ظهر تنظيم "جباية الثّمن" في منتصف سنة 2008، ومنذ ذلك الحين يشن إعتداءات على الفلسطينيّين، مقدساتهم وممتلكاتهم إحتجاجاً على سياسة الحكومة الإسرائيليّة تجاه الاستيطان، وطالت إعتداءات المستوطنين عرب الـ 48 كذلك.
وتشمل الإعتداءات: إطلاق النّار على الفلسطينيّين، ومهاجمة قراهم وبلداتهم، واقتلاع أشجارهم، وإتلاف مزروعاتهم أو سرقة منتوجاتهم، وإحراق حقولهم وسيّاراتهم وبيوتهم ومساجدهم وكنائسهم وأديرتهم ومقابرهم ...
وتعود بداية نشاط هذا التنظيم الى الاجتماع الواسع الذي عقده مستوطنون في نهاية حزيران 2008 في مستوطنة "يتسهار" القائمة جنوبيّ مدينة نابلس، حيث ناقش المشاركون مسألة الخلاف مع الحكومة الإسرائيليّة بشأن الاستيطان، والإستراتيجيّة التي على المستوطنين اتّباعها بهذا الشّأن. وكان هدف هذا الاجتماع، الذي ضمّ المئات من نشطاء المستوطنين من مختلف المستوطنات في الضفّة المحتلّة، لجم سياسة الحكومة الإسرائيليّة تجاه الاستيطان، وردعها عن الحدّ من وتيرة الاستيطان في الضفّة المحتلّة، والضّغط عليها كي لا تقوم بإزالة بعض البيوت/البؤر التي أقامها المستوطنون دون الحصول على ترخيص حكوميّ رسميّ.
ورأى المشاركون في هذا الاجتماع أنّه من أجل إرغام الحكومة الإسرائيليّة على تغيير سياستها، فإنّه ينبغي "جباية الثمن" منها على كلّ عملٍ تقوم به "ضد" الاستيطان، لذلك دأب منفِّذو العمليّات على التّوقيع بـاسم "جباية الثمن" او " تدفيع الثمن"على مسرح جرائمهم.
الهيكلية:
من خلال إستمراريته وتعدد عملياته كماً ونوعاً، تبيّن ان "جباية الثمن" له هيكلية تنظيمية سرّية تقوده وتوجّه نشاطاته وعملياته الإرهابية وتحدّد أهدافه بدقّة، وتوجد فيه خلايا متخصصة لجمع المعلومات، واخرى للتخطيط، واخرى للتنفيذ.
وقد قدّر الصّحافي الإسرائيلي نداف شرجاي، المختصّ في شؤون المستوطنين ونشاطاتهم، أنّ عدد الذين شاركوا في نشاطات "جباية الثمن" في عام 2008 قد تجاوز ثلاثة آلاف مستوطن، وتأتي غالبيّتهم من المستوطنات الدينيّة ومن المدارس الدينيّة اليهودية (اليشيفوت).
الأيديولوجية:
يعتنق ناشطو تنظيم "جباية الثمن" وأنصاره فكر عنصريّ قائم على الكراهية الشّديدة للفلسطينيّين، ويدعو إلى قتلهم أو طردهم من المناطق الفلسطينية المحتلّة من ناحية، وإلى تعزيز الاستيطان في الضفّة المحتلّة والإسراع في تهويدها وضمّها إلى إسرائيل من ناحيةٍ أخرى. وهم يعتزّون بأفكارهم العنصرية ويتباهون بها وينشرونها على الملأ في كتبٍ ومقالاتٍ. فمثلا، ألّف حاخامان من مستوطنة يتسهار، يتسحاق شبيرا ويوسف إيليتسور - وهما من أبرز قادة "جباية الثمن"- كتاب "توراة الملك" " عقيدة الملك" (صدر في عام 2009) وأكّدا فيه على أنّه ينبغي قتل الفلسطينيّين رجالاً ونساءً، شيوخاً وأطفالاً.
موقف الحكومة الإسرائيلية:
ان الحكومة الإسرائيلية برئاسة إيهود أولمرت لم تتّخذ إجراءاتٍ ضدّ نشطاء تنظيم "جباية الثمن" بل خضعت لهم وجمّدت نشاطها "ضد" البؤر الاستيطانية.
