أخذ الإسرائيليون منذ احتلالهم لشرقي القدس عام (1967) بالعمل وفق خطط مدروسة لتهويد المدينة عملياً، وذلك من خلال :
القوانين والأنظمة التي اتبعت في تهويد القدس
1. مصادرة الأراضي: استخدمت السلطات الإسرائيلية قوانين المصادرة للمصلحة العامة من اجل إقامة المستعمرات عليها. وبموجب قانون الأراضي لسنة 1943 ومن خلال وزارة المالية وتحت غطاء (الاستملاك للمصلحة العامة تمت مصادرة 24كم2، وما يعادل 35%من مساحة القدس الشرقية، أنشئت عليها (15) مستعمرة إسرائيلية وشّيد 60 ألف وحده سكنية. وكان قانون المصادرة للمصلحة العامة من أهم القوانين التي استخدمتها إسرائيل في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية التي كانت تعتبر المجال الحيوي للتطور العمراني الفلسطيني.
2. قوانين التنظيم والبناء: استخدمت السلطات الإسرائيلية قوانين التنظيم والبناء، للحّد من النمو العمراني والسيطرة على هذا النمو عن طريق التنظيم والتخطيط، فبدأت إسرائيل ومنذ الأيام الأولى للاحتلال بإغلاق مناطق حول البلدة القديمة بإعلانها مناطق خضراء يمنع البناء عليها. مما جعل 40% من مساحة القدس الشرقية مناطق خضراء واعتبرت مناطق احتياط استراتيجي لبناء مستوطنات عليها كما حدث في(جبل ابوغنيم)، ومنطقة (الراس في قرية شعفاط) عندما تم تحويلها من مناطق خضراء الى مناطق بناء استيطاني(هارحوماة، رامات شلومو). كذلك تم تحديد مستوى البناء، فبالنسبة إلى الفلسطيني لا يسمح له بالبناء في أكثر من 75% من مساحة الأرض، وهو الحد الأقصى، بينما يسمح لليهود بنسبة بناء تصل إلى 300% من مساحة الأرض.
كما تم وضع العراقيل الكبيرة أمام رخص البناء والتكاليف الباهظة التي تصل إلى 30 ألف دولار للرخصة الواحدة ، بالإضافة إلى الفترة التي تستغرقها إصدار الرخصة البناء مما دفع
بالسكان إلى البناء بدون ترخيص أو الهجرة باتجاه المناطق المحاذية لبلدية القدس حيث أسعار الأراضي المعتدلة وسهولة الحصول على رخصة أسهل واقل تكلفة مما هو موجود داخل حدود البلدية .
و حسب تقرير قدمه منسق الشؤون الانسانية ارتفاع عدد الفلسطينيين المهجرين بنسبة 25% في العام الفائت مع 1100 مهجر في الضفة الغربية وشرقي القدس، في أعقاب هدم مبان أقيمت بلا ترخيص إسرائيلي "من شبه المستحيل الحصول عليه"، وفي كانون الثاني/يناير تم هدم أكثر من 100 بناية فلسطينية ما أدى إلى نزوح 180 فلسطينيا من بينهم 100 طفل بحسب منسق الأمم المتحدة.
3. قانون الغائبين: مصادرة الأراضي بموجب قانون أملاك الغائبين لسنة 1950 استخدمت إسرائيل هذا القانون الذي سن من اجل تهويد القدس، وهذا القانون ينص على أن كل شخص كان خارج دولة إسرائيل أثناء عملية الإحصاء التي أجرتها إسرائيل عام 1967، فإن أملاكه تنقل إلى القيم على أملاك الغائبين ويحق للقيم البيع والتأجير، وهذا ما حصل في العقارات التي تم الاستيلاء عليها من قبل الجمعيات الاستيطانية بالبلدة القديمة.
4. الأسرلة : استكمالاً للمشروع الإسرائيلي في القدس يعمل الإسرائيليون على أسرلة الأقلية التي بقيت في المدينة من الفلسطينيين، والتي لا تزيد نسبتها عن 22% من إجمالي عدد السكان. وتسعى إسرائيل لربط القطاعات الصحية والتعليمية والتجارية والصناعية والخدماتية بتلك القائمة لديها، وتحويل ضم المدينة من ضم الأرض الى ضم الأقلية المحدودة لسكان القدس، وتقوم البلدية بما يلزم من إجراءات جنباً الى جنب مع باقي المؤسسات الإسرائيلية لأاسرلة من تبقى من المواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية وذلك من خلال تطور الخدمات المقدمة للأقلية التي تريد أسرلتها لذلك تعمل على رفع مستوى استيعاب المدارس الإسرائيلية الحكومية لتعوض المدارس العربية الحكومية والخاصة".
