حتى لا تختلط الاوراق وتضيع الحقيقة...!!!

بقلم: طلعت الصفدي

لمن لا يرى كونه كفيفا ،ولمن لا يسمع كونه اصما ،ولمن لا يفهم او لا يريد ،فخلط الاوراق في هذه المرحلة الدقيقة لن يخدم الهدف الوطني ،ويخلق بيئة تساهم في التشويش والبلبلة بين المواطنين ،فتصريحات بعض السياسيين والإعلاميين الذين يحاولون تسييس الاخبار ،وإخراجها من سياقها المهني  ،وهم بحكم اخلاقيات المهنة الامناء على حقيقتها ،ومحاولتهم حرف مضمون زيارة وفد من رجال الاعمال والتجار الى اسرائيل ،ولقائهم بعض المسؤلين في ادارة الشؤون العربية للمطالبة بسد حاجات القطاع من السلع والمواد الضرورية التي يحتاجها المواطنون بعد الحصار الاسرائيلي الظالم على القطاع برا وبحرا وجوا ،وتحكمها بحركة المعابر الحدودية ،وسد كل المنافذ وتضييق الحياة على المواطنين بهدف خلق حالة من اليأس والإحباط ،وحرف نضالهم عن العدو الحقيقي ،والهاء شعبنا بقضاياه اليومية وتلبية حاجاته المعيشية التي كانت لحد ما توفرها  انفاق التهريب .

وحسب المعلومات المتوفرة فقد تم ترتيب لقاء المجلس التنسيقي للقطاع الخاص بغزة بمعرفة دائرة الشؤون المدنية برام الله وغزة ،ولم يكن سرا بأي حال من الأحوال اللقاء مع المنسق العام للشئون الاقتصادية في معبر بيت حانون ( ايرز ) وهو المسئول عن قطاع غزة ومعابرها ،وهو من يحدد الاصناف والكميات والأنواع التي تدخل القطاع.

 لقد ضم الوفد كل من رؤساء القطاعات التالية :

1-    قطاع البترول والغاز ورئيس جمعيات البترول .

2-    قطاع الصناعات ويمثله رئيس الاتحاد العام في الصناعات .

3-    قطاع المواد الغذائية والصناعات الغذائية .

4-    قطاع المقاولات والإنشاءات ويمثله رئيس اتحاد المقاولين .

5-    جمعية رجال الاعمال بجميع قطاعاتها  .

ان اغلاق المعابر أدى الى نقص حاجات المواطنين ،وتراكم المشاكل الاقتصادية والمجتمعية والصحية ،وأهمها نقص الغاز حيث يدخل معبر كرم ابو سالم 6 شاحنات غاز يوميا حمولتها تعادل 120 طن ،مع العلم ان حاجات القطاع يوميا تزيد عن 280 طن ،وان حاجة القطاع الخاص من البترول والسولار والبنزين للمواطنين ما بين 300 الف الى 350 الف يوميا في حين يسمح فقط بدخول 180 الف لتر ،وبخصوص قطاع الانشاءات ،فمع توقف دخول الاسمنت الى القطاع سبب في تعطيل عجلة الحياة  ومعها تفاقمت البطالة ،حيث كان يعمل فيه أكثر من 60 الف عامل بصورة مباشرة بخلاف المهندسين والاستشاريين والإداريين وملاحقتها ،ونقص العديد من السلع والبضائع ذات الأهمية لحياة المواطنين التي يفتقدها جراء الحصار وإغلاق كافة المعابر تعطلت معها سبل الحياة الكريمة والإنسانية.وحسب المعلومات المتوفرة فلم يكن هناك نقاشا سريا بل على المكشوف ،وتم طرح المشاكل التي تواجه المواطنين في القطاع ،وطالب المجتمعون في  اللقاء الحاجات التالية:

1-    السماح بتصدير منتجات القطاع الى الضفة ،ولديه صناعات واسعة وطاقة انتاجية عالية ،مما فرض على المصانع أن تعمل فقط ب 1/3 طاقتها الانتاجية وارتفاع نسبة البطالة في القطاع  وتضخم وكساد في غياب السيولة النقدية كما تسمح بدخول منتجات الضفة الغربية الى قطاع غزة .

2-    الموافقة على دخول غاز ثاني اكسيد الكربون So2 اللازم لمصانع المشروبات الغازية ،واستمرار منعه  يؤدي الى توقف المصانع عن العمل ،والاستغناء عن العاملين وإضافتهم  الى جيش العاطلين عن العمل ،وطالب الوفد بإلاسراع في ادخاله.