وبعد تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو في بداية عام 2009، ازداد نشاط تنظيم "جباية الثمن" اتّساعا لأنه حظي بتساهل حكومة نتنياهو، بل وتشجيع وزراء من بعض الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكوميّ.
وبلغ تمادي نشطاء تنظيم "جباية الثمن" الى حد الهجوم على قاعدة للجيش الإسرائيلي، ففي كانون الأوّل 2011 شنّ أكثر من خمسين عنصر من أتباع التنظيم هجوما ليليا خاطفا حيث إعتدوا على جنود القاعدة وضبّاطها، فجرح قائد القاعدة في رأسه من جرّاء إصابته بحجر ألقاه أحد المهاجمين. وهدفت هذه العمليّة إلى ردع الجيش الإسرائيليّ عن إخلاء بؤرة استيطانيّة بالقرب من القاعدة العسكريّة.
أثار هذا الهجوم سخط الرّأي العامّ في إسرائيل من خلال النقد الذي نشرته وسائل الإعلام العبرية التي دعت الى التصدي الى تنظيم "جباية الثمن"، وعزا الصّحافي رون بن يشاي تساهل الجيش الإسرائيلي مع تنظيم "جباية الثمن" الى خشية قادةِ الجيش (ذوي الرّتب العليا والمتوسّطة) من اللوبيّ السياسي والقانوني الذي يدعم "جباية الثمن" لأنه يحقق الهدف الصهيوني في طرد الفلسطينيين لإقامة "إسرائيل التوراتية".
وفي 12 حزيران 2013 كشفت شرطة الاحتلال عن أن مجموعة "تدفيع الثمن" المتطرفة نفذت منذ مطلع العام الجاري 165 اعتداء ضد ممتلكات الفلسطينيين في الارضي المحتلة وأراضي 48، بزيادة قدرها ثلاثة أضعاف مجمل ما سجل خلال العام الماضي الذي شهد 56 اعتداءً.
أما دعاة "مبدأ سيادة القانون" الإسرائيليين من أمثال تسيبي ليفني فوقفوا ضد تنظيم "جباية الثمن" حيث تقدمت وزيرة القضاء (ليفني) بتوصية الى الحكومة لإعتبار "جباية الثمن" كـ"تنظيم إرهابي"، غير ان نتنياهو رفض ذلك (يوم 16 حزيران 2013) وإكتفى بإعتباره "اتحاد غير قانوني"، وعللّ نتنياهو قراراه بأن الإعلان عن جماعات “تدفيع الثمن” كجماعات إرهابية "سيشوّه صورة إسرائيل أمام العالم، وسيزيد الشعور بعدم شرعية الدولة وتشجيع العالم على مقارنة هذه الأعمال بإطلاق الصواريخ أو عمليات التفجير لحركة حماس".
وتعقيباً على ذلك، قال المحامي عمر خمايسي من مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان "إن موقف رئيس الحكومة نتنياهو هو موقف المشجّع والمؤيّد للأعمال الإرهابية التي تقوم بها مجموعات “تدفيع الثمن” ضد الفلسطينيين من اعتداءات عليهم وعلى ممتلكاتهم، وهو توجه يؤكد العقلية التي تتسّم بها المؤسسة الإسرائيلية الممثلة برئيس حكومتها، مع العلم أن هناك الكثير من المؤسسات الإنسانية الفلسطينية العاملة في مجال الإغاثة قد أعلنت عنها المؤسسة الإسرائيلية كمنظمات إرهابية ...
وأوضح المحامي عمر خمايسي: "هناك فرق بين الإعلان عن “تدفيع الثمن” كمنظمة إرهابية او منظمة غير قانونية، لأن العقوبة تختلف في الحالتين، فأعضاء المنظمة الارهابية يلاحقون كأفراد يقومون بأعمال ارهابية وكل من يقوم بتأييدهم قد يطاله القانون بتأييد العمل الارهابي، بينما الأمر مختلف بخصوص المنظمات التي يعلن عنها منظمات غير قانونية ، والتي عادة لا يلاحق أفرادها قانونيا إنما يتم مصادرة أموالهاوتعقبها ومراقبتها والاشخاص والمؤسسات التي تحتك بها”.
