيف كافة الإمكانيات المادية والبشرية لحماية هذا الوجود، ومحاربة سياسة التغيير الديمغرافي والتطهير العرقي، والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة سياسة الاحتلال وإجراءاته بكافة السبل المتاحة والممكنة. ويجب حماية الممتلكات العربية الفلسطينية في المدينة المقدسة، والحفاظ على طابعها العربي الإسلامي – المسيحي ، ومواجهة التزييف والتزوير في الحقائق، وإعادة الواقع العربي الفلسطيني في المدينة، ومواجهة الواقع الإسرائيلي الباطل، حيث أنه لا معنى للدولة الفلسطينية إلا إذا كانت القدس بؤرتها الناصعة وجذوتها المتوقدة.