5. مصادرة الهويات: تنظر إسرائيل إلى المواطنين الفلسطينيين في القدس على أنهم مواطنين أردنيين يعيشون في دولة إسرائيل، وذلك طبقاً للقوانين التي فرضتها على مدينة القدس، حيث أعلنت في الأيام الأولى للإحتلال سنة 1967 منع التجول، وأجرت إحصاء للفلسطينيين هناك بتاريخ 26/6/1967، واعتبرت أن جداول هذا الإحصاء هي الحكم
الاستيطان داخل البلدة القديمة
يعتبر الاستيطان الصهيوني داخل البلدة القديمة جزءا أساسياً ومركزيا من المخطط الإسرائيلي الجاري منذ عام 1967 للسيطرة على مدينة القدس واعتبارها عاصمة أبدية وموحدة لإسرائيل ولمنع اعادة تقسيمها وبالتالي عدم تمكين الشعب الفلسطيني من تحقيق حلمه الوطني في جعلها عاصمة لدولته العتيدة، ومن أجل تحقيق هدفها الاستراتيجي هذا دأبت إسرائيل وعلى امتداد سنوات الاحتلال على:
* خلق أغلبية يهودية داخل القدس بشقيها الشرقي والغربي.
* السيطرة على الوجود السكاني الفلسطيني في المدينة والتحكم في نموه بحيث لا يتجاوز 27%من المجموع السكاني للمدينة (بشقيها).
ولتحقيق هذين الهدفين المرتبطين بالهدف الاستراتيجي العام السابق، عملت اسرائيل على ثلاثة محاور:
1) انشاء حلقة المستعمرات الاستيطانية الخارجية التي تحيط بمدينة القدس لمحاصرتها وعزلها عن بقية أجزاء الضفة الغربية . وتضم 20 مستوطنة تشكل أكثر من 10%من مساحة الضفة الغربية وتعتبر جزءا مما يسمى "بالقدس الكبرى" . ومن هذه المستوطنات :معاليه أدوميم شرقا, وراموت غرباً,وجبعات زئيف شمالا,وجيلو جنوبا.
2) إنشاء الحلقة الداخلية من المستوطنات التي تهدف الى تمزيق وعزل التجمعات الفلسطينية داخل مدينة القدس الشرقية وضرب أي تواصل معماري أو سكاني بها . بحيث تصبح مجموعة من الاحياء الصغيرة المنعزلة بعضها عن بعض,فيسهل التحكم بها والسيطرة عليها , وقد أقيمت المستعمرات على أرض بيت حنينا –النبي صموئيل-شعفاط-الشيخ جراح- بيت صفافا- وادي الجوز-صورباهر- سلوان وأم طوبى , ومن هذه المستوطنات " ماونت سكوبيس ورامات اشكول وشرق تلبيوت وعطروت والتلة الفرنسية.
3) الاستيطان داخل البلدة القديمة وخلق تجمع استيطاني يهودي يحيط بالحرم القدسي الشريف وخلق تواصل واتصال ما بين هذا التجمع الاستيطاني وبلدات الطور وسلوان ورأس العامود ومنطقة الجامعة العبرية ومستشفى هداسا وذلك من خلال ربط الحي اليهودي وساحة المبكى وباب السلسلة وعقبة الخالدية وطريق الواد وطريق الهوسبيس مع تلك المناطق.
الاستيطان ومحاصرة القدس
أقدمت السلطات الإسرائيلية على وضع خطة عرفت (بخطة الأحزمة) لمحاصرة القدس من جميع الجهات وخاصة سد منافذ تواصلها جغرافياً وديمغرافياً مع الضفة الغربية، لعزلها وضع الفلسطينيين داخلها وخارجها أمام الأمر الواقع .
وخطة الأحزمة المذكورة سالفاً تتلخص في إقامة ثلاثة أحزمة استيطانية وفق المخطط التالي:
الحزام – الطوق الأول / يحاصر البلدة القديمة وضواحيها فيربطها بالجزء الغربي،فتم إنشاء الحي اليهودي داخل السور الأثري والحديثة الوطنية حول شرق السور وجنوبه والمركز التجاري الرئيسي ضمن هذا الحزام .
الحزام – الطوق الثاني / يحاصر الأحياء العربية خارج السور في المناطق الواقعة داخل حدود أمانة بلدية القدس في العهد الأردني من ثلاث جهات، بمستعمرات تتحد على شكل أقواس لتعزل المدينة عن الكثافة السكانية العربية، في الشمال والجنوب، ويزيد عدد المستوطنات الواقعة ضمن هذا الحزام على 11 مستعمرة .
الحزام – الطوق الثالث / يهدف لحصار مدينة القدس الكبرى وفق المشاريع الإسرائيلية المقترحة تماماً، أي عزلها عن الضفة الغربية، وهذا يعني إضفاء الصبغة اليهودية عليها، مع وجود القرى العربية والقدس الشرقية داخل حدودها وذلك على شكل أقلية قومية في وسط أغلبية يهودية، وجاء مشروع الاستيطان في جبل أبو غنيم اللبنة الأخيرة تقريباً في إغلاق الطوق على مدينة القدس الشريف، ومشروع رأس العامود المجمد حالياً أيضاً .
