حين تتحول الكتابة بالحبر إلى وسيلة غير مجدية للتعبير عن محنة الوجود الإنساني، يجب أن نكتب بدمائنا لأن “ما يكتب بالدم لا يقرأ فقط بل يُحفظ عن ظهر قلب” كما يقول فريدريك نيتشه ، لذلك كله وغيره كثير، ، ها أنا الآن أكتب بالحبر، وقد أضطر يوماً للكتابة بدمي على الجدران وأرصفة الشوارع ، أو على الأقل كما يفعل بعض ممن تقطعت به السبل من أصحاب الملفات المغضوب عليها من قبيل فرسان 2005 أو المقطوعة رواتبهم بتقارير كيدية أو أو أو ..... والقائمة تطول ، وخصوصاُ أن البعض منهم أفترش الأرض منذ شهور على أمل أن يعود الحق المغدور .
وبعيداً عن الجدل المتجدد في كل عام حول مدى شرعية هذا العيد ، وانطلاقاً من البعد الإنساني في هذه المناسبة أكتب لكم يا سيدي بعدما طُعن الحب وأُلقي في غياهب الجب ، وما زال ينتظر منذ سبع سنين بعض السيارة لعله يجد في بعضهم علامات الصلاح ويظهر على محياهم التقوى والفلاح ، ممن لديهم القدرة على بلسمة الجراح ، والقطيعة مع الماضي الأليم الذي ذهب بكل ما عليه وأراح .
أكتب لكم يا سيدي في هذه المناسبة بعدما توسمنا فيكم الخير وما زلنا نظن أنكم غير، فيا سيدي تمعن في الصياغة جيداً ، ألا ترى الذّل يقطر من حروفها؟ ألا يطالعك القهر وهو يرزح تحت أرقامها؟ إذن دعك من هذا، ولا تنتظر منّي أمراً مماثلاً.
سامحني دولة رئيس الوزراء ، وتحمّل قسوتي عليك مرة واحدة، فإنّ لقسوتي شفيعاً وهو أنّي تحمّلت قسوتك ومن كان قبلك عليّ آلاف المرات ، أنا لن أتفنن في إطلاق الأوصاف ولن أعايرك بالاستنكاف كما عايرتني، ولن أطعنك بقرارات تُطبخ بليل وتُنفذ بدون أية إعتبارات وطنية وبكل عنصرية وبلا رحمة ولا إنسانية ، كما أنني يا سيدي لن أتخلى عن دعمكم في وجه الصعوبات والعقوبات التي ربما ستواجهونها وستجدون فينا ملاذاً وحصناً تتكسر عليه هذه المؤامرات ، وحاشا لله يا سيدي أن أعاملكم بالمثل فمن عشق البندقية وتنسم هواء غزة الأبية يعرف أنها مصنع الرجال وأخوات الرجال ويعرف أنها حامية الوطن والوطنية وعلى مر الأزمان كانت هي حارسة القضية .
في عيد الحب تذكر يا سيدي أنني من طعنته الحكومات السابقة فصبر ، واحتقرته فغفر، وتنكّرت له ولدوره وتاريخه فما خان وما غدر ، وما أصدق وصف الشاعر حين يصف حالتي ويقول : بلادي وإن جارت عليّ عزيزة وقومي وإن ضنّوا عليّ كرام .
فيا سيدي في عيد الحب نقول لك نحن أبناء الوطن في المدن والمخيمات ، في غزة والضفة والشتات ، نحن مكسوري الفؤاد ، نحن الذين نعاني ظُلم العباد ، ونحن القابعين على أرصفة وهامش السياسة وعلى الحياد ، ونحن الهائمين على وجوههم ، لا نريد من الحكومة شيئاً غير أن تعيد لنا نضارتنا التي ذهبت، وكرامتنا التي أُريق ماؤها، ووجهنا القديم بنظراته الشهباء وأنفه الذي كان يناطح الجوزاء والذرى الشم التي لم يتطأطأ لها جبين في زحمة ضجيج الحياة...
يا سيدي إذا كنت تعتقد أن بمقدور هذه الحكومة في ظل الأزمة الاقتصادية والمعضلة الاجتماعية وتنافر الوجدان الوطني، ووسط ركام الدخان والحريق والبارود في كل مكان خلف الجدار وفي غزة ورام الله وعلى أبواب الحرم وفي القدس وفي اليرموك وفي لبنان ، أن تفعل شيئاً، فعليها أن تفكر أولاً في رسم ملامح الوطن من جديد، بأمنه وسلامه وأفراحه الكبرى والصغرى وأغنياته وأمنياته وحكايات المساء وطمأنينة الليالي الوادعة، حيث كان الليلُ للسمر والسهر والنَّهار للكدّ والعمل، والنفوس راضية والقلوب صافية والأعين ملأى بالثقة والعز والكبرياء..
في عيد الحب يا سيدي لسان حال المواطنين يقول ، لقد سحقتنا الأزمات الاقتصادية حتى تيبَّست أجسادنا من عوزها وفقرها، و إمتلائت وإنتفخت بطون قلة آخرين ونعمت جلودهم وصارت ملساء كلوح الزجاج، وتعطَّل الإنتاج وانحسر الصادر وكثر الهامشي والكمالي من الوارد، وتضخَّم الفساد وطغى وقلَّ المعروف وضاعت المروءة ومات الضمير..
ولقد تعبنا يا سيدي من كثرة الحروب والنزاعات ويصر البعض أن يصطنع نعرات مناطقية للتفريق بين أبناء الوطن الواحد في المعاملة في تلاعب خطير بنار لفحت وجوهَنا ولا نريدها أن تذهب عقولنا ، فلم يبقَ من جسد الوطن شبرٌ إلا وفيه طعنة رمح وضربة سيف، وماتت الحكمة والعقل والرُّشد فيه... كما تموت الحمير !!!!
في عيد الحب يا سيدي لا أتذكر كم مرة فكّرت في قول الشاعر: وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى وفيها لمن خاف القلى متعزّل فما ردّني عنها إلا ثرى الآباء وصلة الأرحام وعيون الأبناء، ولكن إلى متى سأظل مهاناً في بلادي، ، أما لهذه المهزلة من نهاية؟
وختاماً في عيد الحب يا سيدي أتمنى لكم ولمن تحبون السعادة وأتمنى عليكم إرسال رسالة أمل لمن ضاقت عليهم الدنيا بما رحبت، لعل البسمة تعود على وجوه ما عرفتها منذ سنوات مضت فهل تفعلون !!!! وللحديث بقية .