(1) مبادرة المستشار القانوني للرئيس
حركت مبادرة المستشار القانوني للرئاسة المياه الراكدة، أو هي محاولة لإطفاء النيران المشتعلة في "العدالة" الناتجة عن الفعل ورد الفعل من بيانات وإضرابات وشطب قضايا المتخاصمين. على الرغم من ان المبادرة لا تقدم حلا شاملا للمشاكل والقضايا التي تعيق العمل وتؤثر على سير العدالة أو عين العدالة، إلا أنها تقدم حلولا معقولة. واعتقد انها متناسبة في اطار خلق أجواء ايجابية ما بين نقابة المحامين ومجلس القضاء الاعلى لبدء حوار جدي لعملية اصلاح الجهاز القضائي.
رغم تخوفي الدائم من تدخل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية إلا أن المبادرة قد تمنح الاطراف المتخاصمة فسحة لنقاش قائمة المطالب والوصول الى تفاهمات بشأنها. وهنا لا بد من التأكيد من أن الاضراب هو وسيلة نضالية تهدف الى نقاش المطالب تحت الضغط لتحقيق إما جلها أو بعضها، وهي تخضع لآليات التفاوض كأخذ مصالح الاطراف وقدراتهم بعين الاعتبار، ولن نستطيع تطبيق النظرية الصفرية "الكسب بقدر خسارة الطرف الاخر" في معادلة العمل النقابي، أو تطبيق المثل الشعبي "اما لعيب أو خريب". كما يتطلب الامر فتح قناة مباشرة، أو خلفية من بين كبار "شيوخ" القضاة والمحامين لتذليل العقبات أمام عقد اجتماع أو لقاء ما بين ممثلي النقابة ومجلس القضاء الاعلى لبدء نقاش ووضع تفاهمات لإنهاء الاضراب وبدء سير العمل في المحاكم الفلسطينية لما لها من تأثير على حياة المواطنين وحقوقهم.
بالتأكيد لا يقتصر الاصلاح المطلوب في الجهاز القضائي على التعديلات القانونية في عدة قوانين فقط، بل هي متعددة الاوجه من تحسين رواتب القضاء لتكون مشجعة لاستقطاب محامين ذوي خبرة، وتحسين مباني المحاكم وقاعاتها، وتطوير ثقافة وفهم هيبة القضاء والمحكمة واحترام القاضي وتحديد الخط الفاصل ما بين الحزم الواجب واحترم كرامة المحامين والمواطنين، وإلزام تنسيب رئيس المحكمة العليا من قبل مجلس القضاء الاعلى من بين اعضاء المحكمة العليا دون غيرهم؛ بعد رؤية الدخان الابيض الصادر عن اجتماع هيئة المحكمة العليا لاختيار قاضٍ من بين أعضائها.
(2) رامي مهداوي ويهودية الدولة
بمبادرة من الصديق رامي مهداوي عقد نادي المقال لقاءً تحت عنوان "فلسطينو الداخل: خطة كيري ويهودية الدولة". دعا فيها د. أحمد الطيبي لتقديم رؤيته وتفسيره لمعنى يهودية الدولة دون الاغفال عن تقديم موقفه.
واعتقد أن الاهتمام الذي حظي به هذا اللقاء من قبل الاعلاميين والكتاب جاء ليس بسبب حب رام الله وأهلها للنائب العربي، أو بلاغة خطابه بل أيضا لتعطشهم لفهم معنى الاعتراف بيهودية اسرائيل في ظل غياب منطق المحاججة والتفسير والتوضيح لموقف الفلسطينيين من رفض هذا الاعتراف مما يجعله غير مفهوم من قبل الاخرين لعدم توضيح الاسباب.
الشكر هنا ليس لعقد اللقاء بحد ذاته، فنحن نحضر عشرات اللقاء ونستمع لعشرات المحاضرين، لكن الشكر بالأساس للتفسيرات الواضحة والحجج الدامغة التي قدمها د. احمد الطيبي، ووضوح الرؤية وتحديد النواقص وأوجه التقصير دون جلد للذات بل لتطوير الخطاب وأساليب العمل. والشكر أيضا للتعرف على عمل هام يُعد له لتحديد ورقة موقف أو حقائق متكاملة في هذا السياق سيعلن عنها قريبا في اطار تكامل الادوار.
وهنا ينبغي القول أن الخطاب يجب ان يقنع الاطراف الشريكة والداعمة للفلسطينيين والأطراف الاخرى ذات المصلحة في عملية المفاوضات قبل اقناع الفلسطينيين بهذا الموقف أو ذاك. كما ينبغي تشجيع المبادرات كـ "نادي المقال" لفتح حوار "مسائي" عقلاني منفتح قائم على الحوار بعيدا عن تصلب المواقف السياسية الجامدة والشعارات الرنانة، وكذلك عن هَمِ العمل وضغط الوقت النهاري.. شكرا رامي أيضا على المبادرة.