يقص ميكو بيليد نجل الجنرال ماتي بيليد احد كبار ضباط الجيش الإسرائيلي كيف أنه تحول من صهيوني الى داعية سلام بعد تفجير شابين فلسطينيين نفسيهما في عملية ادت الى مقتل ابنة اخته الحبيبة ذات الثلاثة عشر عاما.
قال ميكو بيليد إن شعورا ملحا سيطر عليه بعد العملية التي جرت في خريف 1997 في القدس وهو انه بحاجة الى ان يفهم موت صمدار ابنة شقيقته والدافع الذي يجعل شابين في مقتبل العمر يضحيان بنفسيهما.
اضاف "عندما كنت طفلا شاركت في عدد لا يحصى من الجنازات لشبان قتلوا في الحروب او عمليات عسكرية...ولسنوات ظللت اشعر بالخيبة ازاء الصراع العربي الإسرائيلي فقد كان عدم التقدم تجاه حل سلمي يزعجني. ومع ذلك لم يصبح الصراع قضية شخصية بالنسبة لي الا بعد ان قتلت ابنة اختي اذ شعرت فجأة بالحاجة لفهم الدافع الذي جعل هذين الشابين الفلسطينيين يفجران نفسيهما ويأخذان معهما حياتها في اللحظة التي كانت على وشك ان تزهر فيها.
"لقد شجعني موتها على ان اقوم بفحص جريء للمعتقدات الصهيونية ولتاريخ بلادي والواقع السياسي الذي اشعل الشابين اللذين قتلاها."
وقال ميكو بيليد "ولدت في عائلة صهيونية مشهورة منها ابي وامناء مجلس وزراء وقضاة بل رئيس لدولة إسرائيل وكان جدي لأمي.. الدكتور افراهام كاتز نيلسون قائدا صهيونيا وكان بين الموقعين على اعلان الاستقلال وشغل في ما بعد منصب سفير في اسكندينافيا. اما ابي فقد كان عمره 16 عاما عندما تطوع ليخدم في البالماخ القوة الضاربة التي حاربت من اجل استقلال إسرائيل وكضابط صغير قاد ابي سرية قاتلت في حرب 1948 وبحلول حرب 1967 كان قد ترقى لرتبة جنرال واصبح احد اعضاء الادارة العليا في الجيش الإسرائيلي وتم انتخابه في ما بعد عضوا في الكنيست الإسرائيلي."
وانخرط ميكو بيليد في القوات الخاصة في الجيش الإسرائيلي قبل ان يتركها ويتحول الى صاحب مدارس للكاراتيه في الولايات المتحدة.
وختم مقدمة الكتاب بالقول "ان حكايتي هي حكاية صبي إسرائيلي صهيوني ادرك ان روايته للقصة لم تكن الرواية الوحيدة. اختار ان يزرع الامل في واقع يعتبره الجميع مستحيلا. اشعر ان رحلاتي (في المناطق الفلسطينية والاجتماعات مع ناشطين من المنظمات الفلسطينية) ورؤاي السياسية التي اكتسبتها من ابي يمكن ان تقدم نموذجا للمصالحة ليس فقط في الشرق الاوسط ولكن في اي مكان ينظر فيه الناس الى "الاخر" مرتابين ويسكنهم الخوف اكثر مما تسكنهم انسانيتنا المشتركة."
وكان ميكو بيليد يتحدث في كتابه "ابن الجنرال .. رحلة إسرائيلي في فلسطين" الذي كتبه بالانجليزية وكتبت اليس ووكر مقدمة طبعته الانجليزية كما قام بترجمته الى اللغة العربية الفلسطيني الغزاوي الدكتور محمود محمد الحرثاني. وصدرت الطبعة العربية عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت. جاء الكتاب في 303 صفحات كبيرة القطع واحتوى على مجموعة من الصور الفوتوجرافية.
ويروي الحرثاني كيف كان ميكو بيليد يحلم بان يدخل القوات الخاصة وأن يعتمر القبعة الحمراء وقد تحقق له ذلك وكان حلمه النهائي ان يصبح جنرالا مثل ابيه" لكنه يكتشف فجأة انه لا يريد ان يصبح جنرالا لذا يلقي القبعة ومن ورائها طموحه العسكري ... تبدأ معركة ميكو مع نفسه عندما يكون في دورية داخل اراضي الضفة الغربية ويشعر انه ورفاقه من الجنود "الشجعان" يهلكون حرث فلاح فلسطيني دون سبب وعندما يراجع ميكو الضابط مشيرا الى ان هذا امر غير لائق ينهره الضابط ويأمره بالعودة لمكانه في الدورية."
وبعد احداث مماثلة يتخلي تدريجيا عن حلمه الصهيوني حتى وصل الى مرحلة وصفها بهذا الكتاب بقوله "لم يعد لدي اي رابطة عاطفية مع الصهيونية." وذلك بعد تجارب منها تجربة سمعها من امه زيكا التي "اشربته معاني السمو صغيرا برفضها سلوك اسرائيل ضد الفلسطينيين بل وشعورها بالعار ازاء ما يرتكبونه من جرائم."
وسرعان ما تحول هو واخته وعائلتها الى دعاة سلام وتفاهم بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقال ميكو بيليد في الكتاب "عندما توصلت الى نتيجة مفادها ان دولة لليهود على ارض نصف سكانها ليسوا يهودا لن تنجح تغيرت الاشياء بشكل كبير بالنسبة لي... لقد تغيرت ارائي بخصوص حل الصراع في فلسطين/ اسرائيل كثيرا نتيجة رحلاتي الى الضفة الغربية وذلك بعد ان شاهدت استثمار اسرائيل الهائل في البنية التحتية من اجل جذب المستوطنين اليهود ومن ثم عزل الفلسطينيين الذين تعود ملكية الاراضي لهم.
"واصبح واضحا بالنسبة لي ان الصهاينة يكذبون عندما يتحدثون عن حل الدولتين. واصبحت مقتنعا ان الحرية الكونية في وطن يشترك فيه الجميع افضل شيء للشعبين. لقد فشل الصهاينة في ان يبرهنوا ان الامور تسير بشكل طبيعي وسليم عندما يكونون في الحكم ولذلك كان استنتاجي ان دولة ديمقراطية تعددية سوف ينتفع منها الجميع."
نقلا عن "رويترز"