أنت إرهابي أيها العربي، لو فكرت، أو أبديت رأياً سياسياً يتعارض مع رأي المؤسسة الحاكمة، وأنت إرهابي لو احتكمت إلى صناديق الاقتراع، وطالبت بنصيبك من الديمقراطية، وأنت إرهابي لو التجأت إلى القانون في حالة اختصامك مع جارك في حوارك، وأنت إرهابي حتى لو عشقت البحر، وانطلقت من بين يديك فراشات الصباح، وحطت على كتفيك عصافير الفرح، فأنت إرهابي طالما تطالب بنصيبك من رغيف العيش المغمس بالتعب، وطالما يهتف وجدانك: عاشت فلسطين حرة عربية مطهرة من دنس الصهاينة الغاصبين.
أنت إرهابي أيها العربي، لأنك تعارض بسلوكك نهج السلطان المستبد الذي لا يرى للناس رأياً يرتؤون غير رأيه المرتبط أيديولوجياً برأي أعدائك.
أنت إرهابي أيها العربي، فطالما كرهت الصهاينة، سيكرهك الفاسدون، وطالما تشبثت بالوطن سيتهمك المفرطون، وطالما دافعت عن الحق سيهاجمك المطبلون، وطالما أعملت العقل سيتشكك بقدراتك الغافلون، لذلك فأنت إرهابي، حتى لو قلت: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وأنت إرهابي لو قلت: بلاد العرب أوطاني، ومن حقي التدخل في الشأن السوري والمصري والمغربي واليمني والعراقي والجزائري، ومن حقهم جميعاً أن يتحملوا مسئوليتهم تجاه قضيتهم المصيرية على أرض فلسطين، ليهتفوا بصوت مجلجل: لن نعترف بدولة غاصبة اسمها إسرائيل. وسحقاً للمفاوضات مع عدوٍ يوظف المفاوضات لتوسيع المستوطنات.
أنت إرهابي أيها العربي، حتى لو دندن لسانك بالحب، وحتى لو صار قلبك تفاحة تتوضأ في نور الفجر، وأنت إرهابي حتى لو صرت باراً بوالديك، وحنوناً مع زوجتك، ورقيقاً مع طفلتك، ورفيقاً للنسمات، فأنت إرهابي طالما تصر على نشيد الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فهذه العبارات تثير غضب السلطان، فيسارع إلى اتهامك بالإرهاب كي يظل عزيز الأركان، راسخ البنيان في كل زمان ومكان.
أنت إرهابي أيها العربي لأن يديك أطلقتا سرب الحمام، ولأن شفتيك أطبقتا عن زهر الكلام، وأنت إرهابي لأن لأذنيك طربت لطنين السلام، فغفوت مثل يمامة فوق غصن الوهم، وتبرأت من قعقعة الحسام، أنت إرهابي لأنك تتبرأ من قعقعة الحسام.