الدور العربي والإسلامي لتثبيت العرب المقدسيين
يجب أن يغتنم العرب والمسلمون شعوباً وحكومات ومنظمات مجتمع مدني أي مناسبة من أجل القيام بفعل حقيقي من خلال مقدمات وتوجهات وبرامج متفق عليها لمواجهة المخططات والسياسات الإسرائيلية الرامية لتهويد مدينة القدس وبخاصة تلك المخططات التي تسعى إلى فرض الطرد الصامت للعرب المقدسيين من أرضهم وعقاراتهم ومحالهم التجارية ومصادرتها لصالح تنشيط وتسمين المستوطنات وتركيز أكبر عدد من اليهود فيها لفرض الأمر الواقع الديموغرافي.
وقد يكون من باب أولى ضرورة إحياء صندوق دعم القدس وأهلها في مواجهة السياسات الإسرائيلية، وكان أقر في مؤتمر القمة العربي المنعقد في بيروت في عام 2002، كما تحتم الضرورة فضح السياسات الإسرائيلية في مدينة القدس من خلال نشر ملفات وثائقية في وسائل الإعلام العربية وغير العربية نبرز من خلالها بشكل دوري الإجراءات الإسرائيلية الحثيثة لتزوير حضارة القدس وتاريخها العربي الإسلامي والمسيحي على حد سواء، نهايك عن ضرورة العمل العربي والإسلامي المشترك في الحقل الدبلوماسي والسياسي، ومطالبة الأمم المتحدة والمنظمات المنبثقة عنها بتطبيق القرارات الدولية الخاصة بقضية القدس، وفي المقدمة منها تلك التي أكدت على ضرورة إلغاء الاستيطان الإسرائيلي في القدس وبطلانه.
وهذا من شأنه أن يعزز الخطوات لتثبيت المقدسيين في أرضهم ومحالهم وعقاراتهم، وبالتالي تفويت الفرصة على السلطات الإسرائيلية لفرض الأمر الواقع التهويدي على مدينة القدس. مما تقدم يتضح أن لاحتفالية القدس رمزية خاصة بكون المدينة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ناهيك عن فرصة التضامن الحقيقي لنصرة أهلها في مواجهة التحديات الإسرائيلية الساعية إلى تهويد الأحياء العربية القديمة في داخل القدس بعد فرض طوقين من المستوطنات حولها.
وعليه يترتب منهم ما يلي:
أ) إنشاء مشاريع استثمارية :
لتوفير أماكن عمل لأهل القدس ومنعهم من النزوح عنها .
يوازي ذلك تأسيس شركات لتقديم الخدمات للعمال المقادسة في البحث عن عمل داخل المدينة .
تشجيع المبادرات الاقتصادية .
تشجيع أصحاب الأموال لاستثمار أموالهم .
* تأسيس صندوق لدعم العائلات الفقيرة بغرض التمكن من الدفاع عن أملاكها في وجه أي مصادرة .
* إنشاء مؤسسات عامة:
جامعات/ كليات / مدارس .
مستشفيات / مستوصفات .
* تأسيس جسم ضاغط:
استغلال بعض المناسبات للتعبير عن الرأي وفق القانون .
ب) إعادة من هم خارج حدود المدينة :
لم الشمل:
استغلال الوسائل القانونية المتاحة لتكثيف ذلك معالعمل على التشاور مع أعضاء كنيست عرب ورؤساء سلطات محلية عربية وقوى أخرى محبة للتعايش السلمي .
التأكيد على بناء مؤسسات ومصالح عامة في القدس لجذب أنظار هؤلاء إليها (مستشفيات، جامعات، مكاتب ترخيص وداخلية، مكاتب سفر ومطار ومحاكم شرعية وغير شرعية) .
المؤسسات الفلسطينية
يتوجب على المؤسسات الحكومية الفلسطينية دعم صمود المقدسيين في مواجهة هدم البيوت و اصدار أوامر بالاستيلاء على الأراضي وذلك من خلال تقديم لهم الدعم المادي من اجل استصدار رخص البناء اولا، وثانيا يتوجب عليهم ايضا حماية الأراضي بالقدس من خلال شرائها و بناء عليها مشاريع من شأنها تقوية عزيمة وصمود المواطن المقدسي في ارضه.
و بالنهاية نقول هذا غيض من فيض، ترى ماذا اعد اصحاب القضية والارض ومن ينتمون لتك البقعة؟ ماذا عملنا لحماية تراثنا من العبث والضياع والتشتت، أين المؤسسات الداعمة؟ أين الجمعيات العاملة؟ أين الوعي والوازع الديني؟ هل نكتفي بالبكاء والعويل وضرب كف على كف؟
اذن فهناك خط مختلف، فالاستيطان او السكن في البلدة القديمة أو القدس هو استيطان ديني ايديولوجي سياسي مبرمج ومخطط له منذ زمن بعيد، وعبر جميع الحكومات التي تعاقبت على هذه الدولة والقادم امر وادهى.
هذا واقع واما الواقع الاخر، ماذا يعني لنا السكن في القدس ضمن حدود ما يسمى بلدية القدس حسب الوضع والقانون الاسرائيلي.