إلى الذين يحتفلون بعيد الحب ..!!

بقلم: حامد أبوعمرة

ليس غريبا أن يسألني ابني الصغير باقتضاب ٍ شديد عن السبب حيث قال : يا أبي.. لما لا يمنحوننا إجازة بهذه المناسبة قلت وأي مناسبة قال : أنسيت أن اليوم عيد الحب..ضحكت وغيرت مجرى الحديث فأي عقل مثل أولئك الصغار الأبرياء يمكن أن يستوعب ما أقول له .. لكني أخذت على عجالة قصاصة ورقية ودونت فكرة كانت مغيبة عن خاطري .. قد يتهمني الكثيرون بالتطرف الشعوري ،أو الشذوذ عن الحضارة الرومانسية.. إن قلت أني برغم عدم إنكاري للحب الذي هو أسمى، وأرقى العلاقات الإنسانية بين البشر.. ولكني وهنا أخص بالذكر علاقة الحب بين الشاب والفتاة على أن يكون ذلك عبر طرائق شرعية متمثلة في مركزية واحدة فقط هي " الزواج الشرعي".. إلا أني أستهجن وبشدة كل الذين يحتفلون بعيد العشاق أو عيد الحب أو يوم الحب أو "يوم القديس فالنتين"أوغيره من المسميات التي تنخر في حنايانا كما ينخر في الغصن نقار الخشب أو كالسرطان حين ينخر بالعظام ، ولن أقول هنا كما قال المثل الروماني القديم :" أن كل الطرق تؤدي إلى روما..!!"بل كل مثل الطرائق تؤدي إلى مالطة لكن ..بعد رحيل الاحتلال الفرنسي عنها مباشرة بقيادة نابليون بونابرت.. حيث أمست آنذاك خرابا ودمارا.. !! ،وقد يتساءل البعض ولما هذا الهجوم الصاروخي المدمر في يوم الحب.. إلا أني أجيبهم أنه إذا كان الاحتفال بمثل تلك المسميات فهي تقاليد ليست بجديدة بالنسبة للغرب ،لكن وما شأننا كعرب وكمسلمين بهذا الشأن.. في أن نتبعهم كما الغاوين للشعراء والشعر .. أليس ذاك الاحتفال والذي أرفض تسميته بعيد أو يوم الحب أو غيره مما أسلفت بل أني أطلق عليه"حب التوك أوي --Take awayوهنا الأمر يختلف لأنها عاطفة وهمية تحمل بين خباياها شحنة فارغة مقيدة بمدة لاتتجاوز24 ساعة" فقط غير قابلة لتجديد الرصيد ..أليس ذلك يتنافى مع تعاليم ديننا الحنيف ،أليس ذلك يتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا أيضا ..فما علمنا أن هناك أعياد غير عيد الفطر وعيد الأضحى ..فمن أين إذا أتت وانشطرت فينا مثل تلك الأعياد كنوية ذرة اليورانيوم أعياد لا تنتهي على مدار العام كأعياد الأمومة والعمال والاستقلال وأعياد الميلاد والطفولة وغيرها ..أليست كل الاحتفالات هي مظهر من مظاهر الدعوى المجانية للانسلاخ عن الدين ،ومحاربة العقيدة ..؟!! وإذا تمسكنا بمثل تلك المؤامرات والدسائس فماذا سنورث لأبنائنا إذا وسط الفتن التي اخبرنا عنها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال وقوله الصدق: " تكون في آخر الزمان فتن كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ". وكيف يمكن التعامل مع أفراد مجتمعاتنا إذا كانت تلك هي ثقافتهم ،وتقاليدهم عندئذ لو حاولنا بشتى الطرق أن ننقذهم ليلحقوا بالسفينة ..سفينة النجاة قبل الطوفان سيقولون :سنأوي إلى جبل ٍ يعصمنا..!! ومنهم من سيقول بكل تهكم وإسفاف كما قالت الجاهلية الأولى :أنترك ما وجدنا عليه أبائنا وأجدادنا إنهم حينئذ ينطبق عليهم قول الحق سبحانه وتعالى والذي أخبرنا عن الذين ضلوا واتبعوا أهوائهم {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } وقوله سبحانه وهو خير القائلين :" أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا"
إذا ما أصبو إليه يا أحبابي في أرجاء المعمورة .. هو عدم التقليد الأعمى للغرب بزعم ٍ منا على انه تحضر ورقي تجنبا لاغتيال موروث جديد قديم يُعرف بالغباء الوارثي والذي كاد أن يجتاح أواصرنا ليدحرجنا على شفا حفرة من النار وكذلك ما أدعو إليه ليس مجرد المخالفة والنقد لمجرد النقد .. بل الدعوى إلى ديمومة الحب الناجم عبر الدخول من الأبواب الرسمية ،وليس الحب المحرم .. ألا يكفينا قول الحق سبحانه وتعالى في آية أذكرها أو جزء من آية والله برأيي لو تدبرنا معانيها لتخلصنا من عوائق كثيرة ومشاكل خطيرة باتت تهدد مجتمعنا العربي ولما سمعنا مثلما نسمع اليوم من غرائب من ازدياد شنيع في حالات الطلاق ،أو الخيانة والتفكك الأسري أو غيره من القضايا الحساسة التي تدمر كينونة المجتمع إن هذه الآية تتكلم عما أعمق من الحب بكثير لأنها تخاطب الروح والجسد والعقل والوجدان ..تخاطب السلوك الإنساني المنضبط ..آية تحتاج منا إلى وقفة تأمل إلى ترجمات ومؤلفات ومراجع يجب أن تدرس في مدارسنا وجامعاتنا وهذه الآية هي من قول الله تعالى : "وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"
هل يمكن أن نتعظ فنغير في واقعنا كل مثل تلك الطفرات الهدامة أم أن حالنا سيبقى كاللصوص الذين يسرقون منا أي شيء وكل شيء عبر النوافذ أو تكسير الأبواب ..وعندئذ نحتفل بعيد ٍ جديدٍ قادم هو عيد البغض والكراهية والنفاق ؟!!