عرس لم نشهد ختاما له...... لم نسمع قيلا عن قال، ولم نروي رواية الأخبار, ولم نستجب لشائعات مغرضة، او تبنينا مواقف مسبقة، بأم اعيننا رأينا، كيف افسد المسلحون عرس اهلنا، نساءنا .....اطفالنا المتضورون جوعا وتلك الأم التي تذرف دمعا، وقد تحولت اليوم الى دموع ...دموع أدمعتني دموع فرح لايمكن لبشر الا ان يشارك تلك الدموع دون شعور، تلك الأم التي تستعد لاستئناف اطعام رضيعها..........اطفالها......عجائزها.. بعد توقف قسري او ابطاء شديد في مواصلة مسيرة العيش والحياة .... بعد توقف وانتظار دام اسابيعا وشهورا وبانتظار .......لهذا اليوم الذي بدأ مشرقا بالغذاء والحليب والدواء، تلك المرأة التي صمدت امام هؤلاء المسلحين، بل قاومتهم بصمودها الاسطوري امام غلوهم واستباحتهم لبيتها ومخيمها وسرقتهم للقمة عيش اطفالها، في صبيحة هذا اليوم الخميس وفي الثلاثين من كانون الثاني يوم بما شهدناه فيه يكتب عنه ما لم يكتب من قبل،اليوم كان عرسا حقيقيا لأهلنا في اليرموك،هذا العرس الذي هلل له فرحا ابناء شعبنا الفلسطيني في كل مكان، نعم بأم اعيننا رأينا تلك الفرحة على وجه كل فلسطينية وفلسطيني حضر الى مركز توزيع المواد الغذائية في مخيم اليرموك، مشهد لم اشهد مثيلا له في حياتي، مشهد لا يتخيله عقل بشري، الجوع كافر لكن شعبنا رغم الجوع لم يكن بكافر، رغم الجوع، رغم الحرمان، رغم آلام الاطفال الجياع وحسرة ذويهم عليهم، ورغم الحشود التي تنتظر لقمة لأبناءها، تغني امرأة من هنا، وتنشد امرأة من هناك، والزغرودة الفلسطينية من تلك الختيارة، والهتافات المناهضة لتلك المجموعات التي استباحت مخيم اليرموك، كل هذا الجوع..... وتلك المآسي.... وعشرات الضحايا التي قضت جوعا او قهرا لم تمنع هؤلاء المسلحين من ارتكاب جريمتهم مساء هذا اليوم، لم ترق لهم تلك الفرحة المرسومة على وجوه ابناء شعبنا منذ الصباح،ابوا الا ان يوجهوا رصاصات غدرهم باتجاهنا لفض هذا العرس والذي كان عرسا حقيقيا باستحقاق، فجأة زخات الرصاص تتهاطل علينا وعلى من ينتظر استلام ما يطعم به اطفاله، يفض العرس، تتراكض البشر نساء واطفالا ورجال هربا من رصاصهم الغادر...... ما جرى من افساد لفرحة اباء شعبنا لا يمكن الا ان يؤكد بأن هؤلاء لا يريدون من اهلنا الا ان يبقوا رهينة بأيديهم، وايه رهينة ؟؟؟؟؟ رهينة بلا طعام ولا دواء ولا رحمة حتى للرضع والاطفال لتموت الناس جوعا، لم ير أحد ما على وجوه المسلحين ما يوحي بجوع او حرمان، لم نرى مظاهر تلك المأساة الا في وجوه واجساد نساءنا واطفالنا وشبابنا في مخيم اليرموك،ما جرى اليوم يؤكد من جديد ان تلك المجموعات التي حررت مخيم اليرموك من اهله وساكنيه، لا تريد منا الا ان نكون ورقة للاستخدام والتوظيف السياسي تحقيقا لمآربهم التي لا تصب الا في مصلحة اعداء شعبنا الفلسطيني، لقد هالهم تلك الامواج البشرية التي عادت محملة بأوزان ثقيلة من قوت ابناءها فرحة.....سعيدة.....تشكر ربها اولا وتشكر من ساهم في هذا الانفراج، لقد صعق المسلحون......اصابهم الخوف والهلع............. لم يبق لهم امام هذا المشهد الانساني النبيل الا القنص القذر والرصاص اللئيم والذي كانت وجهته اولا مركز التوزيع................... فجأة توقف كل شيئ جميل.....وعاد الموت ينذر ابناء شعبنا وهذه المرة قتلا بالرصاص بعد ان كان جوعا.......................... انتم يا من اطلقتم النار على ابناء شعبنا.....يا من حاولتم اغتيال فرحة اهلنا وفي المقدمة منهم نساءنا......نقول لكم ارحلوا من هنا ...............لا نريدكم بيننا.......مخيم اليرموك لنا................ حتى نعود لفلسطيننا