ساعة حوار مع السفير المصري مع اقتراب انتهاء مهام عمله بفلسطين

لأهمية مصر كدولة ناظمة بالمنطقة العربية ولدورها المحوري في القضية الفلسطينية ، وبعد مشارفة السفير المصري لدى فلسطين ياسر عثمان على تسليم مهامه وتعين سفيرا جديدا بدلا منه ، اجرت "وكالة قدس نت للأنباء " هذا الحوار الخاص مع السفير ياسر عثمان الذي تحدث بدوره عن 10 سنوات من العمل داخل فلسطين واجاب على اسئلة مهمة وعديدة مرتبطة بمستقبل العلاقة المصرية الفلسطينية ونقاط هامة مرتبطة بالقضية الفلسطينية .

س:متى عملت في فلسطين ؟
ج: السفير ياسر عثمان ، " عملت في فلسطين لمدة خمس سنوات كسفير وكانت فترة مثمرة جدا وعزيزة علي لأني احب هذه البلاد المقدسة ، وهذه ليست أول مرة اعمل فيها، فقد سبق وعملت في السفارة المصرية بغزة نائب للسفير السابق من 1998م حتى 2002م ، وعينت كسفير مصري بفلسطين قبل خمسة سنوات 2009م ، ومجموع عملي في فلسطين يتجاوز العشرة سنوات وانا اعتز في هذه الفترة من حياتي ، واعتقد انها فترة مثمرة عكست عمق العلاقة بين الشعبين واهتمام مصر في القضية الفلسطينية ".
وأضاف " كانت الأولوية وستظل تعزيز العلاقة الثنائية ودعم القيادة الفلسطينية في نضالها لإنهاء الاحتلال ، واسترجاع الحقوق الفلسطينية كاملة و إقامة الدولة الفلسطينية المنشودة ، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية وفك الحصار وانجاز ملف المصالحة الفلسطينية ".
وقال ان "طبيعة العمل في وزارة الخارجية المصرية ان كان أحدا في مهمة عمل خارجية ، يعود إلى المقر بالقاهرة ليعمل بضع سنوات ومن ثم يتم إرسالك إلى دولة ومهمة جديدة".

س: أهم الصعوبات التي واجهتها خلال عملك ؟
ج:السفير عثمان " الصعوبة الرئيسية كانت الاحتلال الإسرائيلي ، فبرغم من الوضعية الدبلوماسية التي نتمتع بها إلا اننا نواجه ما يواجهه الشعب الفلسطيني من عقبات سواء على الحواجز والاغلاقات وغيرها من المعوقات ، لكن نحن نعتبر ان هذه ضريبة العمل في فلسطين ونحن نعتبر أننا لا نخدم مصر فقط بل نخدم ايضا فلسطين ، وهناك اقبال كبير من الدبلوماسيين المصريين على المجيء و العمل في فلسطين لانهم يعتبرون ذلك من الضريبة الوطنية التي يجب عليهم المساهمة فيها من اجل خدمت قضايا بلدهم ووطنهم العربي الكبير" .

س : كيف تنظر مصر للمفاوضات وتبعاتها ؟
ج : السفيرعثمان " مصر تدعم موقف القيادة الفلسطينية بشكل تام ومع المسار السياسي الجاري حاليا ، وتدعم بقوة وبشدة الموقف الفلسطيني الرافض التخلي عن الثوابت الفلسطينية ، وتؤيد عدم المس بالخطوط الحمراء للقضية الفلسطينية ، وتساند قيام دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية وكافة الحقوق المقررة للاجئين على رأسها حق العودة " .
وأضاف " اعتقد ان مؤسسات الدولة الفلسطينية قادرة على تحمل مسؤولية الاستقلال ، وبشهادة الأمم المتحدة وبعض الدراسات التي أكدت ان الدولة الفلسطينية وصلت إلى درجة من النمو والتطور في مؤسساتها لا تقل عن كثير من الدول بالعالم ، وهي منذ فترة مستعدة ان تكون دولة فعلية وتحمل عبئ الدولة ".

