هجرة سلفيي فلسطين للجهاد في سوريا تنخفض

تساور الشكوك عائلات فلسطينية تقطن في مناطق متفرقة في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي مناطق الـ 48، على مصير أبنائها الذين التحقوا في أوقات سابقة ، للقتال إلى جانب قوات المعارضة ضد قوات النظام السورية، بعد أن اشتدت النزعات المسلحة بين رفقاء السلاح، جبهة النصرة وداعش)، وتفيد معلومات مؤكدة مصادرها "الجماعات السلفية" أن هناك تفكير قوي لدى "سلفيو فلسطين" بترك الشام والعودة بعد انحراف بوصلة المعارضين، وخشيتهم من أن يلاقوا حتفهم في تلك المعارك.
وتذكر معلومات مصدرها جماعات سلفية نشطت في قطاع غزة أن هناك عشرات الشبان الفلسطينيين، تمكنوا من الوصول في الأعوام الماضية إلى سوريا بطرق سرية، لقتال قوات النظام، وتشير المعلومات أن أغلب هؤلاء الشبان من قطاع غزة، وأن هناك عددا قليلا من الشبان خرج من الضفة الغربية، وعددا أقل من مناطق الـ 48.
وسبق أن أعلن "أبو عبد الله المقدسي"، أحد قادة الجماعات السلفية في غزة أن نحو 27 شابا من القطاع خرجوا للقتال من غزة إلى سوريا، منهم من عاد ومنهم من استشهد ومنهم من أصيب ولا يزال هناك أو غادر سوريا إلى بلاد أخرى."
غير أن معلومات جديدة ذكرت لصحيفة "القدس العربي" اللندنية أن العدد هذا شهد زيادة لكنها قليلة، وأن السبب في تفكير هؤلاء الشبان بالعودة هو عدم رضاهم على المعارك التي اندلعت بين قوات المعارضة، خاصة وأنهم يرون بحسب رواية عائلة أحدهم أن ذلك "يقلب البوصلة، ويطيل هلاك قوات الطاغية"، في إشارة لقوات النظام.
وتشير المعلومات إلى أن عددا قليلا من شبان الضفة الغربية وصلوا إلى سوريا، ويعتقد أنهم عبروا الحدود عن طريق الأراضي الأردنية، فيما وصل عدد آخر من مناطق الـ 48، ويعتقد أن دخولهم تم كشباب من القطاع عن طريق الأراضي التركية، التي دخلوها بطرق شرعية.
لكن رغم ذلك لا توجد معلومات دقيقة تؤكد كيفية وصولهم إلى سوريا، ولا كيفية التحاقهم بقوات المعارضة، وحاولت "القدس العربي" الإستفسار أكثر غير أنها لم تحصل على إجابات من مصادر لها علاقة بالجماعات السلفية، غير أن المعلومات تشير إلى أن من وصلوا لهناك يحتاجون إلى موافقات من بعض المعروفين في بلدانهم (من قادة التنظيمات السلفية)، لإتمام التحاقهم بالمقاتلين هناك، خشية من عمليات اختراق أمنية لهياكل الجماعات المسلحة.
ولم تقدم الجهات الأمنية في السلطة الفلسطينية أي معلومات عن الملف، واكتفى مسؤولون أمنيون من الضفة الغربية حين سئلوا عن أعداد الشبان، وطرق خروجهم بالقول إنهم لا يملكون أي معلومات، خاصة وأن عددا منهم من سكان القطاع، قتلوا في المعارك هناك ونشرت مواقع انترنت وصاياهم المتلفزة، وصورا لهم بعد مفارقتهم الحياة.
ولم تعلق حركة حماس التي تحكم قطاع غزة في المرات التي أعلن فيها عن مقتل شبان من غزة خلال القتال مع مجموعات المعارضة على الأمر. لكن ما فهم من إجاباتهم المقتضبة بأنهم لا يحبذون إثارة الموضوع، خاصة في الضفة الغربية، التي أعلن فيها نهايات العام الماضي عن اكتشاف خلايا تتبع النهج السلفي، ويلمح أحد المسؤولين الأمنيين أن هناك تحريات كبيرة تجرى لمعرفة تفاصيل أكثر. وفي غزة تكرر أكثر من مرة نعي جماعات سلفية تنشط هناك لمسلحين من التنظيم سقطوا في أحداث سوريا، وأقيمت لهم بيوت عزاء في منازل عوائلهم، بينهم محمد قنيطة، الذي أظهرت لقطات مصورة على مواقع الإنترنت وهو يتلو وصيته قبل موته، قال فيها إنه خرج لـ"نصرة إخواننا ضد الطاغية بشار الأسد وأعوانه الشيعة".
