يسعى الناس في كل مكان وبعناية تامة لحساب السعرات الحرارية والكربوهيدرات لاختيار أفضل الطعام والأكثر فائدة للحفاظ على اللياقة والرشاقة البدنية. ولكن وبحسب التقارير الأخيرة فقد اكتشف العلماء الأمريكيين أن الأنف البشري هو أفضل مساعد للذين قرروا تخفيض أوزانهم. استند الباحثون من مركز مونيل إلى حقيقة أن رائحة المنتج يتم الكشف عنها دائماً عن طريق التذوق. وإن إحدى المكونات الأولى من هذه الرائحة هي المعلومات حول ما إذا كان الطعام يحتوي على الدهون
ويؤكد الدكتور يوهان أندرستروم مؤلف دراسة الأعصاب المعرفية بأن الأنف البشري يسمح للتركيز أفضل في الكثير من حياتنا اليومية. ففي واقع الأمر لدينا القدرة على كشف وتمييز أصغر الأشياء في محتوى الدهون الموجودة في الغذاء، وهذه الميزة مهمة للغاية من حيث نظرية التطور، لأن الدهون كانت على مر القرون مصدراً لطاقة جسم الإنسان.
ويعتقد الخبراء أن القدرة على اكتشاف الدهون الغذائية كانت عاملاً هاماً دوماً وأبداً، تكيف عليها الإنسان على مر العصور. فبدون مصدر جيد للطاقة لا يمكننا البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة والقيام بأعمال شتى. وبهذه الطريقة يتعرف الإنسان أثناء تذوق الطعم الحلو على أنه يحتوي على مادة الكربوهيدرات بكميات كبيرة التي تعطي الكثير من الطاقة، ولهذا نرى الكثير من الناس يعشقون تناول الحلوى.
نلاحظ أن العلماء كانوا على علم مسبق بأن الناس سيستخدمون إشارات حسية للكشف عن الدهون. لكن لم يكن معروفاً أي نوع من الأحاسيس التي تساهم في هذه الميزة. افترض الباحثون والعلماء سابقاً بأن رائحة الدهون كانت تساعد الناس في الكشف عن مكان طهي الطعام. ولكن الأبحاث السابقة ساعدت في معرفة أن الناس يمكنهم استخدام الروائح للكشف عن نسبة عالية من الدهون النقية والتي على شكل أحماض دسمة، ومع ذلك لم يتم التمكن من إثبات بأن الإنسان يمكنه كشف وجود الدهون داخل الطعام.
أما في التجربة الجديدة فقد تعين على الباحثين تحديد ما إذا كان الناس قادرين على تمييز أنواع الحليب حسب نسبة الدسم الموجودة عن طريق حاسة الشم. ومن أجل هذا الغرض طلب الباحثون من متطوعين أصحاء شم رائحة الحليب الذي يحتوي على نسب مختلفة من الدسم: 0.125% و1.4% و2.7% وهي النسبة الطبيعية للحليب العادي. إذاً كان على كل مشارك أن يشم وهو معصوب العينين ثلاث أنواع من الحليب اثنان يحتويان على نفس نسبة الدسم والثالث يختلف تماماً عنهما.
يشار إلى أن هذه التجربة أجريت ثلاث مرات في ظروف مختلفة. في التجربة الأولى شارك فيها سكان فيلادلفيا متوسطي الوزن، وفي التجربة الثانية شارك فيها سكان من هولندا، وفي الثالثة شارك فيها مرة أخرى سكان من فيلادلفيا من ذوي الأوزان الطبيعية وأصحاب السمنة. تمكن المشاركون في جميع التجارب الثلاث على استخدام حاسة الشم لتحديد النوع الثالث من الحليب الذي يختلف عن الأول والثاني. وهذه القدرة لم تكن مرتبطة لا بالبلد، على الرغم من أن سكان هولندا يستهلكون وسطياً كميات من الحليب تفوق بكثير الكميات التي يستهلكها الأمريكيين، ولا بوزن المشارك.
وفي هذا الإطار أشار الدكتور ساني بوسويلدت وهو مختص في مجال طب الأعصاب إلى أن المهمة التالية كانت تتضمن تحديد جزيئات الرائحة التي تسمح للناس الكشف وتمييز مستوى الدهون الموجودة في الطعام، وهذا الأمر يحتاج إلى إجراء تجارب وتحاليل كيميائية معقدة.
الجدير بالذكر أن الدكتور ساني وزملائه نشروا مقالتهم العلمية في مجلة PLOS ONE . ربما يتمكن العلماء بفضل المعلومات الجديدة، من تطوير محسن النكهات والتي من شأنها أن تجعل من رائحة الأطعمة التي تحتوي على نسب قليلة من الدسم أكثر قبولاً. وهذا بدوره سوف يعود بالنفع لصالح الصحة العامة الموجهة إلى الحد من استهلاك الأطعمة الدسمة.