س:هل سئمت الدول العربية القضية الفلسطينية وتراجع دعمها ؟
ج  " السفير عثمان مصر والدول العربية ما زالت وبقوة تضع القضية الفلسطينية قضية العرب الاولى ولا صحة لاي كلام انها تخلت عن القضية الفلسطينية رغم انشغالها في قضاياها الداخلية ، ولو شاهدنا عدد الزيارات التي قام بها الرئيس الفلسطيني خلال الفترة الماضية لمصر ، نستطيع ان نخرج باستخلاص انها كانت وبقت حتى خلال فترة التغيير السياسي والثوري في مصر وكانت القضية الفلسطينية تمثل اهتمام للتحرك السياسي الخارجي والشعبي المصري ".

س : كيف ترى مصر ما يطرحه وزير الخارجية الامريكي جون كيري ؟
ج: السفير المصري " اعتقد ان كيري مازال لم يطرح شيء مكتوب ورسمي كما قال الرئيس الفلسطيني ، ونحن نؤيد التمسك بالثوابت الفلسطينية ونرفض أي أفكار تمس بهذه الثوابت ، وكي يكون موقفنا واضح امام الإدارة الأمريكية والرباعية الدولية واي طرف ينخرط في العملية السياسية."

س : هل مصر تؤيد قيام كونفدرالية بين فلسطين والأردن ؟
ج السفير ياسر عثمان " اعتقد ان القيادة الفلسطينية سبق لها وان نفت هذا الامر ولم توافق عليه والمسألة ترجع للقيادة الفلسطينية ، وأكدت القيادة الفلسطينية ان الهدف الآن والملح قيام الدولة الفلسطينية ونحن نساعد ذلك وبعد ذلك يكون شأن وقرار فلسطيني لا نتدخل فيه ".

س : مستقبل العلاقات الفلسطينية المصرية كيف تنظرون إليها ؟
ج السفير عثمان" العلاقات المصرية الفلسطينية اشمل واكبر من علاقة مصر وحماس أو اى فصيل سياسي ويعني ذلك علاقة مصر بالشعب الفلسطيني وبالقضية من كل جوانبها ، وكافة أوجه التعاون اقتصادية وسياسية واجتماعية مع الدولة الفلسطينية ، واستطيع ان أقول ان العلاقة عند نقطة جيدة جداً ، وآمل ان يتم تطوير هذه العلاقة من خلال زيارة التعاون الاقتصادي والثقافي والزيارات والتنسيق وانا كلى ثقة ان نصل إلى نقطة اعلي من النقطة الحالية " .

س: علاقات مصر وحركة حماس هل هناك اسباب خفية لتوتر العلاقات ؟
ج: السفير المصري "مصر اكبر بكثير من ان تصدم مع فصيل ، ويمكن ان يكون علاقات غير ايجابية ومتوترة ولكن ليس اصطدام ، والموقف المصري واضح وبسيط وتتعامل مع كافة المكونات الخارجية بنفس المنطق ، ويكون على ثلاث اسس ، الاحترام المتبادل وحماية المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ، ومن هنا أي طرف خارجي يتعامل مع مصر يلبي هذه الاسس فإن افاق التعاون معه لا حدود لها ورحبة للغاية ، ولكن أي طرف أخر يتجاوز هذه الاسس يكون في مشكلة ومصر تكون لها وقفة معه ".
وأضاف " لا صحة إلى كل ما يقال ان مصر تسعى إلى تغيير المعادلة داخل قطاع غزة ، وهي تقول انه خيار وشأن داخلي للشعب الفلسطيني ، وان أي تغيير للمعادلة الموجودة في قطاع غزة يكون من خلال خيارات الشعب الفلسطيني ، وعن طريق المصالحة ولا يوجد أي نية مصرية في التدخل بشؤون الحالة الفلسطينية الداخلية ".
وتابع " لا يوجد نية مبيته للعدوان على قطاع غزة كما قيل ببعض التصريحات ، ومصر لم تطلق رصاصة وحداة على الشعب الفلسطيني والتاريخ يثبت ذلك والجيش المصري هو الذي حافظ على هذه البقعة الشريفة الطاهرة قطاع غزة بدماء أبنائه" .