ومن بين الشبان الذين قضوا في المعارك السورية محمد الزعانين، الذي قضى حين فجر نفسه بثكنة لقوات النظام، إضافة إلى الدكتور وسام العطل، وفهد الهباش، والأخير كان ينتمي لحماس قبل الإلتحاق بالجماعات السلفية التي تقاتل في سوريا.
وفي تسجيلات أخرى نشر موقع "ابن تيمية" وهو متخصص في نقل أخبار هؤلاء النشطاء، وصايا لشبان آخرين سقطوا في سوريا.
وكان أبرز من قتلوا هناك وكتب وسجل وصيته قبل وفاته نضال العشي الملقب بـ"أبو هريرة المقدسي"، الذي كان ينشط في تنظيم "جيش الإسلام" بغزة، وهو تنظيم لم يعد له قوة كبيرة على غرار السنوات الأولى لتشكيله في بدايات العام 2006، خاصة بعد أن دخل في خلافات كبيرة مع حركة حماس التي تحكم غزة.
وإضافة لهؤلاء فقط سقط من مناطق الـ 48 مؤيد إغبارية، وهو شاب من بين نحو عشرين آخرين تمكنوا من الخروج من بلداتهم ومدنهم في إسرائيل إلى قتال فوات النظام السوري.
ويقوم هؤلاء الشبان الذين يتواصلون بصعوبة وعلى فترات متباعدة مع عوائلهم في المناطق الفلسطينية عن طريق اتصالات هاتفية مقننة بتسجيل وصاياهم، وكتابة أرقام هواتف العائلة، ليتم إبلاغهم بأي مكروه يصيبهم خلال القتال، خاصة وأن هناك العديد منهم أصيب بجراح بالغة خلال المعارك، ويتلقون العلاج في مشافي غير معروفة.
وعلمت "القدس العربي" أن صعوبة خروج الشبان السلفيين من غزة ومن الضفة في ظل التشديدات الأمنية، إضافة للقتال بين قوى المعارضة قلصت أعداد الراغبين في الذهاب لسوريا.
وفي الأشهر الماضية اندلعت مواجهات دامية بين قوات المعارضة، تركزت على قتال "الجيش الحر" تسانده جماعات مختلفة بينها جماعات إسلامية، لقوات "الدولة الإسلامية في العراق والشام" المعروفة باسم "داعش"، وتشير أنباء أن قتالا عنيفا اندلع في بعض الأوقات بين تنظيم "جبهة النصرة"، وهي جماعة سلفية وبين "داعش" الجماعة السلفية الأخرى، ما أوقع جموع الشبان المقاتلين في حرج كبير.
وكلا التنظيمين "داعش" و"النصرة" لهما ارتباطات أيديولوجية بتنظيم "القاعدة" الدولي، ولا يعرف السر وراء الخلاف بينهما الذي أفضى للقتال، والتحق في كلا التنظيمين سلفيون قدموا من عدة بلدان، إلى جانب سلفيو سوريا الأكثر عددا.
وأظهرت اللقطات المصورة لشبان من غزة قتلوا في معارك سوريا، أنهم كانوا ينتمون لجماعات من "جبهة النصرة"، ولم ترد أنباء تؤكد أنهم التحقوا بتنظيم "داعش"، في ظل إشاعات تفيد بذلك.
وتخشى عوائل الشبان الفلسطينيين الذين تمكنوا من الوصول لمناطق متفرقة من الأراضي السورية للقتال إلى جانب المعارضة ضد النظام، كذلك على مصير أبنائها في ظل عدم وجود عمليات اتصال سلسلة معهم، ومن هذه العوائل من أكدت أنها تتلقى على فترات متباعدة إتصالات هاتفية، لكنها تؤكد أنها لا تعلم مكان أبنائها بالتحديد في سوريا، ولا الجهة المسلحة التي يقاتل معها.
وتساور المخاوف هذه العائلات مع اشتداد المعارك الداخلية بين المعارضة، ومع استخدام قوات النظام "براميل المتفجرات " في عمليات قصف المدن السورية.
ويتوقع مطلعون على الأوضاع هناك بأن يشتد القتال بين مسلحي المعارضة، خاصة بعد أن أعلن تنظيم "القاعدة" البراءة من تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، حيث من المحتمل أن يضعف هذا القرار تنظيم "داعش" وأن يعطي قوات المعارضة الأخرى قوة معنوية.
وكان تنظيم "القاعدة" أعلن أن جماعة "داعش" لا تعد فرعا من جماعة قاعدة الجهاد، ولا تربطها بها علاقة تنظيمية، وليست الجماعة مسؤولة عن تصرفاتها.
 

المصدر: غزة - وكالة قدس نت للأنباء -