3-    السماح بإدخال الماكينات والآلات اللازمة لتطوير القطاع الصناعي في غزة .

4-    طالب الوفد بزيادة عدد الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية لتفي بحاجات السكان،وبتسهيل حركة رجال الاعمال والاتحاد العام للصناعات من غزة الى الضفة وزيادة عدد التصاريح الممنوحة لهم.

5-    المطالبة بإدخال الاسمنت وكل مستلزمات مواد البناء .

لقد فوجئ الوفد أثناء هذا الاجتماع بدخول المنسق العام الاسرائيلي دان جوت والبدء بتسليمه على الوفد ،ومعه مراسلو القناة العاشرة يأخذون مجموعة لقطات أثناء تسليمه على أعضاء الوفد . ومن الملاحظ ان هذا اللقاء تم منذ اكثر من شهر وجرى عرضه والحديث عنه في القناة العاشرة منذ اسبوعين فقط ،مما يؤكد النية الخبيثة للقناة العاشرة  بهدف تشويه سمعة رجال الاعمال والتجار وقولبة الحقيقة للحديث عن السلام الاقتصادي ،وللأسف فقد تناولته احدى القنوات الفضائية الفلسطينية وبعض المواقع الالكترونية دون تمحيص والبحث عن الحقيقة ،فرجال الاعمال والقطاع الخاص الفلسطيني هم جزء من الشعب الفلسطيني وهم وطنيون ومتمسكون بأهداف شعبنا في تقرير المصير والحرية والاستقلال والعودة. وكما صرح بعضهم بأن لقاء الوفد لا يتقاطع مع تصريحات بعض السياسيين الفلسطينيين الذين يحاولون ،دعوة رؤساء احزاب اسرائيلية صهيونية لا يعترفون بحقوق الشعب الفلسطيني ،وبعقد اللقاءات والقدوم الى الارض الفلسطينية ،بهدف تخريب نجاح الدبلوماسية الفلسطينية ،وتعطيل تصاعد وتيرة المقاطعة الاوربية لإسرائيل وبضائع المستوطنات ،فالحكومة الاسرائيلية تنظر وتتابع بقلق بالغ تزايد حجم المقاطعة الدولية لها ،مما أضطر بوزير الاستراتيجية والاستخبارية الاسرائيلية تخصيص موازنة قيمتها 100 مليون شيكل كجزء من تحرك اسرائيلي لمواجهة المخاطر الاقتصادية والمعنوية التي تصيب اسرائيل ،والمستوطنات والشركات التي تتعامل معها. ان القطاع الخاص عليه واجب العمل على انهاء معاناة المواطنين ،وعلى حكومتي رام الله وغزة ،وجميع المؤسسات التشريعية والتنفيذية العمل موحدين على حل مشاكل الناس ،فالمسؤولية الوطنية والدينية والأخلاقية يتحملها الجميع .

لقد استجاب المسئولون الاسرائيليون لبعض مطالب الوفد مثل ادخال 1000 طن من الاسمنت لحساب متضرري المنخفض الجوي ( اليكسا ) ،وموافقتهم على امداد خط آخر للغاز على طريق انهاء أزمة الغاز التي يتعرض لها القطاع ،وإنشاء ستة مشاريع دولية بقيمة 250 مليون دولار  ،وزيادة كمية البترول للقطاع .

ويبقى السؤال وبصوت عالي ،لماذا استجاب المسئولون الاسرائيليون لبعض مطالب وفد القطاع الخاص ؟ هل هو نتاج احساسهم بعزلة اسرائيل الدولية ،وارتفاع وتيرة مقاطعتها دوليا ،وتصاعد إحراجها امام المجتمع الدولي بسبب حصارها غير المبرر لقطاع غزة ، ومحاولة تحسين صورتها دوليا ؟؟ ام انها تدرك اقتراب موعد غليان الشارع الفلسطيني وإمكانية الانفجار في وجهها في اية لحظة ؟؟ ام انها تحاول فتح طريق السلام الاقتصادي بديلا عن المفاوضات الجارية بسبب فشل كل الضغوط الامريكية والإسرائيلية على  القيادة الفلسطينية التي لا زالت متمسكة بالثوابت الوطنية وبحقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة طبقا لقرارات الشرعية الدولية ؟ .