س : كيف نظر الطرف المصري للانقسام الفلسطيني ؟
ج "السفير عثمان الانقسام اكبر تحدي يواجه القضية الفلسطينية بالوقت الحالي ، لان الاحتلال خطر واضح ونتفق على كيفية مواجهة الاحتلال ، لكن الانقسام هو اخطر من الاحتلال لأنه نابع من الداخل ولا يمكن مواجهة الاحتلال بوجود الانقسام ".
وأضاف " خط الدولة المصرية بالسياسة الخارجية هو خط ثابت ولا يتغير بغض النظر عن تغيير الانظمة السياسية وهذا هو عبقرية السياسة المصرية ، وبقت مصر راعية للقضية الفلسطينية وأولوية عندها انهاء الانقسام كأحد أولويات الدولة المصرية" .
وقال " الانقسام الفلسطيني موضوع صعب لأنه إنهاءه يتطلب التوحد جميعا خلف مشروع واحد وهو موجود بالاتفاق على انهاء الاحتلال وهو الهدف المشترك لكل الفصائل الفلسطينية بغض النظر عن وجود أساليب ووسائل مختلفة ، لكن يمكن الاتفاق عليها داخل مشروع إنهاء الاحتلال ، وكمصر نرى عوامل وعناصر الوحدة الفلسطينية موجودة ، والمطلوب هو إرادة سياسية واعتقد ان الإرادة الشعبية موجودة وجارفة لإنهاء الانقسام ".

س: هل كنت تتمنى ان يتوج عملك بإنهاء الانقسام الفلسطيني خصوصا ان مصر اهتمت بهذا الامر بشكل مكثف ؟
ج السفير عثمان " كنت أتمني ان ينهي الانقسام خلال الفترة التي عملت فيها ، خصوصا ان هناك فترات امال كبيرة وشارفنا فيها على انهاء ملف الانقسام من خلال الجهود المصرية ، ولكن آمل ان اشهد خلال موقع عملي الجديد كمساعد وزير الخارجية المصري لشؤون فلسطين، انجاز المصالحة الفلسطينية خصوصا ان اكبر خطر يمثل القضية الفلسطينية الاحتلال والانقسام الفلسطيني واتمنى ان ينتهي وان ينطلق الشعب الفلسطيني نحو افاق رحبة نحو مستقبل افضل ان شاء الله ".

س : علاقة الانقسام ودفع قطاع غزة باتجاه مصر ؟
ج السفير المصري " الجانب الإسرائيلي دائما لديه مخطط لتقطيع اوصال الوطن ومحاولة ازاحة قطاع غزة باتجاه مصر والضفة الغربية باتجاه الاردن وهذا موجود في أدبيات السياسة الاسرائيلية ، ونحن نقول ان قطاع غزة جزء من الوطن الفلسطيني والموقف الفلسطيني والمصري هو المهم وهو موقف وطني ويرفض هذه المشاريع ، ويصر ان لا دولة بدون قطاع غزة ولا يمكن اختزال الدولة الفلسطينية في قطاع غزة" .
 

لماذا أغلقت مصر الإنفاق الحدودية بعد ان غضت الطرف عنها بأوقات سابقة ؟
ج السفير ياسر عثمان " جاء إغلاق الإنفاق في هذه المرحلة خلال الأشهر القليلة الماضية كضرورة لحماية الأمن القومي المصري بالأساس بكل صراحة ووضوح ، وكان موقف مصر ان تمديد احتياجات قطاع غزة مسؤولية الاحتلال الإسرائيلي ، ونحن نعتبر ان قطاع غزة تحت الاحتلال ويسيطر على المداخل الحيوية للقطاع ويحاصره من جميع الجوانب ، وبالتالي هي المسئولة عن احتياجاته وفق القانون الدولي ".

