لا أعرف حركة فتح إلا راعية للوفاق الوطني، وداعمة للإخوة والتسامح، وهذا ما شهدناه من سلوك الأخوة في حركة فتح؛ الذين التقيت بهم في سجن نفحة وسجن الرملة وسجن عسقلان وسجن بئر السبع وسجن غزة، وهذا ما انعكس أخيراً على تصرفات قادة حركة فتح في قطاع غزة، حين آثروا المصلحة العامة على مصلحة الفرد، فتقدموا خطوة على طريق المصالحة الميدانية، وشاركوا في تشكيل اللجنة الوطنية للتنمية والتكافل الاجتماعي.
المشاركون في اللجنة التي تشكلت يمثلون ستة فصائل فلسطينية، حددوا مهمتها في إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ومن ثم توزيعها بشكل مركزي بالتعاون مع الجهات المختصة بالقطاع، ومن مهمات اللجنة المشتركة مد جسور التواصل بين أبناء الفصائل الفلسطينية على الأرض، وهذا هو عين العقل السياسي الذي يبدأ بالمشاركة الميدانية.
اللافت في أعضاء اللجنة الوطنية المشتركة الذين يمثلون حركة فتح أنهم نوّاب في المجلس التشريعي الفلسطيني، جرى انتخابهم من قبل الشعب بشكل ديمقراطي، وهذا ما يعطيهم الثقة بأنفسهم قبل أن يلقي على كاهلهم عبء الوفاء للشعب الذي وثق فيهم، وانتخبهم، وفي تقديري أن مصلحة الوطن هي دافعهم للمشاركة في اللجنة التي قال فيها النائب أشرف جمعه: إن مهمة اللجنة ستكون إنسانية ولا علاقة لها بالسياسة، وستعمل على إدخال المساعدات إلى قطاع غزة .وأكد جمعة أن النائب في المجلس التشريعي عن حركة "فتح" محمد دحلان له علاقة باللجنة الوطنية، وسيساعد في عمل هذه اللجنة عبر المؤسسات الخيرية في الإمارات.
إلى هنا وأمر الشراكة بين الفصائل تسير وفق هوى سكان قطاع غزة، وتنسجم مع تطلعاتهم الوطنية، ولا يعكر صفوها إلا هجوم اللجنة المركزية لحركة فتح، حين أصدرت بياناً أكدت من خلاله أن من قام بالادعاء بتمثيل حركة فتح فيما يسمى بلجنة التكافل، بأن هؤلاء لا يمثلون فتح ولا علاقة لنا بهم، ولا علاقة لحركة فتح بما يسمى لجنة التكافل، وأي مشاركة يجب أن تكون بتكليف من اللجنة المركزية للحركة.
فماذا يقول غالبية سكان قطاع غزة عن بيان اللجنة المركزية:
1- إذا كان نواب المجلس التشريعي المنتخبون من قبل الشعب الفلسطيني لا يمثلون حركة فتح، فمن هي حركة فتح هذه التي تمثلها اللجنة المركزية؟ ولأي شعب تنتمي؟
2- وإذا كان العمل الوطني الجماعي الهادف إلى تخفيف للحصار عن قطاع غزة لا يعجب مركزية حركة فتح، فهل مواصلة حصار غزة هو منهاج اللجنة المركزية لحركة فتح؟
3- وإذا كانت المصالحة الميدانية بين الفصائل الفلسطينية لا تعجب مركزية حركة فتح، فهل مواصلة الطعنات والصراع والصراخ والخلاف والانقسام هو منهاج حركة فتح؟
4- وهل صارت حركة فتح فتحين؛ فتح القرار الفوقي والسيادي الذي يتصادم مع مزاج الجماهير، وفتح القرار الميداني والعملي الذي رقصت له قلوب الشعب الفلسطيني؟
لقد عزز تصريح حسين الشيخ رئيس الهيئة العامة للشئون المدنية من حالة الشك لدى الجماهير الفلسطينية، ولاسيما حين أكد أن موافقة الإسرائيليين على إدخال ألف طن من الأسمنت للمتضررين في غزة، قد جاءت بعد توجيهات مباشرة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس للضغط على الجانب الاسرائيلي لإدخال ما يلزم للمتضررين من المنخفض الجوي
فإذا كان وصول بعض الإسمنت لقطاع غزة قد جاء نتيجة لضغط السيد عباس على الإسرائيليون، فلماذا لا يواصل الضغط لتسهيل عبور البضائع؟ ولماذا لا يضغط لنقل المرضى، وتوفير فرص عمل؟ ولماذا لا يضغط على الإسرائيليين لوقف عدوانهم على غزة؟ ولماذا لا يسابق الآخرين في التوجه العملي نحو المصالحة والمصارحة؟