وكما كان متوقعاً، فإن رفض نتنياهو إعتبار "جباية الثمن" كـ"تنظيم إرهابي"، شجّعه على شن المزيد من الإعتداءات مباشرة – ففي ليل 17 حزيران 2013) قام مستوطنون بثقب اطارات 28 سيارة في بلدة أبو غوش (غرب مدينة القدس) وخطوا شعارات عنصرية على السيارات والجدران مثل "الموت للعرب" و"تدفيع الثمن".
ويوم 30 حزيران 2013 أشعل مستوطنون النار بأراض زراعية في قرية عينابوس جنوب نابلس، وإنتشرت في مناطق شاسعة.
15 تموز 2013م مجموعة من عصابات "تدفيع الثمن" تقتحم أراضٍ زراعية فلسطينية شمال مدينة رام الله وتقوم بتقطيع اكثر من 40 شجرة زيتون.
وفي 27 آب 2013م مستوطنين من مجموعة "تدفيع الثمن" ثقبت إطارات لعشرات السيارات التي تتبع للفلسطينيين في حي صفافا في القدس المحتلة. بالإضافة إلى كتابة شعارات معادية للفلسطينيين تحمل في مضمونها مصطلحات "التهديد والوعيد"، خطت على جدان الحي.
وفي 22 ايلول 2013م مستوطنون من عصابة "تدفيع الثمن" تثقب إطارات ست مركبات، تعود ملكيتها لمواطنين في حي الشيخ جراح وسط القدس المحتلة، ويخطون شعارات عنصرية على أحد جدران الحي.
وفي 1 تشرين اول 2013م عصابات "تدفيع الثمن" تعتدي على 5 مركبات قرب مدخل حي سلوان في القدس المحتلة، وتخطّت شعارات "تدفيع الثمن" و"تاج محير" ما معناه بالعربية "رحيل العرب على جداران المنطقة. كما اعتدت العصابة على الكنيسة اللاتينية في سلوان جنوب الأقصى المبارك، وتخط شعارات عنصرية على جدار المقبرة التابعة للكنيسة.
وفي 11 تشرين الثاني 2013م عصابات "تدفيع الثمن" تثقب إطارات 3 حافلات مواصلات كبيرة، وتخط شعارات عنصرية منها "الموت للعرب" في حي الثوري من بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك.
وفي 17 تشرين الثاني 2013م عصابات "تدفيع الثمن" تدنس مقبرة مأمن الله وتخط شعارات عنصرية وتحريضية باللغة العبرية على عدد من القبور في المقبرة " ومقام "كبكي" غربي القدس المحتلة.
وفي 19 تشرين ثاني 2013م عصابات "تدفيع الثمن" تشعل النار في سيارتين وتخط شعاراً بالعبرية وترسم شارة نجمة داود الحمراء على جدار منزل في قرية فرعتا بمحافظة قلقيلية.
أما في 6 كانون أول 2013م عصابة "تدفيع الثمن" تحرق سيارة مواطن فلسطيني، وتخط شعارات عنصرية في قرية جالود جنوبي مدينة نابلس .
وفي 8 كانون أول 2013م عصابات "تدفيع الثمن" تعتدي على مسجد الهدى في مدينة باقة الغربية، وترسم كتابات مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وتحطم زجاج (4) سيارات لمواطنين كانت مركونة بالقرب من المسجد.
وفي 31 كانون اول 2013م جماعة "تدفيع الثمن" تحرق ثلاث سيارات لمواطنين بمخيم الجلزون قرب رام الله، وتخط شعارات عنصرية على جدار حائط بالمخيم تضمنت "يهودا والسامرة سيتم سفك الكثير من الدماء".
وفي 8 كانون ثاني 2014م جماعة تدفيع الثمن تتوعد سكان قرية قصرى بمحافظة نابلس بالانتقام بعد منعهم من دخول القرية. وتحرق سيارتين فلسطينيتين في قرية مادما، جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية.
وفي 10 كانون ثاني 2014م عصابات "تدفيع الثمن تقوم بقطع نحو 30 من اشجار الفاكهة والزينة، في مشتل قريب من مدينة كفر قاسم.
15 كانون ثاني 2014م عصابات "تدفيع الثمن" تشعل النار بمدخل مسجد قرية "دير استية" في محافظة سلفيت، وتخط عبارات بالعبرية تضمنت ما معناه بالعربية "تدفيع الثمن .