س: كيف تنظر إلى اتهامك بالتنسيق مع المخابرات الفلسطينية في حملة تحريض ضد حماس ؟
ج"السفير عثمان نحن نعمل بشكل وطني وحرفي لخدمة المصالح المصرية والفلسطينية ومصر كبيرة ولا تدخل في مهاترات وعملنا يثبت ويدل علينا ويثبت وطنيتنا ونحن نتحمل أعباء كثيرة في موضوع التهدئة والمصالحة وتخفيف الحصار الاسرائيلي ".

س : هل يوجد رضا سياسي مصري على اتفاق التهدئة الذي رعاه ووقع بعهد الرئيس السابق محمد مرسي بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل ام كان في ظرف معين وخارج خط سير السياسة المصرية ؟
ج السفير المصري " اتفاق التهدئة الموقع في 2012م برعاية مصرية ، كان خيار من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية ، واعتقد انه خيار صحيح لأنه يصب في حماية الشعب الفلسطيني وهو مصلحة مصرية أيضا ، واستطيع ان أقول ان الاتفاق حقق ذلك ، ونعمل بمصر حاليا على الحفاظ على هذا الاتفاق ، وجزء من المسؤولية المصرية تثبيت التهدئة ومنع العدوان على أبناء الشعب الفلسطيني ".

س: كيف تنظر مصر لتماسك حركة فتح وما قيل من دور مصري لإرجاع محمد دحلان ؟
ج: السفير عثمان" نحن لا نتدخل في الشؤون الداخلية للفصائل ومصر مع الشرعية الفلسطينية ، وتتعامل مع الأطر الموجدة داخل الفصائل الفلسطينية ".

س: هل يوجد تخوف مصري على مستقبل السلطة الفلسطينية بعد مرحلة الرئيس محمود عباس ؟
ج: فضل عدم الاجابة على السؤال ، واكتفي بالقول "المرحلة القادمة مرحلة الدولة الفلسطينية وتعزيز صمود مؤسسات الدولة الفلسطينية ومواجهة الاحتلال والعبور لمرحلة الاستقلال التام .

س: موقف أو مشهد سيبقي ماثل في ذاكرتك خلال عملك بفلسطين ؟
ج السفير عثمان "الشيء الذي لا ينسي في ذهني هو منظر قبة الصخرة والمسجد الأقصى وكيفية انقاذه من المخطط الذي يحاك ضده ، والاتفاق على هذه القضية التي تجمعنا جميعا لأنه اشرف بقعه تحتاج لتضحية ".

س : متى ستسلم مهامك وتغادر فلسطين ومن هو السفير الجديد ؟ً .
ج السفير عثمان " سأغادر بعد منتصف هذا الشهر وسيتم الإعلان عن زميل قريبا ، وآمل أن يمكنني موقعي الجديد كمساعد وزير الخارجية المصري لشؤون فلسطين من متابعة القضية الفلسطينية بشكل أكثر فاعلية لخدمة الشعب الفلسطيني ".

وختم السفير المصري " كي تفهم النفسية المصرية بقوة حبهم لجيشهم ووطنهم عندها تفهم لماذا المصري لا يتهاون مع من يسئ لمصر كما ولا ينسى من وقف مع مصر ، وبالتالي يجب فهم هذه النفسية والوطنية لكي تفهم كيف تنظر مصر للأمور ، ونحن لا نقبل الإساءة لمصر ، والعلاقة مع الشعب الفلسطيني علاقة قرابة ودم وستبقي كما هي قوية بإذن الله."

حاوره / طارق الزعنون

المصدر: رام الله - وكالة قدس نت للأنباء -